الفصول المهمة في معرفة الأئمة - ابن الصباغ - ج ١ - الصفحة ٤٠٦
السابق
ألفا، فأرسل علي (عليه السلام) عشية اليوم الثالث من نزولهم عبد الله بن عباس إلى طلحة والزبير بالسلام، وأرسل طلحة والزبير إلى علي بالسلام، وترددت الرسل بينهم في الصلح فتداعوا إليه، وشاع ذلك في الفئتين فسر الناس بذلك وباتوا بليلة لم يبيتوا بمثلها من الفرح والسرور. ولما أشرفوا عليه من الصلح وبات الذين أثاروا أمر عثمان بأسوأ ليلة لما رأوه ونظروه من تراسل القوم وتصافيهم، فباتوا يتشاورون ليلتهم فأجمع رأيهم على إنشاب الحرب مع الفجر.
[قال:] فلما كان غلس الصبح ثاروا إلى أصحاب طلحة والزبير، مضرهم إلى مضرهم، وربيعتهم إلى ربيعتهم، ووضعوا فيهم السلاح، فثارت كل قبيلة إلى أختها، وقام الحرب بينهم وثبت القتال، ولم يدر الناس كيف الأمر ولا كيف كان (1). فقام في الميمنة أصحاب [طلحة] عبد الرحمن بن الحارث (2)، وفي الميسرة عبد الرحمن [بن] عتاب (3)، وفي القلب طلحة والزبير (4) فقالوا لأصحابهم: كيف كان هذا الأمر؟

(١) سبق وأن أشرنا إلى ذلك ودور مروان في نشوب القتال ولا نريد تكراره هنا، لكن المصنف أخذ هذا الكلام من تاريخ الطبري: ٣ / ٥١٧ - ٥١٨.
(٢) ذكر ذلك الطبري في تاريخه: ٣ / ٥١٨.
(٣) المصدر السابق. وعبد الرحمن بن عتاب بن أسيد بن أبي العيص القرشي الأموي أمه جويرية بنت أبي جهل، وكان اسم سيفه " ولول " وقطعت يده وفيها خاتمه قالوا: فخطفها نسر ذلك اليوم وطرحها بالمدينة أو اليمامة فعرفت يده بخاتمة. (انظر الطبري: ٥ / ٢١٠، أسد الغابة: ٣ / ٣٠٨، نسب قريش: ١٩٣).
(٤) المصدر السابق ولكنه ذكر " وثبتنا في القلب " بدل " وفي القلب طلحة والزبير " وهذا يدل على أن طلحة والزبير هما يعبئان الجيش. ولكن ابن أعثم في الفتوح: ١ / ٤٦٣ قال:... فكانت الخيل كلها إلى طلحة، ورجالة إلى عبد الله بن الزبير، وعلى خيل الميمنة مروان بن الحكم، وعلى رجالتها عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد، وعلى خيل الميسرة هلال بن وكيع الدارمي، وعلى رجالتها حاتم بن بكير الباهلي، وعلى الجناح عمر بن طلحة، وعلى رجالتها عبد الله بن حكيم بن حزام، وعلى خيل الكمين جندب بن يزيد المجاشعي، وعلى رجالتها مجاشع بن مسعود السلمي. وصاح رجل من بني ضبة: وطنوا أنفسكم على الصبر... وأنشأ أبياتا مطلعها ألا قولا لطلحة والزبير * وقولا للذين هم النصار فقال له الزبير: بئس ما قلت يا أخا بني ضبة...
وبلغ ذلك علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) فقال: إن القوم قد تعبوا لحربكم، فماذا عندكم من الرأي؟ فقال له رفاعة بن شداد البجلي: يا أمير المؤمنين تعبية لتعبية... وأنشأ ابياتا مطلعها:
أتتك الأمور بسعد السعود * وسرت إلى الفئة الناكثة قال: ودنا علي في أصحابه من البصرة، فقال طلحة بن عبيد الله لأصحابه: اعلموا أيها الناس! أن عليا وأصحابه قد أضر بهم السفر وتعب الطريق، فهل لكم أن نأتيهم الليلة فنضع فيهم السيف؟ فقال مروان بن الحكم: والله لقد استبطأت هذه منك أبا محمد، وليس الرأي إلا ما رأيت، قال: فضحك الزبير من ذلك ثم قال: أمن علي تصاب الفرصة وهو من قد عرفتم؟ أما علمتم أنه رجل ما لقيه أحد قط إلا ثكلته أمه؟ فسكت طلحة ولم يرد إلى الزبير شيئا.
قال: ثم وثب رجل من أصحاب الزبير يكنى أبا الجرباء فقال للزبير: أبا عبد الله أما الرأي عندي إلا أن تبيتوا هذا الرجل، فإن الرأي في الحرب من النجدة، فقال له الزبير: يا أبا الجرباء إننا لنعرف من الحرب ما لم يعرفه كثير من الناس... نقلنا ذلك من ابن أعثم في الفتوح: ١ / ٤٦٣ - ٤٦٦ بتصرف.
ونحن نسأل بدورنا الطبري وابن الأثير وابن حزم وابن تيمية وغيرهم: أو لم يكف هذا بأن القوم قد صمموا على الحرب مهما بذل الإمام علي (عليه السلام) من نصائح ورسائل ووفود؟! ولو أردنا استعراض كل الرسائل والخطب والمساجلات بينه (عليه السلام) وبين طلحة والزبير وعائشة وكيفية اعتزال الزبير الحرب وخبر الفتى الذي حمل المصحف إلى أصحاب الجمل يدعوهم إليه لأصبحت كتابا منفردا، وقول الفتى: يا هؤلاء: هذا كتاب الله عز وجل بيننا وبينكم، قال: فضرب رجل من أصحاب الجمل يده اليمنى فقطعها، فأخذ المصحف بشماله فقطعها، فاحتضن المصحف بصدره، فضرب على صدره حتى قتل (رحمه الله)، فنظرت إليه أمه وقد قتل فأنشأت أبياتا:
يا رب إن مسلما أتاهم * بمحكم التنزيل إذ دعاهم وقام ابن عم له يرثيه بقوله:
تناوله شقي منهم بضربه * أبان بها يمناه حتى تصوب انظر الأبيات الأولى والثانية في تاريخ الطبري: ٥ / 206 و 216، و: 3 / 522 باختلاف يسير، ومروج الذهب: 2 / 9 و 13.
(٤٠٦)
التالي
الاولى ١
٦٧٩ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 6
2 مقدمة التحقيق 8
3 ترجمة المؤلف 14
4 ممن اشتهر بابن الصباغ 15
5 مكانته العلمية 16
6 شيوخه 19
7 تلاميذه الآخذون منه والراوون عنه 20
8 آثاره العلمية 20
9 شهرة الكتاب 23
10 مصادر الكتاب 24
11 رواة الأحاديث من الصحابة 37
12 مشاهير المحدثين 45
13 مخطوطات الكتاب 53
14 طبعاته 56
15 منهج العمل في الكتاب 57
16 شكر و تقدير 59
17 مقدمة المؤلف 68
18 ] من هم أهل البيت؟ [ 92
19 في المباهلة 92
20 تنبيه على ذكر شيء مما جاء في فضلهم وفضل محبتهم (عليهم السلام) 112
21 الفصل الأول: في ذكر أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه 130
22 فصل: في ذكر ام علي كرم الله وجهه 140
23 فصل: في تربية النبي (صلى الله عليه وسلم) له (عليه السلام) 142
24 فصل: في ذكر شيء من علومه (عليه السلام) 150
25 فصل: في محبة الله ورسوله (صلى الله عليه وآله) له (عليه السلام) 158
26 فصل: في مؤاخاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) له (عليه السلام) 165
27 فصل: في ذكر شيء من شجاعته (عليه السلام) 200
28 فائدة 416
29 فصل: في ذكر شيء من كلماته الرائعة 419
30 فصل: أيضا في ذكر شيء من كلماته 431
31 فصل: في ذكر شيء يسير من بديع نظمه ومحاسن كلامه (عليه السلام) 443
32 فصل: في ذكر مناقبه الحسنة (عليه السلام) 449
33 فصل: في صفته الجميلة وأوصافه الجليلة (عليه السلام) 474
34 فصل: في ذكر كنيته ولقبه وغير ذلك مما يتصل به (عليه السلام) 482
35 فصل: في مقتله ومدة عمره وخلافته (عليه السلام) 485
36 فصل: في ذكر أولاده عليه وعليهم السلام 516
37 فصل: في ذكر البتول 524