كشف الغمة - ابن أبي الفتح الإربلي - ج ١ - الصفحة ١٧١
السابق
عنها، مقتفيا لآثاره لا يفارقها، واطيا لعقبه صلى الله عليه وآله لا يجاوزها، حتى نقله الله إلى جواره واختار له دارا خيرا من داره، فمضى محمود الأثر مشكور الورد والصدر، مستبدلا بدار الصفا من دار الكدر، قد لقى محمدا صلى الله عليه وآله بوجه لم يشوهه التبديل، وقلب لم تزدهه الأباطيل.
قال علي عليه ا لسلام يوما وقد أحدق به الناس: أحذركم الدنيا فإنها منزل قلعة وليست بدار نجعة هانت على ربها فخلط شرها بخيرها وحلوها بمرها، لم يصفها لأوليائه ولم يضن بها على أعدائه وهي دار ممر لا دار مستقر، والناس فيها رجلان، رجل باع نفسه فأوبقها ورجل ابتاع نفسه فأعتقها، ان اعذوذب منها جانب فجلا أمر منها جانب فأوبى، أولها عناء وآخرها فناء من استغنى فيها فتن. ومن افتقر فيها حزن، ومن ساعاها فاتته، ومن قعد عنها أتته. ومن أبصرها بصرته. ومن أبصر إليها أعمته، فالانسان فيها غرض المنايا مع كل جرعة شرق ومع كل أكلة غصص لا ينال منها نعمة إلا بفراق أخرى.
وكلامه عليه السلام في الدنيا وصفتها والتنبيه على أحوالها ومعرفتها وكثرة خدعها ومكرها، وتنوع افسادها وغرها وإيلامها بنيها وضرها كثير جدا وهو موجود في تضاعيف الكتب وفي نهج البلاغة فيستغنى بما هناك عن ذكرها هنا لئلا نخرج من غرض الكتاب ولما علمه من حال الدنيا رفضها وتركها، وترفع عنها وفركها وعاملها معاملة من لم يدركها، وخاف على نفسه في مهاويها، فما انتهجها ولا سلكها وخشي أن تملكه بزخارفها فلم يحفل بها لما ملكها، واحترز من آلامها وآثامها وخلص من أمراضها وأسقامها، وعرفها تعريف خبير بحدها ورسمها، وأنزلها على حكمه ولم ينزل على حكمها فصار زهده مسألة اجماع لا شك فيه ولا انكار، وورعه مما اشتهر في النواحي والأقطار، وعبادته ونزاهته مما أطبق عليه علماء الأمصار، وهو الذي فرق
(١٧١)
التالي
الاولى ١
٠ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الكتاب 12
2 في أسماء النبي صلى الله عليه وآله 17
3 في ذكر مولده صلى الله عليه وآله 23
4 في ذكر نسبه ومدة حياته 25
5 في ذكر آياته ومعجزاته 30
6 ما ظهر من معجزاته بعد بعثته 33
7 في فضل بني هاشم 39
8 في معنى الآل 51
9 في معنى الأهل وحديث الغدير 58
10 في معنى العترة 63
11 في ذكر الإمامة وانهم خصوا بها 65
12 في عدد الأئمة عليهم السلام 67
13 ذكر الامام علي بن أبي طالب عليه السلام 70
14 في كيفية ولادة أمير المؤمنين عليه السلام 71
15 في إثبات خلافة أمير المؤمنين عليه السلام 73
16 ذكر نسبه عليه السلام من قبل أبيه 74
17 ذكر كناه عليه السلام 76
18 ألقابه عليه السلام 78
19 صفته عليه السلام 84
20 في بيعته عليه السلام وما جاء فيها 87
21 ما جاء في إسلامه وسبقه وسنه يومئذ 87
22 في سبقه إلى الاسلام 91
23 في ذكر الصديقين 97
24 في محبة الرسول إياه وتحريضه على محبته 98
25 في فضل مناقبه 119
26 في انه مع الحق والحق معه 151
27 في بيان انه أفضل الأصحاب 157
28 في وصف زهده في الدنيا 172
29 في شجاعته ونجدته 186
30 غزوة بدر 190
31 غزوة أحد 196
32 غزوة الخندق 206
33 غزوة خيبر 221
34 غزوة الفتح 225
35 غزوة تبوك 237
36 حروبه أيام خلافته 248
37 وقعة الجمل 249
38 حرب صفين 256
39 كتاب معاوية لعمرو بن العاص 267
40 جواب عمرو بن العاص لمعاوية 269
41 موقف عمار بن ياسر في صفين 271
42 ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو ابن العاص 275
43 مخاصمة علي عليه السلام للخوارج 277
44 صفاته في بعض مواقفه 281
45 ما ورد في مدحه 283
46 كراماته وأخباره بالمغيبات 286
47 إسلام الراهب على يده 293
48 رد الشمس له بعد غروبها 295
49 في ذكر رسوخ الايمان في قلبه 300
50 في انه أقرب الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم 302
51 ما نزل من القرآن في شأنه 316
52 في مؤاخذات النبي صلى الله عليه وسلم له 343
53 في ذكر سد الأبواب 348
54 في ذكر أحاديث خاصف النعل 353
55 قول النبي صلى الله عليه وسلم له: أنت وارثي وحامل لوائي 353
56 مخاطبته بأمير المؤمنين 358
57 في ذكر تزويجه بفاطمة عليها السلام 367