قصص الأنبياء - الراوندي - الصفحة ٩٨
السابق
فإذا هو ببابين عظيمين لم ير في الدنيا أعظم منهما ولا أطول، وإذا خشبهما من أطيب خشب عود، وعليهما نجوم من ياقوت اصفر وياقوت احمر، ضوئهما قد ملا المكان، فلما رأى ذلك أعجبه، ففتح أحد البابين فدخل، فإذا بمدينة لم ير الراؤون مثلها، وإذا هو بقصور كل قصر معلق تحته أعمدة من زبرجد وياقوت، وفوق كل قصر منها غرف، وفوق الغرف غرف مبنية بالذهب والفضة والياقوت واللؤلؤ والزبرجد، وعلى كل باب من أبواب تلك القصور مصراع مثل مصراع باب المدينة من عود طيب قد نضدت عليه اليواقيت (1) وقد فرشت تلك القصور باللؤلؤ وبنادق المسك والزعفران فلما رأى ذلك ولم ير هناك أحد أفزعه ذلك، ثم نظر إلى الأزقة، فإذا في كل زقاق منها أشجار قد أثمرت تحتها أنهار تجرى، فقال: هذه الجنة التي وضعت لعباد الله في الدنيا فالحمد لله الذي أدخلني الجنة، فحمل من لؤلؤها ومن بنادق المسك والزعفران، فإنها كانت منثورة (2) بمنزله الرمل، ولم يستطع ان يقلع من زبرجدها ولا من ياقوتها، لأنه كان مثبتا في أبوابها وجدرانها، فاخذ ما أراد و خرج إلى اليمن، فاظهر ما كان منه، واعلم الناس امره، وفشا خبره وبلغ معاوية، فأرسل رسولا إلى صاحب صنعاء، وكتب باشخاصه فشخص حتى قدم على معاوية وخلا به وسأله عما عاين، فقص عليه امر المدينة وما رأى فيها، وعرض عليه ما حمله منها.
فبعث معاوية إلى كعب الأحبار ودعاه، وقال: يا أبا إسحاق هل بلغك ان في الدنيا مدينه مبنية بالذهب والفضة؟ فقال كعب الأحبار: اما هذه المدينة، فصاحبها شداد بن عاد الذي بناها، فهي إرم ذات العماد، وهي التي وصفها الله تعالى في كتابه المنزل على نبيه محمد صلى الله عليه وآله، قال معاوية: حدثنا بحديثها.
فقال: ان عاد الأولى - وليس بعاد قوم هود - كان له ابنان يسمى أحدهما " شديد " و الاخر " شداد " فهلك عاد وبقيا وملكا وتجبرا، وأطاعهما الناس في الشرق والغرب، فمات شديد وبقى شداد، فملك وحده ولم ينازعه أحد، وكان مولعا بقراءة الكتب، وكان كلما يذكر الجنة رغب ان يفعل مثلها في الدنيا عتوا على الله تعالى، فجعل على صنعتها مائه رجل

1 - في ق 2: الياقوت.
2 - في ق 1 وق 2: منشورة.
(٩٨)
التالي
الاولى ١
٣٧٠ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المؤلف مقدمة التحقيق الباب الأول: في ذكر خلق آدم عليه السلام و حوا عليها السلام 37
2 الباب الثاني: في نبوة إدريس و نوح عليهما السلام 76
3 الباب الثالث: في ذكر هود و صالح عليهما السلام 91
4 في حديث إرم ذات العماد 96
5 الباب الرابع: في نبوة إبراهيم عليه السلام 106
6 الباب الخامس: في ذكر لوط و ذي القرنين عليهما السلام 119
7 الباب السادس: في نبوة يعقوب و يوسف عليهما السلام 128
8 الباب السابع: في ذكر أيوب و شعيب عليهما السلام 141
9 الباب الثامن: في نبوة موسى بن عمران صلوات الله عليه 150
10 في حديث موسى و العالم 158
11 في حدث البقرة 161
12 في مناجاة موسى 162
13 في حديث حزبيل لما طلبه فرعون 168
14 في تسع آيات موسى 169
15 في حديث بعلم بن باعورا 175
16 في وفاة هارون وموسى 177
17 في خروج صفراء على يوشع بن نون 178
18 الباب التاسع: في بني إسرائيل. 179
19 الباب العاشر: في نبوة إسماعيل و حديث لقمان 190
20 الباب الحادي عشر: في نبوة داود عليه السلام 200
21 الباب الثاني عشر: في نبوة سليمان عليه السلام و ملكه 210
22 الباب الثالث عشر: في أحوال ذي الكفل و عمران عليهما السلام 213
23 الباب الرابع عشر: في حديث زكريا و يحيى عليهما السلام 217
24 الباب الخامس عشر: في نبوة إرميا و دانيال عليهما السلام 222
25 في علامات خسوف الشمس في الاثني عشر شهرا 234
26 في علامات خسوف القمر طول السنة 235
27 الباب السادس عشر: في حديث جرجيس و عزيز و حزقيل و إليا: 237
28 الباب السابع عشر: في ذكر شيعا و أصحاب الأخدود و الياس و اليسع و يونس و أصحاب الكهف و الرقيم عليهم السلام 243
29 الباب الثامن عشر: في نبوة عيسى و ما كان في زمانه و مولده و نبوته 262
30 الباب التاسع عشر: في الدلائل على نبوة محمد صلى الله عليه و آله من المعجزات و غيرها 279
31 الباب العشرون: في أحوال محمد صلى الله عليه و آله 313
32 في مغازيه 335