قصص الأنبياء - الراوندي - الصفحة ٢٩٨
السابق
ومرهم بكذا وكذا ولا تحبس (1) عنى، فخرجت أريد الضيعة، فمررت بكنيسة النصارى فسمعت أصواتهم، فقلت: ما هذا؟ قالوا: هؤلاء النصارى يصلون، فدخلت انظر فأعجبني ما رأيت من حالهم، فوالله ما زلت جالسا عندهم حتى غربت الشمس، وبعث أبي في طلبي في كل وجه حتى جئته حين أمسيت ولم اذهب إلى ضيعته، فقال: أبي أين كنت قلت؟ مررت:
بالنصارى فأعجبني صلاتهم ودعاؤهم فقال: أي بنى ان دين آبائك خير من دينهم، فقلت: لا والله ما هذا بخير من دينهم هؤلاء قوم يعبدون الله ويدعونه ويصلون له وأنت انما تعبد نارا أوقدتها بيدك إذا تركتها ماتت، فجعل في رجلي حديدا وحبسني في بيت عنده.
فبعثت إلى النصارى فقلت: أين أصل هذا الدين؟ قالوا: بالشام، قلت: إذا قدم عليكم من هناك ناس فأذنوني، قالوا: نفعل فبعثوا بعد انه قدم تجار (2) فبعثت: إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الخروج فأذنوني به، قالوا: نفعل، ثم بعثوا إلى بذلك، فطرحت الحديد من رجلي و انطلقت معهم، فلما قدمت الشام قلت: من أفضل هذا الدين؟ قالوا: الأسقف صاحب الكنيسة، فجئت فقلت: إني أحببت ان أكون معك وأتعلم منك، قال: فكن معي فكنت معه.
وكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة، فإذا جمعوها اكتنزها ولم يعطها المساكين منها ولا بعضها، فلم يلبث أن مات، فلما جاؤوا ان يدفنوه، قلت: هذا رجل سوء ونبهتهم على كنزه، فاخرجوا سبع قلال (3) مملوة ذهبا، فصلبوه على خشبه ورموه بالحجارة، وجاؤا برجل آخر فجعلوه مكانه.
فلا والله يا ابن عباس ما رأيت رجلا قط أفضل منه وأزهد في الدنيا وأشد اجتهادا منه، فلم أزل معه حتى حضرته الوفاة وكنت أحبه، فقلت: يا فلان قد حضرك ما ترى من امر الله فإلى من توصي بي قال: أي بنى ما اعلم الا رجلا بالموصل فاته فإنك ستجده على مثل حالي، فلما مات وغيب لحقت بالموصل، فاتيته فوجدته على مثل حاله من الاجتهاد و

1 - في ق 1: ولا تحتبس.
2 - في ق 3: علينا تجار.
3 - قلال، كرجال: جمع القلة بمعنى الاناء، من أواني العرب شبه الحب.
(٢٩٨)
التالي
الاولى ١
٣٧٠ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المؤلف مقدمة التحقيق الباب الأول: في ذكر خلق آدم عليه السلام و حوا عليها السلام 37
2 الباب الثاني: في نبوة إدريس و نوح عليهما السلام 76
3 الباب الثالث: في ذكر هود و صالح عليهما السلام 91
4 في حديث إرم ذات العماد 96
5 الباب الرابع: في نبوة إبراهيم عليه السلام 106
6 الباب الخامس: في ذكر لوط و ذي القرنين عليهما السلام 119
7 الباب السادس: في نبوة يعقوب و يوسف عليهما السلام 128
8 الباب السابع: في ذكر أيوب و شعيب عليهما السلام 141
9 الباب الثامن: في نبوة موسى بن عمران صلوات الله عليه 150
10 في حديث موسى و العالم 158
11 في حدث البقرة 161
12 في مناجاة موسى 162
13 في حديث حزبيل لما طلبه فرعون 168
14 في تسع آيات موسى 169
15 في حديث بعلم بن باعورا 175
16 في وفاة هارون وموسى 177
17 في خروج صفراء على يوشع بن نون 178
18 الباب التاسع: في بني إسرائيل. 179
19 الباب العاشر: في نبوة إسماعيل و حديث لقمان 190
20 الباب الحادي عشر: في نبوة داود عليه السلام 200
21 الباب الثاني عشر: في نبوة سليمان عليه السلام و ملكه 210
22 الباب الثالث عشر: في أحوال ذي الكفل و عمران عليهما السلام 213
23 الباب الرابع عشر: في حديث زكريا و يحيى عليهما السلام 217
24 الباب الخامس عشر: في نبوة إرميا و دانيال عليهما السلام 222
25 في علامات خسوف الشمس في الاثني عشر شهرا 234
26 في علامات خسوف القمر طول السنة 235
27 الباب السادس عشر: في حديث جرجيس و عزيز و حزقيل و إليا: 237
28 الباب السابع عشر: في ذكر شيعا و أصحاب الأخدود و الياس و اليسع و يونس و أصحاب الكهف و الرقيم عليهم السلام 243
29 الباب الثامن عشر: في نبوة عيسى و ما كان في زمانه و مولده و نبوته 262
30 الباب التاسع عشر: في الدلائل على نبوة محمد صلى الله عليه و آله من المعجزات و غيرها 279
31 الباب العشرون: في أحوال محمد صلى الله عليه و آله 313
32 في مغازيه 335