قصص الأنبياء - الراوندي - الصفحة ١٩٥
السابق
مجلس قط ولم يعب أحدا بشئ قط ولم يره أحد من الناس على بول ولا غائط قط، ولا اغتسال، لشدة تستره وعمق نظره وتحفظ لذنوبه، ولم يضحك من شئ قط، ولم يغضب قط مخافة الاثم في دينه، ولم يمازح انسانا قط، ولم يفرح لشئ أوتيه من الدنيا، ولا حزن على ما فاته منها قط، وقد نكح النساء وولد له الأولاد الكثيرة وقدم أكثرهم افراطا له، فما بكى عند موت واحد منهم، ولم يمر برجلين يختصمان أو يقتتلان الا أصلح بينهما، ولم يسمع قولا من أحد استحسنه الا سال عن تفسيره وخبره عمن اخذه.
وكان يكثر مجالسه الحكماء (1) والاختلاف إلى أهلها، ويتواضع لهم ويغشي القضاة و الملوك والسلاطين، فيرثي للقضاة بما ابتلوا به، ويرحم الملوك والسلاطين لعدتهم واغترارهم بالله وطمأنينتهم (2) إلى الدنيا وميلهم إليها وإلى زهرتها، فيتفكر في ذلك و يعتبر به ويتسلم (3) ما يغلب به نفسه ويجاهد به هواه ويحترز به من الشيطان، وكان يداري نفسه بالعبر وكان لا يظعن الا فيما ينفعه، ولا ينطق الا فيما يعنيه فبذلك اوتى الحكمة ومنح العصمة.
وان الله تعالى امر طوائف من الملائكة حين انتصف النهار وهدات العيون بالقائلة (4)، فنادوا لقمان من حيث يسمع كلامهم ولا يراهم، فقالوا: يا لقمان هل لك ان يجعلك الله خليفة تحكم بين الناس؟ فقال لقمان: ان امرني ربي بذلك فسمعا وطاعة، لأنه ان فعل ذلك بي أعانني وأغاثني وعلمني وعصمني وان هو عز وجل خيرني قبلت العافية فقالت الملائكة: ولم يا لقمان؟ قال: لان الحكم بين الناس أشد المنازل من الدين وأكثر فتنا وبلاءا، يخذل صاحبه ولا يعان ويغشاه الظلم من كل مكان وصاحبه منه بين أمرين ان أصاب فيه

1 - في البحار: وعمن أخذه وكان يكثر مجالسة الفقهاء والحكماء. وليس قوله " والاختلاف إلى أهلها " في البحار، وهو الأوجه.
2 - في البحار: السلاطين لغرتهم بالله وطمأنينتهم في ذلك.
3 - في البحار: ويتعلم. وهو الأوفق.
4 - أي: النوم عند نصف النهار.
(١٩٥)
التالي
الاولى ١
٣٧٠ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المؤلف مقدمة التحقيق الباب الأول: في ذكر خلق آدم عليه السلام و حوا عليها السلام 37
2 الباب الثاني: في نبوة إدريس و نوح عليهما السلام 76
3 الباب الثالث: في ذكر هود و صالح عليهما السلام 91
4 في حديث إرم ذات العماد 96
5 الباب الرابع: في نبوة إبراهيم عليه السلام 106
6 الباب الخامس: في ذكر لوط و ذي القرنين عليهما السلام 119
7 الباب السادس: في نبوة يعقوب و يوسف عليهما السلام 128
8 الباب السابع: في ذكر أيوب و شعيب عليهما السلام 141
9 الباب الثامن: في نبوة موسى بن عمران صلوات الله عليه 150
10 في حديث موسى و العالم 158
11 في حدث البقرة 161
12 في مناجاة موسى 162
13 في حديث حزبيل لما طلبه فرعون 168
14 في تسع آيات موسى 169
15 في حديث بعلم بن باعورا 175
16 في وفاة هارون وموسى 177
17 في خروج صفراء على يوشع بن نون 178
18 الباب التاسع: في بني إسرائيل. 179
19 الباب العاشر: في نبوة إسماعيل و حديث لقمان 190
20 الباب الحادي عشر: في نبوة داود عليه السلام 200
21 الباب الثاني عشر: في نبوة سليمان عليه السلام و ملكه 210
22 الباب الثالث عشر: في أحوال ذي الكفل و عمران عليهما السلام 213
23 الباب الرابع عشر: في حديث زكريا و يحيى عليهما السلام 217
24 الباب الخامس عشر: في نبوة إرميا و دانيال عليهما السلام 222
25 في علامات خسوف الشمس في الاثني عشر شهرا 234
26 في علامات خسوف القمر طول السنة 235
27 الباب السادس عشر: في حديث جرجيس و عزيز و حزقيل و إليا: 237
28 الباب السابع عشر: في ذكر شيعا و أصحاب الأخدود و الياس و اليسع و يونس و أصحاب الكهف و الرقيم عليهم السلام 243
29 الباب الثامن عشر: في نبوة عيسى و ما كان في زمانه و مولده و نبوته 262
30 الباب التاسع عشر: في الدلائل على نبوة محمد صلى الله عليه و آله من المعجزات و غيرها 279
31 الباب العشرون: في أحوال محمد صلى الله عليه و آله 313
32 في مغازيه 335