كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٤ - الصفحة ٢٩٥
السابق
فداك، ما ينقضي تعجبي منك، كيف بايعت معاوية ومعك أربعون ألف سيف، ثم لم تأخذ لنفسك ولا لأهل بيتك ولا لشيعتك منه عهدا وميثاقا في عقد طاهر، لكنه أعطاك أمرا بينك وبينه ثم إنه تكلم بما قد سمعت، والله ما أراد بهذا الكلام أحدا سواك. فقال له الحسن: صدقت يا مسيب! قد كان ذلك فما ترى الآن؟ فقال:
أرى والله أن ترجع إلى ما كنت عليه وتنقض هذه البيعة، فقد نقض ما كان بينك وبينه! قال: ونظر الحسن بن علي إلى معاوية وإلى ما قد نزل به من الخوف والجزع، فجعل يسكن الناس حتى سكنوا، ثم قال للمسيب: يا مسيب! إن الغدر لا يليق بنا ولا خير فيه، ولو أني أردت بما فعلت الدنيا لم يكن معاوية بأصبر مني على اللقاء. ولا أثبت عند الوغاء، ولا أقوى على المحاربة إذا استقرت الهيجاء، ولكني أردت بذلك صلاحكم وكف بعضكم عن بعض، فارضوا بقضاء الله وسلموا الأمر لله حتى يستريح بر ويستراح من فاجر.
قال: فبينما الحسن بن علي يكلم المسيب بهذا الكلام إذا برجل من أهل الكوفة يقال له عبيدة بن عمرو الكندي قد دخل، وفي وجهه ضربة منكرة، قال:
وعرفه الحسن فقال: ما هذا الذي بوجهك يا أخا كندة؟ قال: هذه ضربة أصابتني مع قيس بن سعد. فقال حجر بن عدي الكندي (1): أما والله لقد وددت أنك مت في ذلك ومتنا معك ثم لم نر هذا اليوم، فإنا رجعنا راغمين بما كرهنا، ورجعوا مسرورين بما أحبوا.
قال: فتغير وجه الحسن ثم قام عن مجلس معاوية وصار إلى منزله، ثم أرسل إلى حجر بن عدي فدعاه، ثم قال له: يا حجر! إني قد سمعت كلامك في مجلس معاوية، وليس كل إنسان يحب ما تحب ولا رأيه كرأيك، وإني لم أفعل ما فعلت إلا إبقاء عليكم، والله تعالى كل يوم هو في شأن.
قال: فبينا الحسن يكلم حجر بن عدي إذا برجل من أصحابه قد دخل عليه يقال له سفيان بن الليل البهمي (2) فقال له (3): السلام عليك يا مذل المؤمنين، فلقد جئت بأمر عظيم، هلا قاتلت حتى تموت ونموت معك! فقال له الحسن: يا هذا!

(١) انظر مقالة حجر بن عدي وجواب الحسن بن علي (رض) عليه في الأخبار الطوال ص ٢٢٠.
(٢) الأخبار الطوال: سفيان بن ليلى.
(٣) في الأخبار الطوال أن القائل هو علي بن محمد بن بشير الهمداني.
(٢٩٥)
التالي
الاولى ١
٣٥٣ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر الحكمين 2
2 ذكر كتبة كتاب الصلح بينهم وما جرى في ذلك 6
3 ذكر أول من يسري من أصحاب علي بن أبي طالب بعد ذلك 10
4 ذكر وصية القوم لأبي موسى بالاحتياط في أمره والحذر من دهاء خصمه 12
5 ذكر غرور عمرو بن العاص صاحبه 15
6 ذكر ما قيل فيه بعد ذلك 21
7 ذكر ما سئل أمير المؤمنين من القضاء والقدر فيما جرى عليهم من الأمور 22
8 ابتداء ذكر الغارات بعد صفين 23
9 خبر أهل اليمن وتحريك شيعة عثمان بن عفان بها وخلافهم على علي بن أبي طالب 34
10 ذكر بسر بن أبي أرطأة الفهري وما قتل من شيعة علي بن أبي طالب بأرض اليمن 36
11 خطبة ثانية (لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه) 42
12 خبر عبد الله بن عباس وزياد بن أبيه وأبي الأسود الدؤلي وما جرى بينهم 45
13 ذكر الخريت بن راشد وخروجه على علي بن أبي طالب وخلافه عليه 47
14 ذكر مصقلة بن هبيرة الشيباني وما كان منه إلى علي وهربه إلى معاوية 49
15 ذكر الكتاب الذي كتبه الحضين بن المنذر إلى مصقلة بن هبيرة 51
16 ذكر كتاب مصقلة بن هبيرة إلى قومه 53
17 ذكر ابتداء أخبار الخوارج من الشراة وخروجهم على علي رضي الله عنه 55
18 كلام ابن عباس للخارجي وما كان من رده عليه 56
19 ابتداء اجتماع الخوارج بالنهروان 59
20 ذكر خطبة علي بن أبي طالب قبل خروجه إلى النهروان 60
21 ذكر خطبته الثانية وما كان من توبيخه لأهل الكوفة 61
22 ذكر خطبته الثالثة 64
23 ذكر كتاب علي إلى الخوارج 66
24 مسير عبد الله بن أبي عقب إلى الخوارج وما جرى بينهم من المناظرة 67
25 ذكر ابتداء الحرب 75
26 ذكر وصية علي رضي الله عنه عند مصرعه 84
27 ذكر كتاب عبد الله بن عباس من البصرة إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما 87
28 ذكر كتاب الحسن بن علي إلى معاوية 88
29 جواب كتاب الحسن بن علي من معاوية بن أبي سفيان 89
30 ذكر خروج معاوية من الشام يريد العراق وخروج الحسن بن علي من الكوفة يريد الشام 90
31 ذكر بيعة الحسن بن علي لمعاوية كيف كانت 94
32 ذكر مسير معاوية إلى العراق لأخذ البيعة لنفسه من الحسن بن علي رحمة الله عليه 96
33 ذكر خبر أهل البصرة وما كان من خلافهم على معاوية 100
34 ذكر زياد بن أبيه حين كان مع علي بن أبي طالب وكيف ادعاه معاوية بعد ذلك وزعم أنه أخوه 102
35 ذكر خطبة زياد بالبصرة وهي الخطبة التي لم يسبقه إلى مثلها أحد من أمراء البصرة 106
36 ذكر أخبار خراسان في أيام معاوية بن أبي سفيان 109
37 ذكر ولاية سعيد بن عثمان خراسان 110
38 ذكر مسير سعد بن عثمان إلى خراسان وخبر مالك بن الربيب المازني 112
39 ذكر فتوح خراسان أيضا بعد سعيد بن عثمان 118
40 ذكر موت زياد بن أبيه 120
41 ذكر أخبار خراسان وغير خراسان بعد موت زياد بن أبيه 121
42 وفاة الحسن بن علي بن أبي طالب 122
43 ابتداء أخبار مقتل مسلم بن عقيل والحسين بن علي وولده وشيعته من ورائه وأهل السنة وما ذكروا في ذلك من الاختلاف 126
44 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 133
45 ذكر كتاب معاوية إلى مروان بن الحكم بالمدينة في أمر يزيد 138
46 ذكر خبر معاوية في خروجه إلى الحج وما كان منه بمكة والمدينة إلى رجوعه 140
47 ذكر انصراف معاوية عن مكة وما يلي به من سفره من المرض وخبر وفاته 148
48 ذكر الكتاب والعهد إلى يزيد 151