كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٤ - الصفحة ٢٦٨
السابق
قال: وعندها نادى علي في أصحابه وأمرهم بالمسير إلى النهروان، فرحل ورحل الناس معه في السلاح والآلة الكاملة والعدة القوية (1)، حتى إذا صار قريبا من النهروان نظر فإذا برجل من أصحابه قد عدل عن الطريق وجلس على ترسه، فعلم علي رضي الله عنه أنه قد شك في قتال أهل النهروان، فعدل إليه علي بن أبي طالب وقام الرجل فجلس علي في موضعه، فإذا برجل قد أقبل من ناحية نهروان يركض على فرس له، فصاح به علي كرم الله وجهه: إلي! فجاء إليه، فقال له علي: ما وراءك؟ فقال: إن القوم لما علموا أنك تقاربت منهم عبروا النهروان هاربين، فقال له علي رضي الله عنه: أنت رأيتهم حين عبروا؟ قال: نعم، قال علي: كلا والذي بعث بالحق نبيا لا يعبرون ولا يبلغون إلى قصر بوران بنت كسرى حتى يقتل الله مقاتلهم على يدي، فلا يبقى منهم إلا أقل من عشرة، ولا يقتل من أصحابي إلا أقل من عشرة، ذلك عهد معهود وقضاء مقضي (2).
قال (2): ثم نهض علي فركب حتى وافى القوم، وإذا هم قد مدوا الرماح في وجه علي وأصحابه وهم يقولون: لا حكم إلا لله. فقال علي رضي الله عنه: لا أنتظر فيكم إلا حكم الله. قال: ثم عبي علي أصحابه ميمنة وميسرة وقلبا وجناحين، ثم دعا بعبد الله بن عباس فقال له: تقدم إلى هؤلاء واحتج عليهم وانظر ماذا يقولون!
قال: فقال له ابن عباس: يا أمير المؤمنين أفألقي عني حلتي هذه وألبس درعي؟
فإني أخاف القوم على نفسي، فقال له علي: إني لا أخافهم عليك، فتقدم فها أنا ذا من وراءك.
قال: فتقدم عبد الله بن عباس حتى واجه القوم، ثم قال: أيها الناس! ما الذي نقمتم على أمير المؤمنين؟ فقالوا له: يا بن عباس! إن الذي نقمناه عليك في وقتنا هذا أشد مما نقمناه على علي، وذلك إنك قد جئتنا في حلة يمانية ونحن نريد حربك وحرب ابن عمك، فقال ابن عباس: أما هذه الحلة فقد رأيت خيرا منها على من هو خير مني وهو أبو القاسم محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وأما الحرب فقد دنت منا ومنكم ولا شك

(١) في مروج الذهب ٢ / ٤٤٩ انفصل علي عن الكوفة في خمسة وثلاثين ألفا، وأتاه من البصرة من قبل ابن عباس عشرة آلاف.
(٢) مروج الذهب ٢ / ٤٥٠ الكامل للمبرد ٣ / ١١٠٥ الكامل لابن الأثير ٢ / ٤٠٥ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١ / ٤٦٣.
(٣) انظر تاريخ اليعقوبي ٢ / 191 - 192.
(٢٦٨)
التالي
الاولى ١
٣٥٣ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر الحكمين 2
2 ذكر كتبة كتاب الصلح بينهم وما جرى في ذلك 6
3 ذكر أول من يسري من أصحاب علي بن أبي طالب بعد ذلك 10
4 ذكر وصية القوم لأبي موسى بالاحتياط في أمره والحذر من دهاء خصمه 12
5 ذكر غرور عمرو بن العاص صاحبه 15
6 ذكر ما قيل فيه بعد ذلك 21
7 ذكر ما سئل أمير المؤمنين من القضاء والقدر فيما جرى عليهم من الأمور 22
8 ابتداء ذكر الغارات بعد صفين 23
9 خبر أهل اليمن وتحريك شيعة عثمان بن عفان بها وخلافهم على علي بن أبي طالب 34
10 ذكر بسر بن أبي أرطأة الفهري وما قتل من شيعة علي بن أبي طالب بأرض اليمن 36
11 خطبة ثانية (لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه) 42
12 خبر عبد الله بن عباس وزياد بن أبيه وأبي الأسود الدؤلي وما جرى بينهم 45
13 ذكر الخريت بن راشد وخروجه على علي بن أبي طالب وخلافه عليه 47
14 ذكر مصقلة بن هبيرة الشيباني وما كان منه إلى علي وهربه إلى معاوية 49
15 ذكر الكتاب الذي كتبه الحضين بن المنذر إلى مصقلة بن هبيرة 51
16 ذكر كتاب مصقلة بن هبيرة إلى قومه 53
17 ذكر ابتداء أخبار الخوارج من الشراة وخروجهم على علي رضي الله عنه 55
18 كلام ابن عباس للخارجي وما كان من رده عليه 56
19 ابتداء اجتماع الخوارج بالنهروان 59
20 ذكر خطبة علي بن أبي طالب قبل خروجه إلى النهروان 60
21 ذكر خطبته الثانية وما كان من توبيخه لأهل الكوفة 61
22 ذكر خطبته الثالثة 64
23 ذكر كتاب علي إلى الخوارج 66
24 مسير عبد الله بن أبي عقب إلى الخوارج وما جرى بينهم من المناظرة 67
25 ذكر ابتداء الحرب 75
26 ذكر وصية علي رضي الله عنه عند مصرعه 84
27 ذكر كتاب عبد الله بن عباس من البصرة إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما 87
28 ذكر كتاب الحسن بن علي إلى معاوية 88
29 جواب كتاب الحسن بن علي من معاوية بن أبي سفيان 89
30 ذكر خروج معاوية من الشام يريد العراق وخروج الحسن بن علي من الكوفة يريد الشام 90
31 ذكر بيعة الحسن بن علي لمعاوية كيف كانت 94
32 ذكر مسير معاوية إلى العراق لأخذ البيعة لنفسه من الحسن بن علي رحمة الله عليه 96
33 ذكر خبر أهل البصرة وما كان من خلافهم على معاوية 100
34 ذكر زياد بن أبيه حين كان مع علي بن أبي طالب وكيف ادعاه معاوية بعد ذلك وزعم أنه أخوه 102
35 ذكر خطبة زياد بالبصرة وهي الخطبة التي لم يسبقه إلى مثلها أحد من أمراء البصرة 106
36 ذكر أخبار خراسان في أيام معاوية بن أبي سفيان 109
37 ذكر ولاية سعيد بن عثمان خراسان 110
38 ذكر مسير سعد بن عثمان إلى خراسان وخبر مالك بن الربيب المازني 112
39 ذكر فتوح خراسان أيضا بعد سعيد بن عثمان 118
40 ذكر موت زياد بن أبيه 120
41 ذكر أخبار خراسان وغير خراسان بعد موت زياد بن أبيه 121
42 وفاة الحسن بن علي بن أبي طالب 122
43 ابتداء أخبار مقتل مسلم بن عقيل والحسين بن علي وولده وشيعته من ورائه وأهل السنة وما ذكروا في ذلك من الاختلاف 126
44 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 133
45 ذكر كتاب معاوية إلى مروان بن الحكم بالمدينة في أمر يزيد 138
46 ذكر خبر معاوية في خروجه إلى الحج وما كان منه بمكة والمدينة إلى رجوعه 140
47 ذكر انصراف معاوية عن مكة وما يلي به من سفره من المرض وخبر وفاته 148
48 ذكر الكتاب والعهد إلى يزيد 151