كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٤ - الصفحة ٢٦٧
السابق
قال: سل عما بدا لك! فقال ابن أبي عقب: خبرني أيها الرجل عن المتحابين ما هما؟ وعن المتباغضين ما هما؟ وعن المستبقين والجديدين والدائبين وعن الطارف والتالد وعن الطم والرم وعن نسبة الله عز وجل ما هي؟ قال حرقوص: ما رأيت أحدا يسأل عن مثل هذا، ولكن خبرني عنها وأنت آمن! فقال له ابن أبي عقب: أما المتحابان فالمال والولد، وأما المتباغضان فالموت والحياة، وأما المستبقان فالنور والظلمة، وأما الجديدان فالليل والنهار، وأما الدائبان، فالشمس والقمر، وأما الطارف والتالد فالمال المستحدث والمال القديم، وأما الطم والرم فالطم البحر والرم الثرى، وأما نسبة الله عز وجل فإن قريشا سألت النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقالوا: يا محمد! صف لنا ربك، فنزلت سورة الإخلاص وهي: (قل هو الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفوا أحد) (1).
قال: فتعجب القوم من كلام ابن أبي عقب وعلمه، ثم أجاب عبد الله بن وهب إلى علي بن أبي طالب جوابا: ورد علي كتابك مع رسولك، فقرأته وفهمت ما فيه، وأما قولك تأمرني أن ألزم الحق يوم لا يقضى بالحق، فقد صدقت وأنا لازم الحق جهدي وطاقتي، وأما قولك لا أزيغ فيزيغ من معي، فأنت معدن الزيغ وأهله، وقد قال الله تعالى: (فلما زاغوا أزاغ الله قلوبهم والله لا يهدي القوم الفاسقين) (2)، وأما قولك إن السعيد من سعدت به رعيته والشقي من شقيت به رعيته، فقد صدقت وما أعلم سعيدا سعدت به رعيته بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غير أبي بكر ومن بعده عمر، ولا أعلم شقيا شقيت به رعيته بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلى الله عليه وآله وسلم غيرك وغير عثمان بن عفان، والقول كما قلت كثير والتفسير يسير، فمن شاء هذر ونثر، ومن شاء قال بقدر، وأما قولك أن ادفع (3) إلينا قاتل عبد الله بن خباب فكلنا قتله (4)، وأما ذكرك المسير إلينا لقتالنا، فإذا شئت فاقدم فإنا عازمون على حربك - والسلام -.
قال: ثم طوى الكتاب وختمه ودفعه إلى ابن أبي عقب، فأخذه وأقبل إلى علي كرم الله وجهه، فخبره بالذي دار بينه وبين القوم من المسائل.

(1) سورة الصمد الآيات 1 - 4.
(2) سورة الصف الآية 5.
(3) بالأصل: ادفعوه.
(4) وكان علي قد بعث إليهم أن ادفعوا إلينا قتلة إخواننا. فقالوا: كلنا قتلنهم وكلنا نستحل دماءهم وماءكم (الطبري 6 / 47).
(٢٦٧)
التالي
الاولى ١
٣٥٣ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر الحكمين 2
2 ذكر كتبة كتاب الصلح بينهم وما جرى في ذلك 6
3 ذكر أول من يسري من أصحاب علي بن أبي طالب بعد ذلك 10
4 ذكر وصية القوم لأبي موسى بالاحتياط في أمره والحذر من دهاء خصمه 12
5 ذكر غرور عمرو بن العاص صاحبه 15
6 ذكر ما قيل فيه بعد ذلك 21
7 ذكر ما سئل أمير المؤمنين من القضاء والقدر فيما جرى عليهم من الأمور 22
8 ابتداء ذكر الغارات بعد صفين 23
9 خبر أهل اليمن وتحريك شيعة عثمان بن عفان بها وخلافهم على علي بن أبي طالب 34
10 ذكر بسر بن أبي أرطأة الفهري وما قتل من شيعة علي بن أبي طالب بأرض اليمن 36
11 خطبة ثانية (لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه) 42
12 خبر عبد الله بن عباس وزياد بن أبيه وأبي الأسود الدؤلي وما جرى بينهم 45
13 ذكر الخريت بن راشد وخروجه على علي بن أبي طالب وخلافه عليه 47
14 ذكر مصقلة بن هبيرة الشيباني وما كان منه إلى علي وهربه إلى معاوية 49
15 ذكر الكتاب الذي كتبه الحضين بن المنذر إلى مصقلة بن هبيرة 51
16 ذكر كتاب مصقلة بن هبيرة إلى قومه 53
17 ذكر ابتداء أخبار الخوارج من الشراة وخروجهم على علي رضي الله عنه 55
18 كلام ابن عباس للخارجي وما كان من رده عليه 56
19 ابتداء اجتماع الخوارج بالنهروان 59
20 ذكر خطبة علي بن أبي طالب قبل خروجه إلى النهروان 60
21 ذكر خطبته الثانية وما كان من توبيخه لأهل الكوفة 61
22 ذكر خطبته الثالثة 64
23 ذكر كتاب علي إلى الخوارج 66
24 مسير عبد الله بن أبي عقب إلى الخوارج وما جرى بينهم من المناظرة 67
25 ذكر ابتداء الحرب 75
26 ذكر وصية علي رضي الله عنه عند مصرعه 84
27 ذكر كتاب عبد الله بن عباس من البصرة إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما 87
28 ذكر كتاب الحسن بن علي إلى معاوية 88
29 جواب كتاب الحسن بن علي من معاوية بن أبي سفيان 89
30 ذكر خروج معاوية من الشام يريد العراق وخروج الحسن بن علي من الكوفة يريد الشام 90
31 ذكر بيعة الحسن بن علي لمعاوية كيف كانت 94
32 ذكر مسير معاوية إلى العراق لأخذ البيعة لنفسه من الحسن بن علي رحمة الله عليه 96
33 ذكر خبر أهل البصرة وما كان من خلافهم على معاوية 100
34 ذكر زياد بن أبيه حين كان مع علي بن أبي طالب وكيف ادعاه معاوية بعد ذلك وزعم أنه أخوه 102
35 ذكر خطبة زياد بالبصرة وهي الخطبة التي لم يسبقه إلى مثلها أحد من أمراء البصرة 106
36 ذكر أخبار خراسان في أيام معاوية بن أبي سفيان 109
37 ذكر ولاية سعيد بن عثمان خراسان 110
38 ذكر مسير سعد بن عثمان إلى خراسان وخبر مالك بن الربيب المازني 112
39 ذكر فتوح خراسان أيضا بعد سعيد بن عثمان 118
40 ذكر موت زياد بن أبيه 120
41 ذكر أخبار خراسان وغير خراسان بعد موت زياد بن أبيه 121
42 وفاة الحسن بن علي بن أبي طالب 122
43 ابتداء أخبار مقتل مسلم بن عقيل والحسين بن علي وولده وشيعته من ورائه وأهل السنة وما ذكروا في ذلك من الاختلاف 126
44 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 133
45 ذكر كتاب معاوية إلى مروان بن الحكم بالمدينة في أمر يزيد 138
46 ذكر خبر معاوية في خروجه إلى الحج وما كان منه بمكة والمدينة إلى رجوعه 140
47 ذكر انصراف معاوية عن مكة وما يلي به من سفره من المرض وخبر وفاته 148
48 ذكر الكتاب والعهد إلى يزيد 151