كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٤ - الصفحة ٢٦١
السابق
الحرب من إن نام عنها لم تنم عيناه، ومن غفل أوذي، ومن ضعف ذل، ومن ترك الجهاد في الله كان المغبون المهين، اللهم اجمعنا على التقوى وجنبنا وإياهم البلوى، واجعل الآخرة لنا ولهم خيرا من الأولى.
قال: فلما فرغ من خطبته أجابه الناس سراعا، فاجتمع إليه أربعة آلاف رجل أو يزيدون. قال: فخرج بهم من الكوفة وبين يدي عدي بن حاتم الطائي يرفع صوته وهو يقول:
نسير إذا ما كاع قوم وبلدوا * برايات صدق كالنسور الخوافق إلى شر قوم من شراة تحزبوا * وعادوا إله الناس رب المشارق طغاة عماة مارقين عن الهدى * وكل لعين قوله غير صادق وفينا علي ذو المعالي يقودنا * إليهم جهارا بالسيوف البوارق قال: وسار علي رضي الله عنه حتى نزل على فرسخين من النهروان، ثم دعا بغلامه فقال له: اركب إلى هؤلاء القوم وقل لهم عني: ما الذي حملكم على الخروج علي ألم أقصد في حكمكم؟ ألم أعدل في قسمكم؟ ألم أقسم فيكم فيئكم؟ ألم أرحم صغيركم؟ ألم أوقر كبيركم؟ ألم تعلموا أني لم أتخذكم خولا، ولم أجعل مالكم نفلا؟ وانظر ماذا يردون عليك! وإن شتموك فاحتمل، وإياك أن ترد على أحد منهم شيئا.
قال: فأقبل غلام علي حتى أشرف على القوم بالنهروان، فقال لهم ما أمره به، فقالت له الخوارج: ارجع إلى صاحبك فلسنا نجيبه إلى شيء يريده أبدا، وإنا نخاف أن يردنا بكلامه الحسن كما رد إخواننا بحروراء عبد الله بن الكواء (1) وأصحابه، والله تعالى يقول: (بل هم قوم خصمون) (2)، ومولاك علي منهم فارجع إليه وخبره بأن اجتماعنا ههنا لجهاده ومحاربته لا لغير ذلك.
قال: فرجع الغلام إلى علي وأخبره بما سمع من القوم، قال فعندنا كتب إليهم علي كرم الله وجهه.

(1) وكان علي قد ناظر الخوارج بعد خروجهم واستطاع إقناع كثيرين أن يعودوا إلى إخوانهم، وكان منهم عبد الله بن الكواء وقد قال لعلي يومئذ: إننا لا ننكر أننا قد فتنا، وقد رجعوا وانصرفوا مع علي إلى الكوفة.
(2) سورة الزخرف الآية 58.
(٢٦١)
التالي
الاولى ١
٣٥٣ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر الحكمين 2
2 ذكر كتبة كتاب الصلح بينهم وما جرى في ذلك 6
3 ذكر أول من يسري من أصحاب علي بن أبي طالب بعد ذلك 10
4 ذكر وصية القوم لأبي موسى بالاحتياط في أمره والحذر من دهاء خصمه 12
5 ذكر غرور عمرو بن العاص صاحبه 15
6 ذكر ما قيل فيه بعد ذلك 21
7 ذكر ما سئل أمير المؤمنين من القضاء والقدر فيما جرى عليهم من الأمور 22
8 ابتداء ذكر الغارات بعد صفين 23
9 خبر أهل اليمن وتحريك شيعة عثمان بن عفان بها وخلافهم على علي بن أبي طالب 34
10 ذكر بسر بن أبي أرطأة الفهري وما قتل من شيعة علي بن أبي طالب بأرض اليمن 36
11 خطبة ثانية (لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه) 42
12 خبر عبد الله بن عباس وزياد بن أبيه وأبي الأسود الدؤلي وما جرى بينهم 45
13 ذكر الخريت بن راشد وخروجه على علي بن أبي طالب وخلافه عليه 47
14 ذكر مصقلة بن هبيرة الشيباني وما كان منه إلى علي وهربه إلى معاوية 49
15 ذكر الكتاب الذي كتبه الحضين بن المنذر إلى مصقلة بن هبيرة 51
16 ذكر كتاب مصقلة بن هبيرة إلى قومه 53
17 ذكر ابتداء أخبار الخوارج من الشراة وخروجهم على علي رضي الله عنه 55
18 كلام ابن عباس للخارجي وما كان من رده عليه 56
19 ابتداء اجتماع الخوارج بالنهروان 59
20 ذكر خطبة علي بن أبي طالب قبل خروجه إلى النهروان 60
21 ذكر خطبته الثانية وما كان من توبيخه لأهل الكوفة 61
22 ذكر خطبته الثالثة 64
23 ذكر كتاب علي إلى الخوارج 66
24 مسير عبد الله بن أبي عقب إلى الخوارج وما جرى بينهم من المناظرة 67
25 ذكر ابتداء الحرب 75
26 ذكر وصية علي رضي الله عنه عند مصرعه 84
27 ذكر كتاب عبد الله بن عباس من البصرة إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما 87
28 ذكر كتاب الحسن بن علي إلى معاوية 88
29 جواب كتاب الحسن بن علي من معاوية بن أبي سفيان 89
30 ذكر خروج معاوية من الشام يريد العراق وخروج الحسن بن علي من الكوفة يريد الشام 90
31 ذكر بيعة الحسن بن علي لمعاوية كيف كانت 94
32 ذكر مسير معاوية إلى العراق لأخذ البيعة لنفسه من الحسن بن علي رحمة الله عليه 96
33 ذكر خبر أهل البصرة وما كان من خلافهم على معاوية 100
34 ذكر زياد بن أبيه حين كان مع علي بن أبي طالب وكيف ادعاه معاوية بعد ذلك وزعم أنه أخوه 102
35 ذكر خطبة زياد بالبصرة وهي الخطبة التي لم يسبقه إلى مثلها أحد من أمراء البصرة 106
36 ذكر أخبار خراسان في أيام معاوية بن أبي سفيان 109
37 ذكر ولاية سعيد بن عثمان خراسان 110
38 ذكر مسير سعد بن عثمان إلى خراسان وخبر مالك بن الربيب المازني 112
39 ذكر فتوح خراسان أيضا بعد سعيد بن عثمان 118
40 ذكر موت زياد بن أبيه 120
41 ذكر أخبار خراسان وغير خراسان بعد موت زياد بن أبيه 121
42 وفاة الحسن بن علي بن أبي طالب 122
43 ابتداء أخبار مقتل مسلم بن عقيل والحسين بن علي وولده وشيعته من ورائه وأهل السنة وما ذكروا في ذلك من الاختلاف 126
44 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 133
45 ذكر كتاب معاوية إلى مروان بن الحكم بالمدينة في أمر يزيد 138
46 ذكر خبر معاوية في خروجه إلى الحج وما كان منه بمكة والمدينة إلى رجوعه 140
47 ذكر انصراف معاوية عن مكة وما يلي به من سفره من المرض وخبر وفاته 148
48 ذكر الكتاب والعهد إلى يزيد 151