كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٤ - الصفحة ٢٥٨
السابق
حالاتكم أنكم رأيتموني فنصرتموني وأرقتم دماءكم دوني، فلا يبعد الله إلا من قد ظلم، يا أهل الكوفة! أعظكم فلا تتعظون، وأوقظكم من سنتكم فلا تنتبهون، إن من فاز بكم فقد فاز بالخيبة (1)، ومن رمى بكم فقد رمى بأفوق ناصل (2)، أف لكم!
لقد لقينا منكم ترحا، يوما أناديكم ويوما أناجيكم، فلا أحرار عند النداء ولا إخوان صدق عند المصائب، فيا لله ما ذا منيت به منكم، لقد منيت بصم لا يسمعون وكمه لا يبصرون وبكم لا يعقلون، أما والله لو لا أني حين أمرتكم بأمري حملتكم على المكروه منه، فإن استقمتم هديتم، وإن أبيتم علي بدأت بكم وكانت الزلفى، ولكني تراخيت لكم وتوانيت عنكم وتماديت في غفلتكم، فكنت أنا وأنتم كما قال الأول (3):
أمرتكم أمري بمنقطع اللوى * فلم تستبينوا الرشد إلا ضحى الغد اللهم! إن دجلة والفرات نهران أصمان أبكمان، اللهم! فأرسل عليهما ماء يحرك وانزع منهم ماء نصرك، حبذا إخواني الصالحون! إن دعوا إلى الإسلام قبلوه أو قرأوا القرآن أحكموه، أو ندبوا إلى الجهاد طلبوه، فحقق اللهم لهم الثناء الحسن، واشوقاه إلى تلك الوجوه.
قال: ثم ذرفت عيناه ونزل عن المنبر، وقام إليه نافع بن طريف فقال: إنا لله إلى ما صرت إليه يا أمير المؤمنين! فقال علي: نعم (إنا لله وإنا إليه راجعون إلى ما صرت إليه، صرت إلى قوم إن أمرتهم خالفوني، وإن اتبعتهم تفرقوا عني، جعل الله لي منهم فرجا عاجلا.
قال: ثم وثب فدخل إلى منزله مغموما، ودخل إليه جماعة من فرسان أصحابه

(1) نهج البلاغة: بالسهم الأخيب.
(2) الأفوق من السهام مكسور الفوق، والفوق موضع الوتر من السهم، والناصل العاري عن النصل، أي من رمى بهم فكأنما رمى بسهم لا يثبت في الوتر حتى يرمى، وإن رمى به لم يصب مقتلا إذ لا نصل له.
(3) شرح نهج البلاغة خطبة رقم 35: فكنت أنا وإياكم كما قال أخو هوازن ورواية البيت فيه:
أمرتكم أمري بمنعرج اللوى * فلم تستبينوا النصح إلا ضحى الغد والبيت لدريد بن الصمة من قصيدة أولها:
نصحت لعارض وأصحاب عارض * ورهط بني السوداء القوم شهدي (الأبيات في الحماسة).
(٢٥٨)
التالي
الاولى ١
٣٥٣ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر الحكمين 2
2 ذكر كتبة كتاب الصلح بينهم وما جرى في ذلك 6
3 ذكر أول من يسري من أصحاب علي بن أبي طالب بعد ذلك 10
4 ذكر وصية القوم لأبي موسى بالاحتياط في أمره والحذر من دهاء خصمه 12
5 ذكر غرور عمرو بن العاص صاحبه 15
6 ذكر ما قيل فيه بعد ذلك 21
7 ذكر ما سئل أمير المؤمنين من القضاء والقدر فيما جرى عليهم من الأمور 22
8 ابتداء ذكر الغارات بعد صفين 23
9 خبر أهل اليمن وتحريك شيعة عثمان بن عفان بها وخلافهم على علي بن أبي طالب 34
10 ذكر بسر بن أبي أرطأة الفهري وما قتل من شيعة علي بن أبي طالب بأرض اليمن 36
11 خطبة ثانية (لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه) 42
12 خبر عبد الله بن عباس وزياد بن أبيه وأبي الأسود الدؤلي وما جرى بينهم 45
13 ذكر الخريت بن راشد وخروجه على علي بن أبي طالب وخلافه عليه 47
14 ذكر مصقلة بن هبيرة الشيباني وما كان منه إلى علي وهربه إلى معاوية 49
15 ذكر الكتاب الذي كتبه الحضين بن المنذر إلى مصقلة بن هبيرة 51
16 ذكر كتاب مصقلة بن هبيرة إلى قومه 53
17 ذكر ابتداء أخبار الخوارج من الشراة وخروجهم على علي رضي الله عنه 55
18 كلام ابن عباس للخارجي وما كان من رده عليه 56
19 ابتداء اجتماع الخوارج بالنهروان 59
20 ذكر خطبة علي بن أبي طالب قبل خروجه إلى النهروان 60
21 ذكر خطبته الثانية وما كان من توبيخه لأهل الكوفة 61
22 ذكر خطبته الثالثة 64
23 ذكر كتاب علي إلى الخوارج 66
24 مسير عبد الله بن أبي عقب إلى الخوارج وما جرى بينهم من المناظرة 67
25 ذكر ابتداء الحرب 75
26 ذكر وصية علي رضي الله عنه عند مصرعه 84
27 ذكر كتاب عبد الله بن عباس من البصرة إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما 87
28 ذكر كتاب الحسن بن علي إلى معاوية 88
29 جواب كتاب الحسن بن علي من معاوية بن أبي سفيان 89
30 ذكر خروج معاوية من الشام يريد العراق وخروج الحسن بن علي من الكوفة يريد الشام 90
31 ذكر بيعة الحسن بن علي لمعاوية كيف كانت 94
32 ذكر مسير معاوية إلى العراق لأخذ البيعة لنفسه من الحسن بن علي رحمة الله عليه 96
33 ذكر خبر أهل البصرة وما كان من خلافهم على معاوية 100
34 ذكر زياد بن أبيه حين كان مع علي بن أبي طالب وكيف ادعاه معاوية بعد ذلك وزعم أنه أخوه 102
35 ذكر خطبة زياد بالبصرة وهي الخطبة التي لم يسبقه إلى مثلها أحد من أمراء البصرة 106
36 ذكر أخبار خراسان في أيام معاوية بن أبي سفيان 109
37 ذكر ولاية سعيد بن عثمان خراسان 110
38 ذكر مسير سعد بن عثمان إلى خراسان وخبر مالك بن الربيب المازني 112
39 ذكر فتوح خراسان أيضا بعد سعيد بن عثمان 118
40 ذكر موت زياد بن أبيه 120
41 ذكر أخبار خراسان وغير خراسان بعد موت زياد بن أبيه 121
42 وفاة الحسن بن علي بن أبي طالب 122
43 ابتداء أخبار مقتل مسلم بن عقيل والحسين بن علي وولده وشيعته من ورائه وأهل السنة وما ذكروا في ذلك من الاختلاف 126
44 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 133
45 ذكر كتاب معاوية إلى مروان بن الحكم بالمدينة في أمر يزيد 138
46 ذكر خبر معاوية في خروجه إلى الحج وما كان منه بمكة والمدينة إلى رجوعه 140
47 ذكر انصراف معاوية عن مكة وما يلي به من سفره من المرض وخبر وفاته 148
48 ذكر الكتاب والعهد إلى يزيد 151