كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٤ - الصفحة ٢٥٧
السابق
نزله، فيا لها من مصيبة خصت وعمت المؤمنين، لم يصابوا بمثلها قبلها، ولا يعاينون بعدها مثلها، وبعد فقد علمتم ما كان من هؤلاء القوم من الإقدام والجرأة على سفك الدماء، وهم قوم فساق مراق عماة حفاة، يريدون فراقي وشقاقي، وفيهم من قد عضه بالأمس السلاح ووجد ألم الجراح، فجدوا رحمكم الله وخذوا آلة الحرب فإني سائر إليهم إن شاء الله ولا قوة إلا بالله.
قال: ثم نزل عن المنبر ولم يجبه إلا اليسير من أهل الكوفة، ودخل إلى منزله وغضب لذلك، ثم خرج إلى الناس وخطبهم ثانيا.
ذكر خطبته الثانية وما كان من توبيخه لأهل الكوفة قال: فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال (1): أيتها الفئة المجتمعة أبدانهم المتفرقة أديانهم (2)! إنه والله ما عزت دعوة من دعاكم، ولا استراح من قاساكم، كلامكم يوهن (3) الصم الصلاب، وفعلكم يطمع فيه عدوكم، أنا أدعوكم إلى أمر فيه صلاحكم والذب عن حريمكم، اعتراكم الفشل وجبنتم بالعلل، ثم قلتم كيت وكيت وذيت وذيت، أعاليل وأضاليل وأقوال أباطيل، ثم سألتموني التأخير دفاع ذي الدين المطول (4)، هيهات إنه لا ينفع الصم الدليل (5)، ولا يدرك الحق إلا بالجد، فخبروني يا أهل العراق مع أي إمام بعدي تقاتلون؟ أم أية دار تمنعون؟
والذليل والله من نصرتموه والمغرور من غررتموه، لقد أصبحت لا أطمع في نصركم ولا أصدق قولكم، فرق الله بيني وبينكم، وأبدلكم بي غيري وأبدلني بكم من هو خير لي منكم، أما إنكم ستلقون بعدي ذلا شاملا وسيفا قاطعا وأثرة قبيحة يتخذها الظالمون عليكم سنة فتبكي عيونكم، ويدخل الفقر بيوتكم، وتتمنون في بعض

(1) شرح نهج البلاغة خطبة رقم 29 وفيه أن هذه الخطبة كانت بعد غارة الضحاك بن قيس صاحب معاوية على الحاج بعد قصة الحكمين وفيها يستنهض أصحابه لما حدث في الأطراف. وانظر البيان والتبيين 2 / 54 باختلاف في النصوص.
(2) نهج البلاغة: المختلفة أهواؤهم.
(3) نهج البلاغة: يوهي.
(4) أي أنكم تدافعون الحرب اللازمة لكم كما يدافع المدين المطول غريمه والمطول الكثير المطل وهو تأخير أداء الدين بلا عذر.
(5) نهج البلاغة: لا يمنع الضيم الذليل.
(٢٥٧)
التالي
الاولى ١
٣٥٣ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر الحكمين 2
2 ذكر كتبة كتاب الصلح بينهم وما جرى في ذلك 6
3 ذكر أول من يسري من أصحاب علي بن أبي طالب بعد ذلك 10
4 ذكر وصية القوم لأبي موسى بالاحتياط في أمره والحذر من دهاء خصمه 12
5 ذكر غرور عمرو بن العاص صاحبه 15
6 ذكر ما قيل فيه بعد ذلك 21
7 ذكر ما سئل أمير المؤمنين من القضاء والقدر فيما جرى عليهم من الأمور 22
8 ابتداء ذكر الغارات بعد صفين 23
9 خبر أهل اليمن وتحريك شيعة عثمان بن عفان بها وخلافهم على علي بن أبي طالب 34
10 ذكر بسر بن أبي أرطأة الفهري وما قتل من شيعة علي بن أبي طالب بأرض اليمن 36
11 خطبة ثانية (لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه) 42
12 خبر عبد الله بن عباس وزياد بن أبيه وأبي الأسود الدؤلي وما جرى بينهم 45
13 ذكر الخريت بن راشد وخروجه على علي بن أبي طالب وخلافه عليه 47
14 ذكر مصقلة بن هبيرة الشيباني وما كان منه إلى علي وهربه إلى معاوية 49
15 ذكر الكتاب الذي كتبه الحضين بن المنذر إلى مصقلة بن هبيرة 51
16 ذكر كتاب مصقلة بن هبيرة إلى قومه 53
17 ذكر ابتداء أخبار الخوارج من الشراة وخروجهم على علي رضي الله عنه 55
18 كلام ابن عباس للخارجي وما كان من رده عليه 56
19 ابتداء اجتماع الخوارج بالنهروان 59
20 ذكر خطبة علي بن أبي طالب قبل خروجه إلى النهروان 60
21 ذكر خطبته الثانية وما كان من توبيخه لأهل الكوفة 61
22 ذكر خطبته الثالثة 64
23 ذكر كتاب علي إلى الخوارج 66
24 مسير عبد الله بن أبي عقب إلى الخوارج وما جرى بينهم من المناظرة 67
25 ذكر ابتداء الحرب 75
26 ذكر وصية علي رضي الله عنه عند مصرعه 84
27 ذكر كتاب عبد الله بن عباس من البصرة إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما 87
28 ذكر كتاب الحسن بن علي إلى معاوية 88
29 جواب كتاب الحسن بن علي من معاوية بن أبي سفيان 89
30 ذكر خروج معاوية من الشام يريد العراق وخروج الحسن بن علي من الكوفة يريد الشام 90
31 ذكر بيعة الحسن بن علي لمعاوية كيف كانت 94
32 ذكر مسير معاوية إلى العراق لأخذ البيعة لنفسه من الحسن بن علي رحمة الله عليه 96
33 ذكر خبر أهل البصرة وما كان من خلافهم على معاوية 100
34 ذكر زياد بن أبيه حين كان مع علي بن أبي طالب وكيف ادعاه معاوية بعد ذلك وزعم أنه أخوه 102
35 ذكر خطبة زياد بالبصرة وهي الخطبة التي لم يسبقه إلى مثلها أحد من أمراء البصرة 106
36 ذكر أخبار خراسان في أيام معاوية بن أبي سفيان 109
37 ذكر ولاية سعيد بن عثمان خراسان 110
38 ذكر مسير سعد بن عثمان إلى خراسان وخبر مالك بن الربيب المازني 112
39 ذكر فتوح خراسان أيضا بعد سعيد بن عثمان 118
40 ذكر موت زياد بن أبيه 120
41 ذكر أخبار خراسان وغير خراسان بعد موت زياد بن أبيه 121
42 وفاة الحسن بن علي بن أبي طالب 122
43 ابتداء أخبار مقتل مسلم بن عقيل والحسين بن علي وولده وشيعته من ورائه وأهل السنة وما ذكروا في ذلك من الاختلاف 126
44 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 133
45 ذكر كتاب معاوية إلى مروان بن الحكم بالمدينة في أمر يزيد 138
46 ذكر خبر معاوية في خروجه إلى الحج وما كان منه بمكة والمدينة إلى رجوعه 140
47 ذكر انصراف معاوية عن مكة وما يلي به من سفره من المرض وخبر وفاته 148
48 ذكر الكتاب والعهد إلى يزيد 151