كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٤ - الصفحة ٢٠٣
السابق
ثم تكلم المنذر بن الجارود العبدي فقال (1): يا أمير المؤمنين! إننا قد سمعنا مقال معاوية وعمرو بن العاص، غير أنه إذا جاء أمر لا يدفع فامتثل الأمر فيه الرضا، وقد كنا نرى أن ما زادنا من هؤلاء القوم نفعهم وما نفعنا ضرهم. وإن في ذلك أمرين تعجيل هوى أو تأخير مساءة إلى أن ترى غير ذلك، فإن رأيته ففينا من البقية ما تفل له الحد وترد به الكلب، وليس لنا معك إصدار ولا إيراد - والسلام -.
قال: ثم وثب الحارث بن مرة فقال: يا أمير المؤمنين! إننا منا من يقول ما لا يفعل، ومنا من يهوى ما لا يستطيع، وليس ينفعك إلا من فعل واستطاع، وقد والله ذهب الفاعل وضعف المستطيع، ولسنا نحرك من شيء إن كنت قاتلت معاوية لله وقاتلك للدنيا، فقد والله بلغ أهل الدين من الدنيا حاجتهم، وإن كانوا بلغوا منا دون ما بلغنا منهم فإن كنت كرهت هذه القضية وأردت قتالهم فمن مضى بمن مضى ومن بقي بمن بقي - والسلام -.
قال: فجعل كل إنسان يتكلم بما يحضره من الكلام، حتى قام شريك الأعور الهمداني والأحنف بن قيس (2) وحارثة بن قدامة السعدي، فتكلموا وحرضوا، وخاف معاوية أن ينتقض عليه الأمر، غير أنه ينظر إلى وجوه القوم فيعرفهم بأعيانهم وهو في ذلك حنق عليهم، حتى قام عبد الله بن سوار (3) وهو الذي قتل عبيد الله بن عمر فسكن القوم وقال: اسكنوا حتى أتكلم مع أمير المؤمنين بما أريد.
ثم أقبل على علي فقال: يا أمير المؤمنين! والله إننا لنعلم أنك ما أوردت ولا أصدرت إلا ومعك من الله عز وجل برهان وحجة، ونحن ممن يأمر ولا يؤمر عليه، فإن كنت عزمت لم تفل، وإن كنت لم تعزم فالمشورة لله رضا، وليس أول أمر كآخره، لأنه قد نكدر صفونا وقل جدنا، وذهب أهل البصيرة والصبر منا، وبقي أهل الشك والعلل، وفينا أئمة جور ورجال هدى وهم قليل والأمر إليك.

(1) الإمامة والسياسة: 1 / 142.
(2) ومما قاله الأحنف: يا أمير المؤمنين، إن الناس بين ماض وواقف، وقاتل وساكت، وكل في موضعه حسن، وإنه لو نكل الآخر عن الأول لم يقل شيئا إلا أن يقول اليوم ما قد قيل أمس، ولكنه حق يقضى، ولم نقاتل القوم لنا ولا لك، إنما قاتلناهم لله، فإن حال أمر الله دوننا ودونك فاقبله، فإنك أولى بالحق، وأحقنا بالتوفيق، ولا أرى إلا القتال.
(الإمامة والسياسة 1 / 143).
(3) كذا، وقد مر التعليق حول الاختلاف فيما قتل عبيد الله بن عمر بن الخطاب.
(٢٠٣)
التالي
الاولى ١
٣٥٣ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر الحكمين 2
2 ذكر كتبة كتاب الصلح بينهم وما جرى في ذلك 6
3 ذكر أول من يسري من أصحاب علي بن أبي طالب بعد ذلك 10
4 ذكر وصية القوم لأبي موسى بالاحتياط في أمره والحذر من دهاء خصمه 12
5 ذكر غرور عمرو بن العاص صاحبه 15
6 ذكر ما قيل فيه بعد ذلك 21
7 ذكر ما سئل أمير المؤمنين من القضاء والقدر فيما جرى عليهم من الأمور 22
8 ابتداء ذكر الغارات بعد صفين 23
9 خبر أهل اليمن وتحريك شيعة عثمان بن عفان بها وخلافهم على علي بن أبي طالب 34
10 ذكر بسر بن أبي أرطأة الفهري وما قتل من شيعة علي بن أبي طالب بأرض اليمن 36
11 خطبة ثانية (لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه) 42
12 خبر عبد الله بن عباس وزياد بن أبيه وأبي الأسود الدؤلي وما جرى بينهم 45
13 ذكر الخريت بن راشد وخروجه على علي بن أبي طالب وخلافه عليه 47
14 ذكر مصقلة بن هبيرة الشيباني وما كان منه إلى علي وهربه إلى معاوية 49
15 ذكر الكتاب الذي كتبه الحضين بن المنذر إلى مصقلة بن هبيرة 51
16 ذكر كتاب مصقلة بن هبيرة إلى قومه 53
17 ذكر ابتداء أخبار الخوارج من الشراة وخروجهم على علي رضي الله عنه 55
18 كلام ابن عباس للخارجي وما كان من رده عليه 56
19 ابتداء اجتماع الخوارج بالنهروان 59
20 ذكر خطبة علي بن أبي طالب قبل خروجه إلى النهروان 60
21 ذكر خطبته الثانية وما كان من توبيخه لأهل الكوفة 61
22 ذكر خطبته الثالثة 64
23 ذكر كتاب علي إلى الخوارج 66
24 مسير عبد الله بن أبي عقب إلى الخوارج وما جرى بينهم من المناظرة 67
25 ذكر ابتداء الحرب 75
26 ذكر وصية علي رضي الله عنه عند مصرعه 84
27 ذكر كتاب عبد الله بن عباس من البصرة إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما 87
28 ذكر كتاب الحسن بن علي إلى معاوية 88
29 جواب كتاب الحسن بن علي من معاوية بن أبي سفيان 89
30 ذكر خروج معاوية من الشام يريد العراق وخروج الحسن بن علي من الكوفة يريد الشام 90
31 ذكر بيعة الحسن بن علي لمعاوية كيف كانت 94
32 ذكر مسير معاوية إلى العراق لأخذ البيعة لنفسه من الحسن بن علي رحمة الله عليه 96
33 ذكر خبر أهل البصرة وما كان من خلافهم على معاوية 100
34 ذكر زياد بن أبيه حين كان مع علي بن أبي طالب وكيف ادعاه معاوية بعد ذلك وزعم أنه أخوه 102
35 ذكر خطبة زياد بالبصرة وهي الخطبة التي لم يسبقه إلى مثلها أحد من أمراء البصرة 106
36 ذكر أخبار خراسان في أيام معاوية بن أبي سفيان 109
37 ذكر ولاية سعيد بن عثمان خراسان 110
38 ذكر مسير سعد بن عثمان إلى خراسان وخبر مالك بن الربيب المازني 112
39 ذكر فتوح خراسان أيضا بعد سعيد بن عثمان 118
40 ذكر موت زياد بن أبيه 120
41 ذكر أخبار خراسان وغير خراسان بعد موت زياد بن أبيه 121
42 وفاة الحسن بن علي بن أبي طالب 122
43 ابتداء أخبار مقتل مسلم بن عقيل والحسين بن علي وولده وشيعته من ورائه وأهل السنة وما ذكروا في ذلك من الاختلاف 126
44 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 133
45 ذكر كتاب معاوية إلى مروان بن الحكم بالمدينة في أمر يزيد 138
46 ذكر خبر معاوية في خروجه إلى الحج وما كان منه بمكة والمدينة إلى رجوعه 140
47 ذكر انصراف معاوية عن مكة وما يلي به من سفره من المرض وخبر وفاته 148
48 ذكر الكتاب والعهد إلى يزيد 151