كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٥ - الصفحة ١٣٣
السابق
حتى صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم خطب خطبة أبكى منها العيون وأوجل منها القلوب، ثم قال: أيها الناس! من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي، أيها الناس! أنا ابن مكة ومنى وزمزم والصفا، أنا ابن خير من حج وطاف وسعى ولبى، أنا ابن خير من حمل البراق، أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، أنا ابن من بلغ به جبريل إلى سدرة المنتهى، أنا ابن من دنا فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى، أنا ابن من صلى بملائكة السماء، أنا ابن فاطمة الزهراء، أنا ابن سيدة النساء! قال: فلم يزل يعيد ذلك حتى ضج الناس بالبكاء والنحيب.
قال: وخشي يزيد أن تكون فتنة، فأمر المؤذن فقال: اقطع عنا هذا الكلام!
قال: فلما سمع المؤذن قال: الله أكبر! قال الغلام: لا شيء أكبر من الله، فلما قال: أشهد أن لا إله إلا الله! قال الغلام: يشهد بها شعري وبشري ولحمي ودمي، فلما قال المؤذن: أشهد أن محمدا رسول الله! التفت علي بن الحسين من فوق المنبر إلى يزيد فقال: محمد هذا جدي أم جدك؟ فإن زعمت أنه جدك فقد كذبت وكفرت، وإن زعمت أنه جدي فلم قتلت عترته؟ قال: فلما فرغ المؤذن من الأذان والإقامة تقدم يزيد يصلي بالناس صلاة الظهر. فلما فرغ من صلاته أمر بعلي بن الحسين وأخواته وعماته رضوان الله عليهم، ففرغ لهم دارا فنزلوها وأقاموا أياما يبكون وينوحون على الحسين رضي الله عنه.
قال: وخرج علي بن الحسين ذات يوم: فجعل يمشي في أسواق دمشق، فاستقبله المنهال بن عمرو الصابئ فقال له: كيف أمسيت يا بن رسول الله؟ قال:
أمسينا كبني إسرائيل في آل فرعون، يذبحون أبناءهم ويستحيون نساءهم، يا منهال! أمست العرب تفتخر على العجم لأن محمدا منهم، وأمست قريش تفتخر على سائر العرب بأن محمدا منها، وأمسينا أهل بيت محمد ونحن مغصوبون مظلومون مقهورون مقتلون مثبورون مطرودون، فإنا لله وإنا إليه راجعون على ما أمسينا فيه يا منهال.
قال: ثم أمر لهم يزيد بزاد كثير ونفقة، وأمر بحملانهم (1) إلى المدينة. فلما

(1) في ابن الأثير 2 / 578 لما أراد أن يسيرهم إلى المدينة أمر يزيد النعمان بن بشير أن يجهزهم بما يصلحهم ويسير معهم رجلا أمينا من أهل الشام ومعه خيل يسير بهم إلى المدينة. وانظر الطبري 5 / 462.
(١٣٣)
التالي
الاولى ١
١٧٣ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 (كتاب الضحاك بن قيس إلى يزيد بن معاوية) 5
2 ذكر كلام يزيد بن معاوية 9
3 ذكر الكتاب إلى أهل البيعة بأخذ البيعة 9
4 ذكر كتاب يزيد بن معاوية الوليد بن عتبة 18
5 ذكر وصية الحسين بن علي إلى أخيه محمد ابن الحنفية 20
6 ذكر وصية الحسين رضي الله عنه لأخيه محمد رضي الله عنه 21
7 ذكر أخبار الكوفة وما كان من كتبهم إلى الحسين بن علي رضي الله عنهما 27
8 ذكر الكتاب الأول إلى الحسين رضي الله عنه 27
9 ذكر الكتاب الثاني 29
10 ذكر كتاب الحسين بن علي إلى أهل الكوفة 30
11 ذكر خروج مسلم بن عقيل رضي الله عنه نحو العراق 32
12 ذكر نزول مسلم بن عقيل الكوفة واجتماع الشيعة إليه للبيعة 34
13 ذكر مسير عبيد الله بن زياد ونزوله الكوفة وما فعل بها 38
14 ذكر هانئ وعبيد الله بن زياد 45
15 ذكر مسلم بن عقيل رحمه الله وخروجه على عبيد الله بن زياد 49
16 ذكر دخول مسلم بن عقيل على عبيد الله بن زياد وما كان من كلامه وكيف قتل 55
17 ذكر هانئ بن عروة ومقتله بعد مسلم بن عقيل رحمهما الله تعالى 60
18 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية 61
19 ابتداء أخبار الحسين بن علي عليهما السلام 63
20 ذكر مسير الحسين إلى العراق 68
21 (قصة عبيد الله بن الحر الجعفي) 72
22 ذكر الحر بن يزيد الرياحي لما بعثه عبيد الله بن زياد لحربه الحسين بن علي رضي الله عنهما 75
23 ذكر كتاب الحسين رضي الله عنه إلى أهل الكوفة 80
24 ذكر نزول الحسين رضي الله عنه بكربلاء 83
25 ذكر اجتماع العسكر إلى حرب الحسين بن علي رضي الله عنه 88
26 ذكر ابتداء الحرب بين الحسين وبين القوم 100
27 ذكر الذين قتلوا بين يدي الحسي بن علي 100
28 وهذه تسمية من قتل بين يدي الحسين من ولده وإخوانه وبني عمه رضي الله عنهم 109
29 ذكر كلام زينب بنت علي رضي الله عنها 120
30 ذكر دخول القوم على عبيد الله بن زياد 121
31 ذكر عبد الله بن عفيف الأزدي ورده على ابن زياد ومقتله رحمه الله 122
32 ذكر كتاب عبيد الله بن زياد إلى يزيد بن معاوية وبعثته إليه برأس الحسين بن علي رضي الله عنهما 125
33 ذكر ما كان بعد قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما 134
34 ذكر قدوم سلم بن زياد أخي عبيد الله بن زياد على يزيد بن معاوية وتوليته بلاد خراسان 135
35 ذكر كتاب يزيد بن معاوية إلى محمد ابن الحنفية ومصيره إليه وأخذ جائزته 136
36 ابتداء ذكر عبد الله بن الزبير وفتنته ودعوته الناس إلى بيعته 139
37 ذكر حبس المختار بن أبي عبيد الكوفي وما كان عبيد الله بن زياد لعنه الله 142
38 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 143
39 ذكر حرب المختار من ابن زياد وما كان من بيعته لعبد الله بن الزبير 145
40 ابتداء حرب وأقم وقتل فيها من أولاد المهاجرين والأنصار والعبيد والموالي 149
41 ذكر الوقعة الأولى بين مكة والمدينة بين عمرو بن الزبير وأخيه عبد الله ومقتل عمرو بن الزبير 152
42 ذكر مسير مسلم بن عقبة المري إلى مكة 158
43 ذكر حرة وأقم وما قتل فيها من المسلمين 158
44 ثم رجعنا إلى أخبار الشام 168