كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٤ - الصفحة ٣٤٧
السابق
المسلمين، ومن مال عنه برأسه في بيعته ملنا عليه بسيوفنا، هكذا وجدنا بأنفسنا دون نفسه.
قال: فسر معاوية بما سمع من كلام أهل الشام ونشط لذلك، ثم استوى جالسا وأمر بجميع من على الباب من الناس بالدخول عليه، فدخلوا حتى غصت الدار بهم، فأقبل عليهم معاوية بوجهه ثم قال: أيها الناس! إنكم قد علمتم أن كل شيء في هذه الدنيا فإلى زوال وقد حضرني من القضاء المحتوم ما ترون، فسلوني من تحبون أن أولي عليكم! فقالوا بكلمة واحدة: إنا قد رضينا بابنك يزيد، فوله عهدك فهو الرضى لنا، فقال معاوية: إني قد سمعت إذا كلامكم غير أني قادم على رب رحيم لا يتعاظمه ذنب أو يغفره، وإنه يسألني عن الصغير والكبير، فسلوني ما تحبون أن أولي عليكم! قال: فضج الناس بأجمعهم وقالوا: نريد أن تولي علينا يزيد، فنعم الخلف والمستخلف.
قال: فعندها قال معاوية للضحاك: بايع ليزيد، فبايع الضحاك وبايع مسلم بن عقبة، وأمر الناس بالبيعة حتى بايع الناس أجمعون. ثم خرجوا وأمر معاوية لابنه يزيد أن يلبس ثياب الخلافة ويخرج إلى الناس فيصعد المنبر ويخطب.
قال: فخرج يزيد وعلى رأسه عمامة معاوية ومعه سيفه وخاتمه وقد لبس قميص عثمان الذي قتل عثمان فيه ملطخا بالدم حتى صعد المنبر، فلم يزل يخطب ويتكلم إلى أن انتصف النهار، ثم نزل عن المنبر وقد بايعه الصغير والكبير، فدخل على أبيه معاوية ومعاوية في غشيانه وكربه لا يعقل يومه ذلك شيئا من أمره حتى مضى من الليل ما مضى، فلما أفاق من غشوته وفتح عينيه ونظر إلى ولده يزيد عند رأسه فقال له: ما صنعت؟ فقال: يا أمير المؤمنين! قد بايعني الناس ودخلوا في طاعتي فرحين مسرورين. قال: فدعى معاوية بالضحاك بن قيس ومسلم بن عقبة فقال لهما:
أخرجا ما في وسادتي! فأخرجا كتابا كتب فيه معاوية بخطه قبل ذلك.
ذكر الكتاب والعهد إلى يزيد بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما عهده معاوية بن أبي سفيان أمير المؤمنين إلى ابنه يزيد، انه قد بايعه وعهد إليه، وجعل له الخلافة من بعده، وأمره بالرعية والقيام بهم والإحسان إليهم، وقد سماه " أمير المؤمنين "، وأمره أن يسير بسيرة أهل العدل
(٣٤٧)
التالي
الاولى ١
٣٥٣ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر الحكمين 2
2 ذكر كتبة كتاب الصلح بينهم وما جرى في ذلك 6
3 ذكر أول من يسري من أصحاب علي بن أبي طالب بعد ذلك 10
4 ذكر وصية القوم لأبي موسى بالاحتياط في أمره والحذر من دهاء خصمه 12
5 ذكر غرور عمرو بن العاص صاحبه 15
6 ذكر ما قيل فيه بعد ذلك 21
7 ذكر ما سئل أمير المؤمنين من القضاء والقدر فيما جرى عليهم من الأمور 22
8 ابتداء ذكر الغارات بعد صفين 23
9 خبر أهل اليمن وتحريك شيعة عثمان بن عفان بها وخلافهم على علي بن أبي طالب 34
10 ذكر بسر بن أبي أرطأة الفهري وما قتل من شيعة علي بن أبي طالب بأرض اليمن 36
11 خطبة ثانية (لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه) 42
12 خبر عبد الله بن عباس وزياد بن أبيه وأبي الأسود الدؤلي وما جرى بينهم 45
13 ذكر الخريت بن راشد وخروجه على علي بن أبي طالب وخلافه عليه 47
14 ذكر مصقلة بن هبيرة الشيباني وما كان منه إلى علي وهربه إلى معاوية 49
15 ذكر الكتاب الذي كتبه الحضين بن المنذر إلى مصقلة بن هبيرة 51
16 ذكر كتاب مصقلة بن هبيرة إلى قومه 53
17 ذكر ابتداء أخبار الخوارج من الشراة وخروجهم على علي رضي الله عنه 55
18 كلام ابن عباس للخارجي وما كان من رده عليه 56
19 ابتداء اجتماع الخوارج بالنهروان 59
20 ذكر خطبة علي بن أبي طالب قبل خروجه إلى النهروان 60
21 ذكر خطبته الثانية وما كان من توبيخه لأهل الكوفة 61
22 ذكر خطبته الثالثة 64
23 ذكر كتاب علي إلى الخوارج 66
24 مسير عبد الله بن أبي عقب إلى الخوارج وما جرى بينهم من المناظرة 67
25 ذكر ابتداء الحرب 75
26 ذكر وصية علي رضي الله عنه عند مصرعه 84
27 ذكر كتاب عبد الله بن عباس من البصرة إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما 87
28 ذكر كتاب الحسن بن علي إلى معاوية 88
29 جواب كتاب الحسن بن علي من معاوية بن أبي سفيان 89
30 ذكر خروج معاوية من الشام يريد العراق وخروج الحسن بن علي من الكوفة يريد الشام 90
31 ذكر بيعة الحسن بن علي لمعاوية كيف كانت 94
32 ذكر مسير معاوية إلى العراق لأخذ البيعة لنفسه من الحسن بن علي رحمة الله عليه 96
33 ذكر خبر أهل البصرة وما كان من خلافهم على معاوية 100
34 ذكر زياد بن أبيه حين كان مع علي بن أبي طالب وكيف ادعاه معاوية بعد ذلك وزعم أنه أخوه 102
35 ذكر خطبة زياد بالبصرة وهي الخطبة التي لم يسبقه إلى مثلها أحد من أمراء البصرة 106
36 ذكر أخبار خراسان في أيام معاوية بن أبي سفيان 109
37 ذكر ولاية سعيد بن عثمان خراسان 110
38 ذكر مسير سعد بن عثمان إلى خراسان وخبر مالك بن الربيب المازني 112
39 ذكر فتوح خراسان أيضا بعد سعيد بن عثمان 118
40 ذكر موت زياد بن أبيه 120
41 ذكر أخبار خراسان وغير خراسان بعد موت زياد بن أبيه 121
42 وفاة الحسن بن علي بن أبي طالب 122
43 ابتداء أخبار مقتل مسلم بن عقيل والحسين بن علي وولده وشيعته من ورائه وأهل السنة وما ذكروا في ذلك من الاختلاف 126
44 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 133
45 ذكر كتاب معاوية إلى مروان بن الحكم بالمدينة في أمر يزيد 138
46 ذكر خبر معاوية في خروجه إلى الحج وما كان منه بمكة والمدينة إلى رجوعه 140
47 ذكر انصراف معاوية عن مكة وما يلي به من سفره من المرض وخبر وفاته 148
48 ذكر الكتاب والعهد إلى يزيد 151