كتاب الفتوح - أحمد بن أعثم الكوفي - ج ٤ - الصفحة ٢١٧
السابق
وأشرفت الأنفس على اللقاء (1)، وأصبح كل امرئ منكم وهنا يبكي على قتله (2)، فاتقوا الله واحقنوا دماءنا ودماءكم.
قال: وبلغ ذلك عليا، فقال: أما أنا قد أخبرتكم الأمر قبل أن يكون، وقد جهدنا أن يكون الحكم غير أبي موسى، فأبيتم علي وجئتموني به مبرنسا (3) وقلتم: قد رضينا به فاتبعت رأيكم، والآن فلا سبيل إلى حرب القوم إلى انقضاء المدة التي كانت بيننا وبينهم.
قال: فعندها رجعت أهل العراق إلى عراقهم وهم عازمون على معاودة الحرب إذا انقضت المدة، ورجع أهل الشام إلى شامهم وهم على ذلك من أهل العراق.
وصار أبو موسى الأشعري إلى مكة، فأقام بها حياء من علي بن أبي طالب.
ذكر ما سئل أمير المؤمنين من القضاء والقدر فيما جرى عليهم من الأمور قال فوثب إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه رجل من أهل الكوفة، فقال (4): يا أمير المؤمنين! أخبرني عن مسيرنا إلى أهل الشام وقتالنا إياهم أكان بقضاء من الله وقدر؟ فقال علي: ويحك يا شيخ! والله خالق الحبة وبارىء النسمة ما وطئنا موطئا ولا هبطنا واديا ولا علونا تلعة إلا بقضاء من الله وقدر. فقال الرجل:
فعند الله أحتسب غناي يا أمير المؤمنين! فقال علي: ولم ذلك؟ فقال: أني ما أرى لي ههنا من الأجر شيئا. فقال علي رضي الله عنه: بلى يا شيخ! لقد أعظم الله لكم الأجر على ما سيركم وأنتم سائرون، وعلى منصرفكم وأنتم منصرفون، وعلى مقامكم وأنتم مقيمون. ثم قال علي رضي الله عنه: ويحك يا شيخ! لعلك تظن أن ذلك إنما كان قضاء لازما وقدرا حتما (5)؟ قال: أظن يا أمير المؤمنين! فقال علي رضي الله عنه: ليس ذاك كما ظننت، إنه لو كان ذلك كذلك لبطل الثواب والعقاب،

(١) وقعة صفين: الفناء.
(٢) وقعة صفين: قتيل.
(3) مبرنسا: لابسا البرنس، والبرنس، قلنسوة طويلة أو جبة كان النساك يلبسونها في صدر الإسلام.
(4) نهج البلاغة: قصار الحكم رقم 78.
(5) نهج البلاغة: حاتما.
(٢١٧)
التالي
الاولى ١
٣٥٣ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر الحكمين 2
2 ذكر كتبة كتاب الصلح بينهم وما جرى في ذلك 6
3 ذكر أول من يسري من أصحاب علي بن أبي طالب بعد ذلك 10
4 ذكر وصية القوم لأبي موسى بالاحتياط في أمره والحذر من دهاء خصمه 12
5 ذكر غرور عمرو بن العاص صاحبه 15
6 ذكر ما قيل فيه بعد ذلك 21
7 ذكر ما سئل أمير المؤمنين من القضاء والقدر فيما جرى عليهم من الأمور 22
8 ابتداء ذكر الغارات بعد صفين 23
9 خبر أهل اليمن وتحريك شيعة عثمان بن عفان بها وخلافهم على علي بن أبي طالب 34
10 ذكر بسر بن أبي أرطأة الفهري وما قتل من شيعة علي بن أبي طالب بأرض اليمن 36
11 خطبة ثانية (لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه) 42
12 خبر عبد الله بن عباس وزياد بن أبيه وأبي الأسود الدؤلي وما جرى بينهم 45
13 ذكر الخريت بن راشد وخروجه على علي بن أبي طالب وخلافه عليه 47
14 ذكر مصقلة بن هبيرة الشيباني وما كان منه إلى علي وهربه إلى معاوية 49
15 ذكر الكتاب الذي كتبه الحضين بن المنذر إلى مصقلة بن هبيرة 51
16 ذكر كتاب مصقلة بن هبيرة إلى قومه 53
17 ذكر ابتداء أخبار الخوارج من الشراة وخروجهم على علي رضي الله عنه 55
18 كلام ابن عباس للخارجي وما كان من رده عليه 56
19 ابتداء اجتماع الخوارج بالنهروان 59
20 ذكر خطبة علي بن أبي طالب قبل خروجه إلى النهروان 60
21 ذكر خطبته الثانية وما كان من توبيخه لأهل الكوفة 61
22 ذكر خطبته الثالثة 64
23 ذكر كتاب علي إلى الخوارج 66
24 مسير عبد الله بن أبي عقب إلى الخوارج وما جرى بينهم من المناظرة 67
25 ذكر ابتداء الحرب 75
26 ذكر وصية علي رضي الله عنه عند مصرعه 84
27 ذكر كتاب عبد الله بن عباس من البصرة إلى الحسن بن علي رضي الله عنهما 87
28 ذكر كتاب الحسن بن علي إلى معاوية 88
29 جواب كتاب الحسن بن علي من معاوية بن أبي سفيان 89
30 ذكر خروج معاوية من الشام يريد العراق وخروج الحسن بن علي من الكوفة يريد الشام 90
31 ذكر بيعة الحسن بن علي لمعاوية كيف كانت 94
32 ذكر مسير معاوية إلى العراق لأخذ البيعة لنفسه من الحسن بن علي رحمة الله عليه 96
33 ذكر خبر أهل البصرة وما كان من خلافهم على معاوية 100
34 ذكر زياد بن أبيه حين كان مع علي بن أبي طالب وكيف ادعاه معاوية بعد ذلك وزعم أنه أخوه 102
35 ذكر خطبة زياد بالبصرة وهي الخطبة التي لم يسبقه إلى مثلها أحد من أمراء البصرة 106
36 ذكر أخبار خراسان في أيام معاوية بن أبي سفيان 109
37 ذكر ولاية سعيد بن عثمان خراسان 110
38 ذكر مسير سعد بن عثمان إلى خراسان وخبر مالك بن الربيب المازني 112
39 ذكر فتوح خراسان أيضا بعد سعيد بن عثمان 118
40 ذكر موت زياد بن أبيه 120
41 ذكر أخبار خراسان وغير خراسان بعد موت زياد بن أبيه 121
42 وفاة الحسن بن علي بن أبي طالب 122
43 ابتداء أخبار مقتل مسلم بن عقيل والحسين بن علي وولده وشيعته من ورائه وأهل السنة وما ذكروا في ذلك من الاختلاف 126
44 ثم رجعنا إلى الخبر الأول 133
45 ذكر كتاب معاوية إلى مروان بن الحكم بالمدينة في أمر يزيد 138
46 ذكر خبر معاوية في خروجه إلى الحج وما كان منه بمكة والمدينة إلى رجوعه 140
47 ذكر انصراف معاوية عن مكة وما يلي به من سفره من المرض وخبر وفاته 148
48 ذكر الكتاب والعهد إلى يزيد 151