الامامة والسياسة - ابن قتيبة الدينوري ، تحقيق الشيري - ج ٢ - الصفحة ٨٥
السابق
فتح الأندلس (1) قال: وذكروا أن موسى (2) وجه طارقا (3) مولاه إلى طنجة وما هنالك، فافتتح مدائن البربر وقلاعها، ثم كتب إلى موسى: إني قد أصبت ست سفن، فكتب إليه موسى. أتممها سبعا، ثم سر بها إلى شاطئ البحر، واستعد لشحنها، واطلب قبلك رجلا يعرف شهور السريانيين، فإذا كان يوم أحد وعشرين من شهر آذار بالسرياني، فاشحن على بركة الله ونصره في ذلك اليوم، فإن لم يكن عندك من يعرف شهور السريان، فشهور العجم، فإنها موافقة لشهور السريان، وهو شهر يقال له بالأعجمية مارس، فإذا كان يوم أحد وعشرين منه، فاشحن على بركة الله كما أمرتك إن شاء الله، فإذا أجريت فسر حتى يلقاك جبل أحمر، وتخرج منه عين شرقية، إلى جانبها صنم فيه تمثال ثور، فاكسر ذلك التمثال، وانظر فيمن معك إلى رجل طويل أشعر، بعينيه قبل (4)، وبيده شلل، فاعقد له على مقدمتك، ثم أقم مكانك حتى يغشاك إن شاء الله. فلما انتهى الكتاب إلى طارق كتب إلى موسى: إني منته إلى ما أمر الأمير ووصف، غير أني لم أجد صفة الرجل الذي أمرتني به إلا في نفسي، فسار طارق في ألف رجل وسبع مئة، وذلك في شهر رجب سنة ثلاث وتسعين (5)، وقد كان

(١) الأندلس: كانت قديما تعرف باسم إبارية ولعله على اسم شعب قوقازي كان يسكنها وعرفها النصارى باسم اشبانيا باسم رجل يقال له اشبانس، ويقول ابن الأثير باسم أحد ملوكها اشبان (٣ / ٢٠٥). وقيل باسم قوم سكنها يعرفون بالأندلس، وهم الوندال الذين غزوها في أوائل القرن الخامس الميلادي، ومنذ ذلك الوقت أطلق عليها اسم فاندلوسيا (معجم البلدان - ابن الأثير).
(٢) كذا بالأصل وابن الأثير والبيان المغرب وفيهما أنه استعمل طارق على طنجة وما والاها (إشارة إلى أن موسى قد وصل إليها) ومعه جيشا ١٧ ألف من العرب واثني عشر ألفا من البربر، وأن موسى قفل إلى أفريقيا. وفي الحلة السيراء ٢ / ٣٣٣ أن مروان بن موسى قد توجه إلى طنجة، ثم انصرف وخلف على جيشه طارق بن زياد. (وانظر تاريخ خليفة ص ٣٠٤ وفتوح البلدان للبلاذري ص ٢٣٢).
(٣) هو طارق بن زياد، اختلفوا في نسبه. قال ابن بشكوال: هو طارق بن عمرو. وقال ابن عذاري: هو طارق بن زياد بن عبد الله بن ولغو بن ورفجوم بن نبرغاسن بن ولهاص بن يطوفت بن نفزاو. فهو نفزي. ذكر أنه من سبي البربر.
(٤) القبل: له معان كثيرة، المعنى الأقرب هنا لعله: شبه الحول في العين.
(٥) في البيان المغرب وابن الأثير: رجب سنة ٩٢.
لم يكن حدث عبور طارق بن زياد إلى الأندلس حدثا عاديا أو وليد صدفة أو قرارا مفاجئا ارتجاليا من موسى بن نصير بل يعتبر تصميما من العرب المسلمين على فتح بلاد الأندلس وفق خطة أعدها الوليد بن عبد الملك ونفذها موسى بن نصير وقد جاء فتح الأندلس بعد سلسلة من الإجراءات الناجحة والاختبارات التي قام بها موسى بن نصير منها:
- تعزيز القوة البحرية الإسلامية في غرب البحر المتوسط ثم إنشاء دار الصناعة في تونس.
- احتلال شواطئ المغرب الطويلة المقابلة للأندلس.
- احتلال جزيرتي منيورقة وميورقة قبالة الساحل الأندلسي الشرقي.
- قيام الأسطول العربي بعمليات رصد ومراقبة شبه دائمة.
- سنة ٩٠ يبعث موسى طريف بن مالك أحد مواليه في ٤٠٠ رجل وغزا مدينة في جنوب الأندلس فسميت باسمه جزيرة طريف.
- سنة ٩١ أغار على الجزيرة الخضراء وأصاب غنائم كثيرة.
- سنة ٩٢ استولى موسى على جزيرة سردانية.
وفي أسباب غزو العرب للأندلس: ذكر ابن الأثير أن يوليان صاحب الجزيرة الخضراء وسبتة كان عنده ابنة استحسنها روذريق فافتضها فكتبت إلى أبيها فأغضبه ذلك فكتب إلى موسى بن نصير بالطاعة ودعاه إليه وحسن له غزو الأندلس. (الكامل ٣ / 208 - أخبار مجموعة ص 5 - 6).
هذا ما تقدمه النصوص وتجعله السبب المباشر لغزو الأندلس. ولا يمكن القبول به ونعده سببا مباشرا للغزو لتناقض الروايات بشأن يوليان وابنته. فابن القوطية يروي أن يوليان تاجر من الروم كان يدخل قصر الملك لتاجر (تاريخ افتتاح الأندلس ص 7 - 8) وفولتير مثلا يشك في أن الملك انتهك عرض ابنة يوليان.
ونرى أن الأسباب الحقيقية لغزو العرب بلاد الأندلس ربما عادت إلى وضع الأندلس من جهة:
وتردي الحالة السياسية والفوضى الداخلية - ومنها طبعا الخلاف الناشب بين يوليان وروذريق بغض النظر عن مسبباته - وتردي الأوضاع الاجتماعية - المجاعة والطاعون والأمراض - تلك الأوضاع التي أفقدت البلاد أكثر من نصف سكانها من جهة، وأفقدتهم المناعة على القتال.
ومن جهة أخرى - وهي ظروف مساعدة للعرب - شعور العرب بضعفها، وتوثبهم لمزيد من الفتح والاندفاع خاصة بعد وصولهم إلى أقاصي غرب أفريقيا، فالبحر يمنع اندفاعهم غربا والصحراء تمنع اندفاعهم جنوبا فكان الشمال - طبعا - المتنفس الطبيعي لهم.
يضاف إلى ذلك أمران هامان: العلاقة المتوترة التي كانت تسود بين العرب والقوط. والأمر الثاني: محاولة العرب إشغال البربر - المسلمون الجدد - بتوجيههم لحرب القوط ونحو الفتوح.
(٨٥)
التالي
الاولى ١
٢٣٤ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ذكر اختلاف الرواة في وقعة الحرة وخبر يزيد 4
2 ولاية الوليد المدينة وخروج الحسين بن علي 6
3 قتال عمرو بن سعيد الحسين وقتله 9
4 قدوم من أسر من آل علي على يزيد 11
5 إخراج بني أمية عن المدينة، وذكر قتال أهل الحرة 12
6 حرب ابن الزبير رضي الله عنهما 15
7 خلاف معاوية بن يزيد 16
8 غلبة ابن الزبير رضي الله عنهما وظهوره 18
9 حريق الكعبة 18
10 اختلاف أهل الشام على ابن الزبير 19
11 بيعة أهل الشام مروان بن الحكم 20
12 موت مروان بن الحكم 22
13 بيعة عبد الملك بن مروان وولايته 22
14 غلبة ابن الزبير على العراقيين وبيعتهم 24
15 بيعة أهل الكوفة لابن الزبير وخروج ابن زياد عنها 24
16 قتال المختار عمرو بن سعد 29
17 قتل مصعب بن الزبير المختار بن أبي عبيد الله 30
18 خلع ابن الزبير 32
19 قتل عبد الملك عمرو بن سعيد 32
20 مسير عبد الملك إلى العراق 34
21 قتل مصعب بن الزبير 35
22 ذكر حرب ابن الزبير وقتله 36
23 ولاية الحجاج على العراقين 38
24 خروج ابن الأشعث على الحجاج 40
25 حرب الحجاج مع ابن الأشعث وقتله 43
26 الحجاج والشعبي 55
27 انهزام ابن الأشعث وقيام عبد الرحمن بن عياش 58
28 ذكر قتل سعيد بن جبير 59
29 ذكر بيعة الوليد وسليمان ابني عبد الملك 62
30 موت عبد الملك وبيعة الوليد 65
31 تولية موسى بن نصير البصرة 68
32 دخول موسى بن نصير على عبد الملك بن مروان 69
33 تولية موسى بن نصير على إفريقية 69
34 خطبة موسى بن نصير رحمه الله 71
35 دخول موسى بن نصير إفريقية 71
36 خطبة موسى بإفريقية 72
37 فتح زعوان 72
38 قدوم كتاب الفتح على عبد العزيز بن مروان 73
39 إنكار عبد الملك تولية موسى بن نصير 73
40 جوابه 74
41 كتاب عبد العزيز بالفتح إلى عبد الملك - جوابه 74
42 فتح هوارة وزناتة وكتامة 75
43 فتح صنهاجة 76
44 فتح سجوما 76
45 قدوم الفتح على عبد الملك بن مروان 78
46 غزوة موسى في البحر 79
47 غزوة السوس الأقصى 81
48 قدوم الفتوحات على الوليد بن عبد الملك 82
49 فتح قلعة أرساف 83
50 فتح الأندلس 84
51 اتهام الوليد موسى بالخلع 88
52 دخول وفد موسى على الوليد بن عبد الملك 88
53 ذكر ما وجد موسى في البيت الذي وجد فيه المائدة مع صور العرب 89
54 ذكر ما أفاء الله عليه 90
55 غزوة موسى بن نصير البشكنس والإفرنج 91
56 خروج موسى بن نصير من الأندلس 94
57 قدوم موسى إفريقية 94
58 قدوم موسى إلى مصر 95
59 قدوم موسى على الوليد رحمهما الله 96
60 خلافة سليمان بن عبد الملك وما صنع بموسى بن نصير 97
61 عدة موالي موسى بن نصير 98
62 ذكر ما رآه موسى بالمغرب من العجائب 98
63 تولية سليمان بن عبد الملك أخاه مسلمة وما أشار به موسى عليه 101
64 سؤال سليمان موسى عن المغرب 102
65 ذكر قدوم موسى على الوليد 103
66 ذكر اختلاف الناقلين في صنع سليمان بموسى 104
67 نسخة القضية 106
68 ذكر يد موسى إلى المهلب 108
69 ذكر قتل عبد العزيز بن موسى بالأندلس 109
70 قدوم رأس عبد العزيز بن موسى على سليمان 111
71 سؤال سليمان بن عبد الملك موسى عن أخباره وأفعاله 114
72 ذكر ولاة الأندلس بعد موسى بن نصير 117
73 ذكر حج سليمان مع عمر بن عبد العزيز 118
74 ما قال طاووس اليماني لسليمان بمكة 119
75 ما قال أبو حزم لسليمان 120
76 ذكر وفاة سليمان واستخلافه عمر بن عبد العزيز 125
77 أيام عمر بن عبد العزيز 130
78 ذكر قدوم جرير بن الخطفي على عمر بن عبد العزيز 131
79 دخول الخوارج على عمر بن عبد العزيز 133
80 وفاة عمر بن عبد العزيز 136
81 ذكر رؤيا عمر بن عبد العزيز 136
82 ما علم به موت عمر رحمه الله في الأمصار 138
83 ولاية يزيد بن عبد الملك بن مروان 140
84 ولاية هشام بن عبد الملك 141
85 قدوم خالد بن صفوان بن الأهتم على هشام 142
86 بدء الفتن والدولة العباسية 147
87 دخول محمد بن علي على هشام 149
88 ولاية الوليد بن يزيد وفتن الدولة 149
89 قتل خالد بن عبد الله القسري 150
90 وثوب أهل دمشق على الوليد بن يزيد وقتله 152
91 ولاية مروان بن محمد بن مروان بن الحكم 154
92 خروج أبي مسلم الخراساني 155
93 ذكر ما أمال أصحاب الكرماني إلى أبي مسلم 158
94 تولية أبي مسلم قحطبة بن شبيب قتال مروان 160
95 ذكر البيعة لأبي العباس بالكوفة 161
96 حرب مروان بن محمد وقتله 161
97 قتل أبي سلمة الخلال 164
98 قتل رجال بني أمية 165
99 ذكر قتل سليمان بن هشام 168
100 خروج السفاح على أبي العباس وخلعه 169
101 اختلاف أبي مسلم على أبي العباس 170
102 قتل ابن هبيرة وأخذه 171
103 كتاب الأمان 173
104 قدوم ابن هبيرة على أبي العباس 175
105 قتل ابن هبيرة 176
106 اختلاف أبي مسلم على أبي العباس 179
107 كتاب أبي مسلم إلى أبي جعفر وقد هم أن يخلع ويخالف 180
108 موت أبي العباس واستخلاف أبي جعفر 181
109 قتل أبي مسلم 182
110 ثورة عيسى بن زيد بن علي بن الحسين 184
111 هروب مالك بن الهيثم 185
112 قصة سابور ملك فارس 187
113 خروج شريك بن عون على أبي جعفر وخلعه 187
114 اجتماع شبيب بن شيبة مع أبي جعفر قبل ولايته وبعدها 188
115 حج أبي جعفر ولقائه مالك بن أنس وما قال له 191
116 دخول سفيان الثوري وسليمان الخواص على أبي جعفر وما قالا له 192
117 دخول أبي ذؤيب ومالك بن أنس وابن سمعان على أبي جعفر 194
118 كتاب عبيد الله العمري إلى أبي جعفر 196
119 فأجابه أبو جعفر المنصور 197
120 اجتماع أبي جعفر مع عبد الله بن مرزوق 197
121 ذكر ما نال مالك بن أنس من جعفر بن سليمان 198
122 إنكار أبي جعفر المنصور لضرب مالك 199
123 دخول مالك على أبي جعفر بمنى 200
124 ما قال أبو جعفر لعبد العزيز بن أبي رواد 202
125 قدوم المهدي إلى المدينة 202
126 موت أبي جعفر المنصور واستخلاف المهدي 203
127 ذكر استخلاف هارون الرشيد 204
128 قدوم هارون الرشيد المدينة 205
129 مسير الرشيد إلى الفضيل بن عياض 209
130 ذكر الحائك المتطفل 211
131 ذكر الأعرابي مع هارون الرشيد 218
132 قتل جعفر بن يحيى بن برمك 221
133 وصول فاطمة أم جعفر بن يحيى إلى قصر الرشيد ماشية حافية 225
134 اتصال فاختة أخت الرشيد بجعفر بن يحيى 229
135 مرض الرشيد بالحمى الربع الذي كان جده أبو جعفر أخبره أنه يموت بها 230
136 عزم الرشيد على أخذ البيعة لابنه المأمون 231
137 عتاب زبيدة زوجته على ذلك 231
138 وفاة الرشيد والمأمون خارج العراق 232
139 اتصال أشرار العراق بالأمين وإيغار صدره على أخيه الأمين 232
140 دخول المأمون قصر الخلافة وحبسه أخاه الأمين 233
141 هروب الأمين من السجن وقتله - تمام الكتاب 233