مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ٢ - الصفحة ٢٣٠
السابق
الفارابي، من جهة أخرى. وأنه ليلفت النظر حقا ما وجدنا عليه أكثر مخطوطاته في التزامها بلفظة سبيل بدل أسباب رغم أنها غير متأخرة النسخ والتدوين!...
أما وضعنا لفظة كتاب في بدء عنوان التنبيه، فقد اعتمدنا في ذلك على تنظير المؤلف بالذات الذي يقول فيه: بحسب الوسط المحدود في هذا الكتاب لذا أجزنا لأنفسنا هذه الإضافة، بدل لفظة رسالة التي اصطنعها بعض الناسخين.
وأعود ثانية إلى ما سبق لنا تقريره عند تحقيقنا لكتاب تحصيل السعادة للفارابي حيث قلنا إن التحصيل يعتبر مفتاحا لما يجب أن يسلكه طالب الفلسفة كفرد أو عضو في مجتمع متكامل، وتكافله وتكامله هذا لا يتم إلا بشكل مرحلي يتدرج فيه من الأعم إلى الأخص، وعندئذ يتلو كتاب تحصيل السعادة كتاب التنبيه على سبيل السعادة، لأن الغرض منه كما بسطنا من قبل هو أن تتقوم النفوس بسلوك جميل نافع ينهض على أساس من الادراك المعرفي عند الإنسان، كي تتحقق لديه قوة إدراك الوسط الأخلاقي... وفي هذا المجال تساير الفلسفة العملية اقتناء الفعل الجميل، وذلك بارتباطها بالتطبيق المدني لهذه الأفعال، أو بالأحرى بالسياسة، خاصة في مفهومها الأخلاقي... وفي حال التقاء المرحلة الأولى مع المرحلة الثانية والتحامهما معا، تتحقق لهذا الإنسان ولهذا المجتمع سعادته التي يتطلع إليها.
والذي نريد التأكيد عليه هو أن كتاب تحصيل السعادة يعتبر في رأينا الأول في البناء السياسي والاجتماعي، وكتاب التنبيه على سبيل السعادة الذي بين أيدينا هو الثاني. ولعل في دراستنا وتحقيقنا لبعض رسائل الفارابي الفلسفية التي نعدها للنشر قريبا، ما يوضح للقارئ هذا الموقف الذي اخترنا.
وجدير بالذكر هاهنا، أننا نميل، كما ذكرنا في نشرتنا لكتاب تحصيل السعادة، إلى أن مؤلفات الفارابي السياسية والاجتماعية تأتي بعد مجموعته المنطقية المعروفة أعني شروحه المطولة فهي إذن لا تبدأ بظهوره الفلسفي، بل هي متأخرة، في تصورنا، عن بواكيره الأولى، وقد يرتفع بعضها إلى مرحلة شموخه الفلسفي... ورأينا هذا متأت من أننا نتبنى أصلا الفكرة التي ترى أن محاولة الفارابي في الاصلاح السياسي والاجتماعي ظهرت عند ما لمس الفيلسوف انهيار القاعدة الاسلامية ووسائل الحكم فيها، مما جعله يربط بين تأثيراته العامة بالانجاز الأفلاطوني والأرسطوطالي في هذا السياق، وقيم التعاليم الاسلامية التي لم يسبق تطبيقها فعلا، وإنما احتواها الحكام من الناحية النظرية فحسب.
وأيا ما كان، فحذار أن نقع بما وقع فيه بعض الباحثين العرب من أمثال د. محسن مهدي حين اعتبر كتاب التنبيه على سبيل السعادة هو الجزء الأول من مجموعة ثلاثية هي:
1 التنبيه على سبيل السعادة.
2 الألفاظ المستعملة في المنطق.
3 كتاب المقولات.
وجميع هذه الكتب تكون ما يسمى ب الأوسط الكبير أو المختصر الكبير!... وكان السبب الرئيس في الانزلاق إلى هذا الرأي هو أن الفارابي في الربع الأخير من كتابه التنبيه يتحدث عن الوسيلة التي ينبغي أن يميز فيها الإنسان بين الحق والباطل، والخطأ والصواب كما أوضحنا ذلك في فقرة سابقة، ويعني بها صناعة المنطق وألفاظه التي تسبقها صناعة النحو كدليل يسوقه لتحديد طرائق المنهج التي تسبق الشروع بدراسة الفلسفة وموضوعاتها، لذا عد هذا وسيلة لتلك... بينا نجد الفيلسوف في تنظيره المعرفي يؤكد، وبوضوح تام، أن المنطق الحق هو البرهان لأنه السبيل الحقيقي لهذه الصناعة، الذي يقود إلى التصديق اليقيني من حيث أنه يؤدي إلى قوانين ثابتة يمكن الاستعانة بها في جميع موضوعات الفلسفة.
في ضوء هذا الذي ذكرنا، لا نجد ما يبرر صحة الرأي الذي يذهب إلى أن كتاب التنبيه على سبيل السعادة هو الجزء الأول من مجموعة الفارابي المنطقية، لأن الكتاب المذكور كما نرى لا يعد وسيلة لصناعة المنطق، باعتبار أنه ينهض أساسا على محاولة تحقيق السعادة الإنسانية المرغوبة في ظل دراسة الفلسفة كمنظومة قائمة على منهج محدد. وأن كثيرا من فقراته ترتبط أصلا في البحث عن مفاهيم وأصول أخلاقية واجتماعية.
فهل يصح بعد الذي قلناه اعتبار التنبيه على سبيل السعادة كأنه المقدمة التي قدمها الفارابي لكتاب الألفاظ المستعملة في المنطق؟... إنه أمر لا يمكن الركون إليه، ولا يحسن الأخذ به منهجيا، على أقل تقدير!...
فما المقصود إذن بعبارة الفارابي التي يقول فيها ونجعل ما لنا لهذا الكتاب التي قرأها د. مهدي ونجعله تاليا حسب ما ورد في بعض نسخ التنبيه.
وفات د. محسن مهدي أن مخطوطة المكتبة البريطانية المرقمة 7518.
ترد فيها النهاية واضحة كما ذكرنا في أعلاه، أي ونجعل ما لنا لهذا الكتاب ويعني بذلك كتاب التنبيه. ومن هنا فان القراءة الخاطئة لمحسن مهدي أوقعته، من حيث يعلم أو لا يعلم، في الحكم المبتسر حول كتاب التنبيه!...
إنني لا أتردد في أن أبا نصر الفارابي قصد بعبارته تلك الإشارة إلى أن السعادة لا تتم للانسان إلا بوسائلها العقلانية المتميزة، ولا بد لنا من دراسة ما يؤدي إلى اقتناء هذه الملكة المتميزة فاذن ينبغي أن نفتح كتابا من كتب الأوائل متخذين إياه مدخلا إلى دراسة ألفاظ المنطق وموضوعاته، كما يقول الفيلسوف... وليس في هذا ما يدعو إلى اعتبار التنبيه على سبيل السعادة هو الجزء الأول الذي يسبق كتاب الألفاظ المستعملة في المنطق، كما بسطنا من قبل... إن التنبيه كتاب يرتبط، من حيث التنظيم، بدلالة المفهوم الذي يصحر به الفارابي دائما وهو تحصيل السعادة.
أما الإشارة الواردة في كتاب الألفاظ المستعملة في المنطق والتي تقول: وقد قيل في الكتاب الذي قدم على هذا الكتاب أي قوة يفيدها صناعة المنطق وأي كمال يكسبه الإنسان بها... وبالجملة فإنها تكسب القوة أو الكمال الذي ذكرناه في الكتاب الذي قبل هذا. والتي اعتبرها د. محسن مهدي تأكيدا لما ذهب إليه بخصوص كتاب التنبيه على سبيل السعادة!...
أقول إن الفيلسوف هنا يعني كتاب إحصاء العلوم الذي يورد فيه فقرة مفصلة عن المنطق ووسائله وغاياته. ويؤيد رأينا هذا حديث الفارابي عن السوفسطائية
(٢٣٠)
التالي
الاولى ١
٣٧٤ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة 4
2 آمنة القزوينية - إبراهيم القطيفي - البحراني - الخطي - أحمد الدندن - الصحاف 5
3 أحمد مسكويه 6
4 أحمد آل عصفور - البحراني 17
5 أحمد بن حاجي - الدرازي - الدمستاني - المتنبي 18
6 أحمد القطيفي 30
7 أحمد الغريفي 31
8 أحمد عصفور - الزاهد - الخطي - البحراني 39
9 أحمد البحراني - الزنجي - البلادي - العقيري 40
10 أحمد القطيفي - آل عصفور - الشايب - المصري 41
11 أحمد الصاحب 43
12 أحمد البحراني - الأحوص - إدريس الثاني 44
13 إدريس الأول 47
14 إسماعيل الصفوي 48
15 أم كلثوم القزوينية - أمانت 66
16 أويس الأول - أيوب البحراني - بابر 67
17 باقر الدمستاني - بيرم خان خانان 68
18 جارية بن قدامة السعدي 69
19 جعفر القطاع - البحراني 75
20 جواد علي - جويرية - حبيب بن قرين 76
21 حرز العسكري - حسن عصفور - القطيفي 77
22 الحسن الوزير المهلبي 79
23 حسن الدمستاني 90
24 الحسين النعالي - معتوق - آل عصفور 91
25 حسن الحيدري - البلادي - الحسين ابن خالويه 93
26 حسين الغريفي - البحراني - الماحوزي 96
27 الحسين الطغرائي 97
28 حسين الفوعي - القزويني 102
29 حسين نور الدين - الحسين بن سينا 103
30 حمد البيك 118
31 خلف آل عصفور - الخليل بن أحمد الفراهيدي 132
32 داود البحراني 136
33 درويش الغريفي - رقية الحائرية - رويبة - السائب - الأشعري - سعد صالح 137
34 سعيد حيدر 138
35 سليمان الأصبعي 149
36 شبيب بن عامر - صالح الكرزكاني - صخير 150
37 صدر الدين الصدر - طاشتكين 151
38 عبد الإمام - عبد الجبار - عبد الرؤوف - عبد الرضا - عبد الحسين القمي - ابن رقية 152
39 عبد الرحمان الهمداني - ابن عبيد 153
40 عبد الرحمان النعماني - عبد السلام بن رغبات ديك الجن 154
41 عبد الله الحلبي - عبد علي عصفور 156
42 عبد علي القطيفي - عبد العلي البيرجندي - عبد الغفار نجم الدولة 157
43 عبد الكريم الممتن 158
44 عبد الله المقابي - الحجري - البحراني - الكناني - الأزدي - ابن وال - الأزدي 160
45 عبد الله النهدي - الأحمر - عبد المحسن اللويمي 161
46 عبد النبي الدرازي - عبيد الله بن الحر الجعفي 162
47 عبيدة - عدنان الغريفي 170
48 علي الأحسائي - البحراني - المقابي - جعفر - الدمستاني 171
49 علي الصالحي - ابن الشرقية 172
50 علي بن المؤيد 174
51 علي باليل 181
52 سيف الدولة الحمداني - ابن بابويه 183
53 علي الغريفي 194
54 علي نقي الحيدري - ابن أسباط - الصحاف 199
55 علي الحماني 200
56 علي بن الفرات 209
57 علي التهامي 211
58 عمر بن العديم 216
59 عيسى عصفور - قيس بن عمرو النجاشي 218
60 كريب - مال الله الخطي - ماه شرف 220
61 محسن عصفور - محمد الأسدي 221
62 محمد الكناني 224
63 محمد بن أحمد الفارابي 225
64 محمد البيروني 230
65 محمد الدمستاني - السبعي - الشويكي - الخطي - السبزواري 243
66 محمد النيسابوري - الشريف الرضي محمد بن الحسين 244
67 محمد الكرزكاني - المقابي 279
68 محمد بن أبي جمهور الأحسائي 280
69 محمد البحراني - البرغاني 284
70 محمد تقي الفشندي - آل عصفور - الحجري - الهاشمي 285
71 محمد جواد دبوق - المقابي - البحراني - آل عصفور 295
72 محمد عباس الجزائري 296
73 محمد علي البرغاني 297
74 محمد صالح البرغاني 298
75 محمد قاسم الحسيني - البغلي 303
76 محمد علي الأصفهاني - محمد كاظم التنكابني - محمد محسن الكاشاني 306
77 محمد محسن العاملي - محمد مهدي البصير - محمد النمر 307
78 محمود بن الحسين كشاجم 310
79 مرتضى العلوي - مغامس الحجري - مصطفى جواد 320
80 معتوق الأحسائي 325
81 معد الموسوي - معقل بن قيس الرياحي 326
82 مهدي الحكيم 328
83 مهدي بحر العلوم 328
84 مهدي المازندراني - الحيدري 331
85 منصور كمونة 334
86 مهدي الكلكاوي - محمد طاهر الحيدري - محمد بن مسلم الزهري - خاتون - معمر البغدادي - محسن الجواهري 335
87 ناصر الجارودي - حسين - نصر النحوي - المدائني - القاضي النعمان 336
88 نعمة الله الجزائري - نعيم بن هبيرة 340
89 نوح آل عصفور - نور الدين القطيفي - هبة الله ابن الشجري 341
90 هشام الجواليقي - يحيى الفراء 342
91 يعقوب الكندي 347
92 يوسف بن قزغلي 353
93 ملحق المستدركات - صلاح الدين الأيوبي 354
94 الخراسانية والمتشيعة 359
95 العرب والمأمون ثم البويهيون 362
96 سعد صالح 365
97 صلاح الدين وخلفاؤه - إسماعيل الصفوي 366
98 ابن جبير في جبل عامل 368