مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ١ - الصفحة ٧٠
السابق
الغالبة في الشرق والغرب وإن قامت باسم بني هاشم وباسم آل محمد، ومن ذلك نعلم أن توازن القوى في هذا الكفاح المرير بين بني الحسن وبني العباس مفقود بالمرة.
إلى هذه الناحية من نواحي الضعف الظاهر في بني الحسن كان يشير الإمام جعفر بن محمد في نصايحه لبعض أبناء عمه والى ذلك - فيما نرى - مرد مناهضته لرأي من يرى الخروج منهم بالسيف على دولة بني العباس، والى ذلك أيضا مرد معارضته لبيعة محمد بن عبد الله النفس الزكية.
ليست هذه أول مرة ينصح فيها الامام أبناء عمه الحسن ويشفق عليهم من التطلع إلى الملك ويريدهم على العدول عن تلك الأماني، فإنه لم يأل العلويين نصحا في التجافي من شؤون الدولة في عصره والأعراض عن سفك الدماء في سبيلها، ففي طلب العلم والأحكام وفي تحصيل الأثر وبثهما في الدنيا ما يشغلهم عن ذلك، ثم أن دنيا بني العباس ودولتهم مقبلتان فأي جدوى في مقارعة العباسيين.
صحيفة الدولة كان جعفر بن محمد بحدسه الصائب ونظره الثاقب يستشف احداث المستقبل ولذلك كان أسد الهاشميين رأيا بمعارضته لبيعة النفس الزكية.
لا يخامرنا أدنى شك بما كان لهذا المنهج الذي يدعو إليه جعفر بن محمد وبما كان لسياسته السلمية البحتة من أثر بالغ في نفس أبي جعفر المنصور، فأعرض عن كثير من السعايات وضرب صفحا عن الكتب المزورة عنه إلى أنصاره في العراق وخراسان، وأية قيمة للدس والتزوير المفضوح بعد ما رآه و سمعه المنصور بنفسه مما أقنعه بان هذا الإمام برئ الساحة مأمون الناحية بعيد عن التهم المنسوبة إليه فلا عجب إذا كان لوفاته سنة 148 وقع أليم في نفس أبي جعفر المنصور على ما رواه فريق من المؤرخين وقد ابنه بكلمات تدل على مبلغ إكباره له.
لم يجنح بنو الحسن إلى رأي جعفر بن محمد، وكان لفريق منهم في وعظه ونصائحه مذهب آخر فهم يحملونه على الحسد، وهم يغلظون له القول أو يسمعونه خشن الكلام، وهم بعد ذلك لا يشكون بان انتزاع الأمر من يد العباسيين سهل يسير وأن الأمة تشد أزرهم في ذلك، فهذه الرسل والرسائل تترى عليهم من الأقطار ولا شك أن رسائل كثيرة وافتهم من مختلف الأقطار بيد أن شطرا من تلك الرسائل مصطنع بأمر أبي جعفر المنصور إذا استثنينا رسائل بعض الزعماء في الكوفة وفي مقدمتها رسالة أبي سلمة الخلال نقيب الدعوة في المشرق والعراق.
دعوة الكوفة وحركتها الجديدة جد لأبي سلمة الخلال زعيم الكوفة ونقيب الدعوة الهاشمية بعد استقرار العباسيين القادمين من الشراة إلى العراق رأى خطير في البيعة فاجابه علويي الحجاز، ووافت الحجاز رسل الزعيم المذكور ورسائله على عجل لجس نبض العلويين واحدا وقد رسم الخلال لذلك - أي لتحويل البيعة إلى العلويين من العباسيين - خطة دقيقة لا يرسمها إلا الدهاة من أصحاب الدعوة بيد أن آراء أهل المدينة تضاربت في قبول الدعوة وهو أمر لا مناص منه بعد هذه المفاجأة الجديدة.
كانت دعوة أبي سلمة هذه محكا للعلويين المقيمين في المدينة فقد انقسموا إلى فريقين فريق هش للدعوة واستبشر برسل أبي سلمة ورسالته ورأوا فيها فرصة سانحة لمناهضة بني العباس وأحقاق حقهم في الخلافة وعلى رأس هذا الفريق وجوه بني الحسن عبد الله وأبناؤه محمد وإبراهيم وموسى وعدد غير قليل من شباب آل أبي طالب وجمهور من أهل المدينة وفريق آخر قابل هذه الدعوة الكوفية الجديدة بأعراض تام، وأمامهم في ذلك جعفر بن محمد فإنه امتنع من فض الكتاب المرسل إليه وأمر باحراقه على مرأى من رسول الزعيم أبي سلمة الخلال، ولما طالبه بالجواب قال: الجواب ما رأيت، ثم شفع هذا الجواب بالإنكار على عبد الله بن الحسن ثقته واطمئنانه إلى مصدر هذه الدعوة ونصحه إلا يندفع وراء الخيال فان الأمر قد تم لبني العباس في العراق.
عصر بني الحسن، أو عصر الزيدية يصح أن يحدد عصر بني الحسن المذكورين بالفترة التاريخية الواقعة بين أواخر الدولة الأموية وأوائل العباسية، ففي هذه الفترة ظهرت دعوتهم إلى الخلافة في الشرق والغرب وأنهم أولى الهاشميين قاطبة - فضلا عن غيرهم بالإمامة - وإنها - أعنى الإمامة - إليهم انتقلت من بعد الإمام الحسين، وإن محمد بن عبد الله بن الحسن المثنى هو الإمام، إذ كان أهله يسمونه المهدي ويقدرون أنه الذي جاءت به الروايات، كما كان بعض الطالبيين يرون أنه النفس الزكية، وإنما قيل له النفس الزكية لزهده ونسكه.
كان عبد الله بن الحسن أبو محمد المذكور - وهو وجه من وجوه الهاشميين في ذلك العصر - يعتقد اعتقادا جازما بامامة ابنه كما كان من أنشط القائمين بالدعوة إلى بيعته، أعانه على ذلك أنه زعيم هاشمي موهوب معسول الكلام حلو البيان حتى كان أمراء الدولتين الأموية والعباسية يحسبون حسابا لبلاغته و أثرها في النفوس، فهذا ابن عبد العزيز لم يشأ أن يبيت عبد الله بن الحسن ليلة واحدة في الشام - في رحلته إليها وافدا على ابن عبد العزيز - قائلا: " الحق بأهلك فإنك لم تبغهم شيئا أنفس منك ولا أرد عليهم من حياتك أخاف عليك طواعين الشام "، قال الجاحظ: " كره أن يروه وأن يسمعوا كلامه لعله يبذر في قلوبهم بذرا ويغرس في نفوسهم غرسا "، وكان أبو جعفر المنصور يصف كلام عبد الله بن الحسن بالسحر، ويقال ما ساير عبد الله بن الحسن أحدا إلا فتله عن رأيه، ولذلك استجاب لدعوته التي قام بها لابنه من استجاب من أهل الحجاز.
كثر أنصار بني الحسن وأتباعهم في هذا العصر من العلويين والطالبيين ومن غيرهم وبايعتهم فرق الزيدية، وخرج غير واحد منهم بالسيف على العباسيين شرقا وغربا، خرج محمد بن عبد الله المذكور في الحجاز وتلاه أخوه إبراهيم الثائر على المنصور في العراق وثار أخوهما يحيى بن عبد الله في المشرق أو في بلاد الديلم وثار أخوهم الرابع إدريس على الرشيد في المغرب الأقصى أو في مراكش وفي أقاليم البربر المجاورة للجزيرة الأندلسية الخضراء، وكان إدريس أكثر اخوته نجاحا في خروجه على الدولة العباسية - كما سنراه عن قريب - بيد أن عبد الله بن الحسن كان معنيا أشد العناية بحمل أبي عبد الله جعفر بن محمد على التآزر مع بني الحسن وقصده غير مرة من أجل الدخول معهم في البيعة لابنه إلا أنه عجز عن إقناعه ولم يخرج من محاورته ومداورته بشئ.
كانت حجة جعفر بن محمد أبلغ ورأيه أسد وأصوب، ولهذا لجا بعض الطالبيين وأنصارهم من الزيدية إلى الشدة مع الإمام المذكور، تولى ذلك - في رواية مشهورة - عيسى بن زيد بن علي المعروف بمؤتم الأشبال، وكان عيسى هذا في أوائل من استجاب لدعوة بني الحسن مع أنه ابن عم جعفر بن محمد ومن أقرب العلويين نسبا إليه.
(٧٠)
التالي
الاولى ١
٣٠٢ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة - آتش حيدر علي فيضي - آصف الدولة - إبراهيم شرارة 4
2 إبراهيم العلوي بن حسين - إبراهيم مجتهد - أبو الحسن شمس آبادي - أبو الفضل الطهراني - أحمد القزويني بن السيد حميد 9
3 أحمد آل كاشف الغطاء - السيد أحمد الخونساري - أبو العلاء المعري 11
4 أحمد بن منير الطرابلسي 14
5 إسماعيل الصفوي 17
6 أفضل الدين الكاشاني 18
7 أسامة بن منقذ - انشاء الله خان - أنيس 20
8 باقر كاشف الغطاء - باقر أمين الورد - باقر سماكة بن الشيخ محمد - باقر عبد الغني - بدران المزيدي 21
9 البرسيين - بزرك أبو الحسن علوي 22
10 تقي الشيخ راضي - توفيق الفكيكي - جابر الشكري بن عزيز - جرأت - جعفر الخليلي 23
11 جعفر همدر 24
12 جواد علوش - جون 27
13 حبيب بن محمد - حسن علي نجابت - حسين الخادمي - ابن سينا 29
14 حسين القزويني 34
15 حسين معتوق - أبو نواس الحسن بن هاني 35
16 حسن البحراني 39
17 الحسين بن نما الحلي 40
18 حيدر الآملي 41
19 حيدري - خضر المهراني - خضر الطائي - الخطاطون في العهد الصفوي 42
20 الخليل الفراهيدي 45
21 خليل مغنية 46
22 خليل ياسين 47
23 دبير - دبيس المزيدي - دعبل الخزاعي 49
24 رجل من بني ليث - ذو فقار الدولة - راضي آل ياسين 50
25 رضي ذو النوري - راغب حرب - رحيم آرباب - زاير البرسي - سبط الحسن الجايسي - سعد صالح 51
26 سعيد نفيسي - سكينة بگم - سليم حيدر 52
27 سليمان عبد الجبار - سودا - شاكر هادي شكر - شهدة - صادق شفق 55
28 صادق الفحام - صالح الشهرستاني - صدر الدين الصدر 57
29 صدر الدين شرف الدين - صدر الدين الدهلوي - صفي 58
30 الضحاك المشرفي - ضياء الدين الخالصي - ضياء الدين العراقي 59
31 طاهر بن يحيى - طه باقر - الطفيل - طلائع بن رزيك 60
32 ظالم بن عمرو أبو الأسود الدؤلي 61
33 ظالم بن شراق - عابس الشاكري - العباسيون 63
34 عارف الحر 78
35 عباس اقبال 79
36 عباس أبو الحسن 80
37 عباس القمي - عباس الشيرازي - عباس القرشي 81
38 عباس الهمداني 82
39 عبد الحسين دست غيب - عبد الحسين الأميني - عبد الحسين الحلي 83
40 عبد الحسين نور الدين 84
41 عبد الرؤوف الأمين 85
42 عبد الرضا صادق 88
43 عبد الرضا المطبعي - عبد العزيز بن البراج 90
44 عبد الصاحب الحكيم - عبد الكريم الخليل 96
45 عبد الكريم بن طاووس - عبد الكريم الهاشمي - عبد الله الجزائري 99
46 عبد الله التستري - عبد الله الشيرازي - عبد الله الكلبي - عبد الله الطائي 100
47 عبد الله وعبد الرحمن الغفاريان - عبد الله أحمديه 101
48 عبد الله الشيرازي - عبد الله الصائغ 102
49 عبد الله بن سلمة - عبيد الله الكوفي - عبد المطلب الحلي 105
50 عبد المطلب الأمين 106
51 عبد المهدي مطر 111
52 عبد الله الجعفي - علي إبراهيم 114
53 علي رضا عباسي 116
54 علي أكبر دهخدا 118
55 علي أكبر نواب - علي الأنصاري الشيرازي - سيف الدولة علي بن حمدان 120
56 علي بن عبد الله بن العباس - علي البحراني - علي النوري 123
57 علي آل شبانة - علي البهبهاني - علي الشيرازي 124
58 علي بن الحسن شميم الحلي 125
59 علي بن حمدون - علي المراغي - علي الهمذاني 126
60 علي الميبدي - علي الخياباني - علي الأبزري - علي نياز - عطية الكوفي - عمرو الأنصاري - عمر الصيداوي - غالب 127
61 غلام رضا سرخي - فاضل الجمالي 128
62 فؤاد عباس 147
63 فتى من أهل الكوفة - الفضل بن جعفر - الفضل بن الزبير الكوفي 148
64 القاسم بن معية - القاسم بن مظاهر - قيس النابغة الجعدي 153
65 قيس النجاشي - كليب الجرمي - الكميت 154
66 لطف الله العاملي 159
67 لطف الله البحراني - ماجد الصادقي - عضد الدين المبارك الأسدي 161
68 مجيد العطار 162
69 محمد بن أبي بكر الهمذاني - محسن جمال الدين - محسن الموسوي - محمد أبو نصر الفارابي 163
70 محمد أبو النديم 173
71 محمد بن إدريس الحلي 177
72 محمد باقر - محمد حسين الكازروني - محمد الحسيني - محمد المتخلص - محمد الشيرازي - محمد معصوم - محمد الكازروني الطبيب - محمد الدهدار الشيرازي - محمد نصير الدين 178
73 محمد مهدي حجاب الشيرازي - محمد بن يوسف الشيرازي - محمد بن الحسين الشيخ البهائي 179
74 محمد الغفاري كمال الملك 180
75 محمد باقر الدهلوي - محمد صادق بحر العلوم - محمد بهشتي 182
76 محمد تقي بهار 183
77 محمد الحجة - محمد جمال الهاشمي 184
78 محمد حرز الدين - محمد الخليلي 185
79 محمد حسن الحكيم 186
80 محمد أبو جعفر الطوسي 187
81 محمد تقي الآملي 198
82 محمد جواد باهنر - محمد حسين آزاد - محمد الطباطبائي - محمد رضا الشبيبي 199
83 محمد رضا القمي - محمد شريف خان - محمد مفتح - محمد بن الأبار 203
84 محمد الشويكي 204
85 محمد شرارة 205
86 محمد حسين الشهرستاني 209
87 محمد صادق نشأت - محمد رضا شرف الدين 210
88 محمد آل شبانة - محمد صدوقي 211
89 محمد الأردوبادي - محمد علي بري - محمد الشيباني 212
90 محمد علي خاتون - محمد الصاحبي - محمد الجزائري - محمد المدرسي 217
91 محمد المعصومي - محمد بن طباطبا - محمد جواد - محمد ناصر 218
92 محمد علي اليعقوبي 220
93 محمد بن عمر الكشي - محمد قسام - محمد قطب شاه 221
94 محمد قلي قطب شاه - دول الهند الشيعية - محمد كال شعيب 222
95 محمد المقدادي القمي 224
96 محمد بن المبارك الكرخي - محمد نصير الدين الطوسي 227
97 محمد بن مكي الشهيد الأول - محمد الجبي 236
98 محمد هاشم الأشكوري 239
99 محمد بن هاني الأندلسي 240
100 محمد يوسف مقلد 242
101 محمد بن المبارك الكرخي 243
102 محمد مهدي البصير 244
103 محمود بن الياس الشيرازي - محمود الحبوبي 245
104 محمود الحمصي 248
105 محمود الشاهرودي - محمود الطالقاني - محمود بن مسعود الشيرازي - محيي الدين شمس الدين 249
106 مرتضى مطهري - مزيد المزيدي - مصطفى جواد 251
107 معاذ بن مسلم الهراء - المقداد السيوري - مهيار الديلمي 252
108 موسى الزين شرارة 267
109 موسى سيار الشيرازي - مير أمين - مير حسن - مير آبادي 269
110 ناسخ - ناصر الدين الشيخ راشد - نصر الخبز أرزي 270
111 نصير الدين ناصر العلوكي 271
112 ناصيف النصار 273
113 نصر بن علي الحلي - نصير الدين المنازي - نظير - نواب صفوي 279
114 النوار ابنة مالك - هادي النحوي - هادي كمال الدين - هاشم معروف الحسني 282
115 هبة الله بن علي - ابن الشجري 283
116 ورام الحلي - يحيى القرشي - يزدن التركي 284
117 يزيد بن قيس - يزيد بن زياد الكندي - يزيد بن مفرغ 285
118 يحيى بن البطريق 288
119 يعقوب بن داود 289
120 يوسف بن المطهر - يوسف رجيب - يونس الأردبيلي - الأمويون والإسلام والعروبة 290
121 الشيعة يحمون العالم الإسلامي 295
122 الحجاج بن يوسف 298
123 كلمة الختام 300