مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ١ - الصفحة ٢٩٩
السابق
الأحمر!
ويأسف على أيام السلم الوادعة التي انطوت بلا قتال تزهق فيه النفوس وتطيح الهامات!
هل المعري هو الذي يتكلم؟ اجل هو المعري بلسانه الطلق وبيانه الفياض!
إذا كانت الإنسانية هي التي أوحت للمعري ان يقول للذين ذبحوا له (الفروج) وأنضجوه وقدموه له ليأكله في مرضه الذي أنحله: " استضعفوك فوصفوك... هلا وصفوا شبل الأسد... " ثم يمتنع عن اكله استفظاعا لتخيل دمه المراق!
إذا كانت الإنسانية هي التي رققت قلب المعري، فان الوطنية هي التي قست ذلك القلب الرحيم، فجعلت الدم المراق عنده أجمل منظر وأعذب مرأى!
دم الأعداء الذين لم يتورعوا عن اقتحام وطنه واستباحة ارضه وترويع أهله و تشريد سكانه!
ثم يشتد في القول فيخاطب الغزاة مهددا متوعدا بمواصلة الحرب:
بني الغدر هل ألفيتم الحرب مرة * وهل كف طعن عنكم ونضال وهل اطلعت سحم الليالي عليكم * وما حان من شمس النهار زوال وهل طلعت شعث النواصي عوابسا * رعال ترامى خلفهن رعال لها عدد كالرمل المبد على الحصا * ولكنها عند اللقاء جبال فان تسلموا من سورة الحرب مرة * وتعصمكم شم الأنوف طوال (1) خذوا الآن ما يأتيكم بعد هذه * ولا تحسبوا ذا العام فهو مثال ثم يعود إلى ذكر الدماء بعد ان يصف الخيل العربية واثبة بفرسان العرب، وان تلك الخيول الظامئات لن يكون الماء موردها، ولن يرويها الا دماء الروم:
يردن دماء الروم وهي غريضة * ويتركن ورد الماء وهو زلال وفي قصيدة أخرى يندد بالانهزاميين الذين يخوفون المواطنين باس الروم ويحث قومه على الثبات:
أيوعدنا بالروم ناس وانما * هم النبت والبيض الرقاق موام ويذكر مواطنيه بانتصاراتهم السابقة على الروم وان ما يوعدهم به الانهزاميون لن يكون مصيره بأفضل:
كأن لم يكن بين " المخاض " و " حارم " * كتائب يشجين الفلا وخيام ولم يجلبوها من وراء " ملطية " * تصدع أجبال بها واكام كتائب من شرق وغرب تألبت * فرادى اتاها الموت وهي توام بيوم كأن الشمس فيه خريدة * عليها من النقع الاحم لثام كأنهم سكرى أريق عليهم * بقايا كؤوس ملؤهن مدام فاضحوا حديثا كالمنام وما انقضى * فسيان منه يقظة ومنام ويبدو ان البيزنطيين (الروم) قد ارسلوا يفاوضون على الصلح وانهاء الحرب مما لم يعجب المعري لأنه يريد أهداف أمته كاملة ولو أدى الامر إلى ما يمكن ان يؤدي اليه من الضحايا الكثيرة: قتلى وجرحى. وهنا نرى المعري داعية حرب لا هوادة فيها، حرب تسيل فيها الدماء اي مسيل فهو يخاطب المفاوض العربي بهذا القول الصريح ويحدد له الموقف المطلوب:
وردوا إليك الرسل، والصلح ممكن * وقالوا على غير القتال سلام فلا قول الا الضرب والطعن عندنا * ولا رسل الا ذابل وحسام فأن عدت، فالمجروح توسى جراحه * وان لم تعد متنا ونحن كرام فلسنا وان كان البقاء محببا * بأول من اخنى عليه حمام هذه صفحات من تاريخنا النضالي كان فيها الشعراء مع الفرسان جنبا إلى جنب في كفاح الغزاة، تاريخنا النضالي الذي اطلق شاعرا وديعا رقيق القلب عطوف النفس من محبسيه واعاده من الدعوة إلى الهدوء والحنان والتعاطف، إلى الصخب والقسوة والعنف، من داعية سلام إلى داعية حرب عنيف الدعوة صارمها.
وإذا كان اعجابنا بالمعري المسالم الهادئ العطوف عظيما، فأن اعجابنا بالمعري المحارب الثائر الحاقد الدموي أعظم.
الحجاج بن يوسف قال كاتب يصف الحجاج بن يوسف: " نشر الأمن والأمان والأمانة والايمان ".
ثم قال: وكان الحجاج عادلا في الحكم بالفعل ".
والكاتب في هذا الكلام يرد بدون ان يسمي كلامه ردا على تطرقنا عرضا لذكر الحجاج ومظالمه في مقال لنا سابق.
ولقد كان شيئا رهيبا ان يخالف كاتب في هذا العصر ما اجمع عليه خيار الأمة في عصر الحجاج وبعد عصر الحجاج فيتكلم بهذا الكلام عن رجل يقول عنه خير الدين الزركلي في كتابه (الاعلام): " وكان سفاكا سفاحا باتفاق معظم المؤرخين ".
لقد اتفق على ذلك معظم المؤرخين بنص المؤرخ المعاصر صاحب الأعلام. وطبيعي ان يوجد من له مثل ذهنية كاتب المقال فيشذ عن هؤلاء المؤرخين ويخرج على اجماعهم.
ومن العجيب ان الكاتب ممن يرون الاجماع حجة في الشؤون الكبرى والصغرى ويغمزون بمن لا يأخذ بهذا الاجماع، ولكنه هنا لا يبالي ان يكون شاذا عن هذا الاجماع ما دام هذا الشذوذ يوافق هوى في نفسه!
ان الحسن البصري، وهو من هو في التاريخ الاسلامي، والكاتب اعرف الناس به. ان الحسن البصري هذا يسجد لله شكرا لما مات الحجاج، ويقول: " اللهم كما أمته فامت عنا سنته ".
وان عمر بن عبد العزيز يقول: " الوليد بالشام والحجاج بالعراق وقرة بمصر، وعثمان بن حيان بالحجاز، امتلأت والله الأرض جورا ".
لا يتمالك الحسن البصري - وهو الشيخ الوقور الرزين، الذي يزن القول والفعل - لا يتمالك نفسه أن يخر ساجدا لله معفرا جبينه بالأرض شكرا لله تعالى على أن أراح الأمة من السفاح السفاك الطاغية، وأنقذها من المجازر البشرية التي كانت تحدث في كل يوم، ومن الجور الفادح الذي كان يحل بها في كل ساعة. ثم يخشى هذا الامام الجليل أن يخلف الحجاج من يسير على سنته، فلا ينسى أن يدعو الله أن يميت سنته كما أماته هو نفسه.
يفعل الحسن البصري هذا الفعل ويقول هذا القول عن الحجاج،. وهو المعاصر له الشاهد على أفاعيله، ثم يأتينا في هذا العصر من يقول: " كان الحجاج عادلا في الحكم فعلا ".
ونقول لهذا القائل: ان الحسن البصري أوثق عندنا وعند غيرنا منك، وهذا أضعف ما يمكن ان نقوله!
ويرى عمر بن عبد العزيز وهو أيضا الشاهد المعاصر - ان الأرض

(1) يقصد بها الجبال.
(٢٩٩)
التالي
الاولى ١
٣٠٢ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة - آتش حيدر علي فيضي - آصف الدولة - إبراهيم شرارة 4
2 إبراهيم العلوي بن حسين - إبراهيم مجتهد - أبو الحسن شمس آبادي - أبو الفضل الطهراني - أحمد القزويني بن السيد حميد 9
3 أحمد آل كاشف الغطاء - السيد أحمد الخونساري - أبو العلاء المعري 11
4 أحمد بن منير الطرابلسي 14
5 إسماعيل الصفوي 17
6 أفضل الدين الكاشاني 18
7 أسامة بن منقذ - انشاء الله خان - أنيس 20
8 باقر كاشف الغطاء - باقر أمين الورد - باقر سماكة بن الشيخ محمد - باقر عبد الغني - بدران المزيدي 21
9 البرسيين - بزرك أبو الحسن علوي 22
10 تقي الشيخ راضي - توفيق الفكيكي - جابر الشكري بن عزيز - جرأت - جعفر الخليلي 23
11 جعفر همدر 24
12 جواد علوش - جون 27
13 حبيب بن محمد - حسن علي نجابت - حسين الخادمي - ابن سينا 29
14 حسين القزويني 34
15 حسين معتوق - أبو نواس الحسن بن هاني 35
16 حسن البحراني 39
17 الحسين بن نما الحلي 40
18 حيدر الآملي 41
19 حيدري - خضر المهراني - خضر الطائي - الخطاطون في العهد الصفوي 42
20 الخليل الفراهيدي 45
21 خليل مغنية 46
22 خليل ياسين 47
23 دبير - دبيس المزيدي - دعبل الخزاعي 49
24 رجل من بني ليث - ذو فقار الدولة - راضي آل ياسين 50
25 رضي ذو النوري - راغب حرب - رحيم آرباب - زاير البرسي - سبط الحسن الجايسي - سعد صالح 51
26 سعيد نفيسي - سكينة بگم - سليم حيدر 52
27 سليمان عبد الجبار - سودا - شاكر هادي شكر - شهدة - صادق شفق 55
28 صادق الفحام - صالح الشهرستاني - صدر الدين الصدر 57
29 صدر الدين شرف الدين - صدر الدين الدهلوي - صفي 58
30 الضحاك المشرفي - ضياء الدين الخالصي - ضياء الدين العراقي 59
31 طاهر بن يحيى - طه باقر - الطفيل - طلائع بن رزيك 60
32 ظالم بن عمرو أبو الأسود الدؤلي 61
33 ظالم بن شراق - عابس الشاكري - العباسيون 63
34 عارف الحر 78
35 عباس اقبال 79
36 عباس أبو الحسن 80
37 عباس القمي - عباس الشيرازي - عباس القرشي 81
38 عباس الهمداني 82
39 عبد الحسين دست غيب - عبد الحسين الأميني - عبد الحسين الحلي 83
40 عبد الحسين نور الدين 84
41 عبد الرؤوف الأمين 85
42 عبد الرضا صادق 88
43 عبد الرضا المطبعي - عبد العزيز بن البراج 90
44 عبد الصاحب الحكيم - عبد الكريم الخليل 96
45 عبد الكريم بن طاووس - عبد الكريم الهاشمي - عبد الله الجزائري 99
46 عبد الله التستري - عبد الله الشيرازي - عبد الله الكلبي - عبد الله الطائي 100
47 عبد الله وعبد الرحمن الغفاريان - عبد الله أحمديه 101
48 عبد الله الشيرازي - عبد الله الصائغ 102
49 عبد الله بن سلمة - عبيد الله الكوفي - عبد المطلب الحلي 105
50 عبد المطلب الأمين 106
51 عبد المهدي مطر 111
52 عبد الله الجعفي - علي إبراهيم 114
53 علي رضا عباسي 116
54 علي أكبر دهخدا 118
55 علي أكبر نواب - علي الأنصاري الشيرازي - سيف الدولة علي بن حمدان 120
56 علي بن عبد الله بن العباس - علي البحراني - علي النوري 123
57 علي آل شبانة - علي البهبهاني - علي الشيرازي 124
58 علي بن الحسن شميم الحلي 125
59 علي بن حمدون - علي المراغي - علي الهمذاني 126
60 علي الميبدي - علي الخياباني - علي الأبزري - علي نياز - عطية الكوفي - عمرو الأنصاري - عمر الصيداوي - غالب 127
61 غلام رضا سرخي - فاضل الجمالي 128
62 فؤاد عباس 147
63 فتى من أهل الكوفة - الفضل بن جعفر - الفضل بن الزبير الكوفي 148
64 القاسم بن معية - القاسم بن مظاهر - قيس النابغة الجعدي 153
65 قيس النجاشي - كليب الجرمي - الكميت 154
66 لطف الله العاملي 159
67 لطف الله البحراني - ماجد الصادقي - عضد الدين المبارك الأسدي 161
68 مجيد العطار 162
69 محمد بن أبي بكر الهمذاني - محسن جمال الدين - محسن الموسوي - محمد أبو نصر الفارابي 163
70 محمد أبو النديم 173
71 محمد بن إدريس الحلي 177
72 محمد باقر - محمد حسين الكازروني - محمد الحسيني - محمد المتخلص - محمد الشيرازي - محمد معصوم - محمد الكازروني الطبيب - محمد الدهدار الشيرازي - محمد نصير الدين 178
73 محمد مهدي حجاب الشيرازي - محمد بن يوسف الشيرازي - محمد بن الحسين الشيخ البهائي 179
74 محمد الغفاري كمال الملك 180
75 محمد باقر الدهلوي - محمد صادق بحر العلوم - محمد بهشتي 182
76 محمد تقي بهار 183
77 محمد الحجة - محمد جمال الهاشمي 184
78 محمد حرز الدين - محمد الخليلي 185
79 محمد حسن الحكيم 186
80 محمد أبو جعفر الطوسي 187
81 محمد تقي الآملي 198
82 محمد جواد باهنر - محمد حسين آزاد - محمد الطباطبائي - محمد رضا الشبيبي 199
83 محمد رضا القمي - محمد شريف خان - محمد مفتح - محمد بن الأبار 203
84 محمد الشويكي 204
85 محمد شرارة 205
86 محمد حسين الشهرستاني 209
87 محمد صادق نشأت - محمد رضا شرف الدين 210
88 محمد آل شبانة - محمد صدوقي 211
89 محمد الأردوبادي - محمد علي بري - محمد الشيباني 212
90 محمد علي خاتون - محمد الصاحبي - محمد الجزائري - محمد المدرسي 217
91 محمد المعصومي - محمد بن طباطبا - محمد جواد - محمد ناصر 218
92 محمد علي اليعقوبي 220
93 محمد بن عمر الكشي - محمد قسام - محمد قطب شاه 221
94 محمد قلي قطب شاه - دول الهند الشيعية - محمد كال شعيب 222
95 محمد المقدادي القمي 224
96 محمد بن المبارك الكرخي - محمد نصير الدين الطوسي 227
97 محمد بن مكي الشهيد الأول - محمد الجبي 236
98 محمد هاشم الأشكوري 239
99 محمد بن هاني الأندلسي 240
100 محمد يوسف مقلد 242
101 محمد بن المبارك الكرخي 243
102 محمد مهدي البصير 244
103 محمود بن الياس الشيرازي - محمود الحبوبي 245
104 محمود الحمصي 248
105 محمود الشاهرودي - محمود الطالقاني - محمود بن مسعود الشيرازي - محيي الدين شمس الدين 249
106 مرتضى مطهري - مزيد المزيدي - مصطفى جواد 251
107 معاذ بن مسلم الهراء - المقداد السيوري - مهيار الديلمي 252
108 موسى الزين شرارة 267
109 موسى سيار الشيرازي - مير أمين - مير حسن - مير آبادي 269
110 ناسخ - ناصر الدين الشيخ راشد - نصر الخبز أرزي 270
111 نصير الدين ناصر العلوكي 271
112 ناصيف النصار 273
113 نصر بن علي الحلي - نصير الدين المنازي - نظير - نواب صفوي 279
114 النوار ابنة مالك - هادي النحوي - هادي كمال الدين - هاشم معروف الحسني 282
115 هبة الله بن علي - ابن الشجري 283
116 ورام الحلي - يحيى القرشي - يزدن التركي 284
117 يزيد بن قيس - يزيد بن زياد الكندي - يزيد بن مفرغ 285
118 يحيى بن البطريق 288
119 يعقوب بن داود 289
120 يوسف بن المطهر - يوسف رجيب - يونس الأردبيلي - الأمويون والإسلام والعروبة 290
121 الشيعة يحمون العالم الإسلامي 295
122 الحجاج بن يوسف 298
123 كلمة الختام 300