مستدركات أعيان الشيعة - حسن الأمين - ج ١ - الصفحة ٢٨٦
السابق
سنة 568 - توفي الأمير يزدن وهو من كبار امراء بغداد وكان يتشيع، فوقع بسببه فتنة بين السنة والشيعة بواسط (1) لأن الشيعة جلسوا للعزاء واظهر السنة الشماتة به قال الأمر إلى القتال، فقتل بينهم جماعة، ولما مات اقطع اخوه تنامش ما كان لأخيه وهي مدينة واسط ولقب علاء الدين.
وذكر ابن الأثير حوادث سنة 568 خروجه إلى حرب بني حزن المفسدين بالعراق، وكان له دار مشهورة.
يزيد بن قيس اقتتلت المجنبتان يوم الجمل حين تزاحفتا قتالا شديدا يشبه ما فيه القلبان، واقتتل أهل اليمن فقتل على راية أمير المؤمنين من أهل الكوفة عشرة كلما أخذ رجل قتل، خمسة من همدان وخمسة من سائر اليمن، فلما رأى ذلك يزيد بن قيس أخذها فثبتت في يده وهو يقول:
قد عشت يا نفس وقد غنيت * دهرا فقطك اليوم ما بقيت أطلب طول العمر ما حييت وأنما تمثلها وهو قول الشاعر قبله.
وقال نمران ابن أبي نمران الهمداني:
جردت سيفي في رجال الأزد * أضرب في كهولهم والمرد كل طويل الساعدين نهد يزيد بن زياد أبو الشعثاء الكندي حدثني فضيل بن خديج الكندي أن يزيد بن زياد وهو أبو الشعثاء الكندي من بني بهدلة جثى على ركبتيه بين يدي الحسين فرمى بمائة سهم ما سقط منها خمسة أسهم وكان راميا فكان كلما رمى قال أنا ابن بهدلة فرسان العرجلة ويقول حسين اللهم سدد رميته وأجعل ثوابه الجنة فلما رمى بها قام فقال ما سقط منها إلا خمسة أسهم ولقد تبين لي أني قد قتلت خمسة نفر وكان في أول من قتل وكان رجزه يومئذ:
أنا يزيد وأبي مهاصر * أشجع من ليث بغيل خادر يا رب إني للحسين ناصر * ولإبن سعد تارك وهاجر وكان يزيد بن زياد بن المهاصر ممن خرج مع عمر بن سعد إلى الحسين فلما ردوا الشروط على الحسين مال إليه فقاتل معه حتى قتل.
يزيد بن مفرغ (2) نعود، في التاريخ العربي، إلى أوائل النصف الثاني من القرن الأول للهجرة، إلى عهد يزيد بن معاوية وقد استخلف على عرش بني أمية بعد أبيه، مؤسس النظام الملكي الوراثي.
وها نحن أولاء، نرى إلى جماهير الشعب العربي، في الأمصار والعواصم والأقاليم، يحسون ثقل هذا الحكم الجديد الرهيب، وقد زاده يزيد بعد أبيه، ثقلا وارهابا بما استهل به عهده من أفاعيل أنكرتها هذه الجماهير في سرائرها، ولم تستطع ان تظهر انكارها جهرا وعلانية من فرط ما تستشعر من عوامل الجزع والرهبة، وعلى رأسها جلادون من هنا وسفاكون من هنا، والعيون مبثوثة عليها في كل وجه تحبس أنفاسها وتسجل خفقات قلوبها، وأسباب الوشاية والنميمة ترصد الطريق على كل رائح وغاد ومتحدث. وهذه البصرة يحكمها، من قبل يزيد وال عرفه أهل هذا المصر بأنه شارك في مصرع الحسين بن علي يوم الطف بكربلاء، وعرفوه عليهم واليا مستبدا طاغيا ظالما يقيم الحكم فيهم بالارهاب والسعاية والوشاية وبالسجن والقتل والتعذيب، ذلك هو عبيد الله بن زياد.
كان ذلك ولآل زياد في الأمصار كلها، صيت يثير في نفوس الجماهير صورا شتى يقترن بكل واحدة منها معنى أقل شأنه انه يبعث السخر والابتسام، أو يبعث الحقد والسخط، أو يبعث الذعر والهلع.
وكان آل زياد يعرفون هذا كله في الجماهير، فيخشون نقمتها أو انفجار نقمتها، إذ يكبتونها بالارهاب من كل نوع وكل أسلوب.
وكان أخشى ما يخشونه، ألسنة الشعراء، ولا سيما الهجائين منهم وذوي الخلاعة والمجانة، فان مثل هؤلاء يكشفون للناس من العيوب والمساوئ ما كان آل زياد يتحامون ان ينكشف، أو أن تتحدث به الجماهير في حين يعلمون أن عند هذه الجماهير أنباء يتناقلونها عن آل زياد، سواء أصدقت هذه الأنباء أم كانت من الأكاذيب والأراجيف...
و هنا يبرز في البصرة شاعر يعرف فيه عبيد الله بن زياد قسوة الهجاء، وتعرف فيه جماهير البصريين حقده وسخطه على آل زياد لما شاركوا فيه من هاتيكم الأفاعيل في عهد يزيد، نعني بهذا الشاعر يزيد بن ربيعة بن مفرع.
وقد جاء لقب " مفرع " هذا، من أن جد الشاعر راهن على ظرف لبن ان يشربه كله، فشربه حتى فرع، فلقب " مفرغا ".
وشاعرنا يزيد بن مفرع يماني ينتمي إلى حمير، ويحالف قريش، ويبدو أنه كان علوي الهوى، وأن مصرع الحسين بن علي كان له أثر في أسباب حقده على آل زياد، وسنرى من شعره ما يدل على هذا.
ويبدو كذلك أن شاعرنا كان يتربص بال زياد، حتى تحين له الفرصة ان يكشف عوراتهم، وأن يعبر عن سخط الجماهير عليهم بهذا الهجاء الفاضح الذي عرف به.
وقد واتته الفرصة المرتقبة، حين ولي عباد بن زياد، أخو عبيد الله بن زياد، قيادة الجيش في خراسان، وولي سعيد بن عثمان عهد الولاية من قبل يزيد بن معاوية على خراسان نفسها، فطلب سعيد إلى شاعرنا هذا يزيد بن مفرغ، أن يصحبه، إلى موضع ولايته، فأبى ان يصحبه وآثر ان يصحب عباد بن زياد، وإنك لتعجب أول الأمر كيف يؤثر الشاعر أن يصحب عبادا وهو لم يطلب إليه ذلك، على حين يأبى ان يصحب سعيدا، وسعيد هو الذي يطلب إلى الشاعر أن يصحبه؟...
فهل تراه يكره صحبة سعيد بن عثمان، ويهوى صحبة عباد بن زياد؟.
هذا ما نشك فيه كل الشك، فإن الظاهر من حال سعيد مع الشاعر أنه يحبه ويخلص له الحب، ثم إن الظاهر مما سيأتي من حال الشاعر مع عباد بن زياد أنه ليس محبا لعباد هذا، وما كانت رغبته في صحبته إلى خراسان لأمر يعجبه فيه، ولكن لأمر آخر يبيته في نفسه، وسنعرف، بعد، هذا الأمر.
ويدلنا على ما بين يزيد ابن مفرغ وسعيد بن عثمان من صلة الود والصداقة ان سعيدا حين أعياه ان يقنع ابن مفرع بصحبته، قال له:
- " اما إذ أبيت أن تصحبني وآثرت عبادا، فاحفظ ما أوصيك به: ان

(1) هكذا وردت في النسخة الأصلية.
(2) بقلم الدكتور حسين مروة، ويزيد بن مفرغ هذا وقد يطلق عليه اسم يزيد بن ربيعة، هو جد شاعر أهل البيت في عصره إسماعيل بن محمد المعروف باسم (السيد الحميري)، فهو إسماعيل بن حمد بن يزيد بن ربيعة بن مفرغ (ح. أ).
(٢٨٦)
التالي
الاولى ١
٣٠٢ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المقدمة - آتش حيدر علي فيضي - آصف الدولة - إبراهيم شرارة 4
2 إبراهيم العلوي بن حسين - إبراهيم مجتهد - أبو الحسن شمس آبادي - أبو الفضل الطهراني - أحمد القزويني بن السيد حميد 9
3 أحمد آل كاشف الغطاء - السيد أحمد الخونساري - أبو العلاء المعري 11
4 أحمد بن منير الطرابلسي 14
5 إسماعيل الصفوي 17
6 أفضل الدين الكاشاني 18
7 أسامة بن منقذ - انشاء الله خان - أنيس 20
8 باقر كاشف الغطاء - باقر أمين الورد - باقر سماكة بن الشيخ محمد - باقر عبد الغني - بدران المزيدي 21
9 البرسيين - بزرك أبو الحسن علوي 22
10 تقي الشيخ راضي - توفيق الفكيكي - جابر الشكري بن عزيز - جرأت - جعفر الخليلي 23
11 جعفر همدر 24
12 جواد علوش - جون 27
13 حبيب بن محمد - حسن علي نجابت - حسين الخادمي - ابن سينا 29
14 حسين القزويني 34
15 حسين معتوق - أبو نواس الحسن بن هاني 35
16 حسن البحراني 39
17 الحسين بن نما الحلي 40
18 حيدر الآملي 41
19 حيدري - خضر المهراني - خضر الطائي - الخطاطون في العهد الصفوي 42
20 الخليل الفراهيدي 45
21 خليل مغنية 46
22 خليل ياسين 47
23 دبير - دبيس المزيدي - دعبل الخزاعي 49
24 رجل من بني ليث - ذو فقار الدولة - راضي آل ياسين 50
25 رضي ذو النوري - راغب حرب - رحيم آرباب - زاير البرسي - سبط الحسن الجايسي - سعد صالح 51
26 سعيد نفيسي - سكينة بگم - سليم حيدر 52
27 سليمان عبد الجبار - سودا - شاكر هادي شكر - شهدة - صادق شفق 55
28 صادق الفحام - صالح الشهرستاني - صدر الدين الصدر 57
29 صدر الدين شرف الدين - صدر الدين الدهلوي - صفي 58
30 الضحاك المشرفي - ضياء الدين الخالصي - ضياء الدين العراقي 59
31 طاهر بن يحيى - طه باقر - الطفيل - طلائع بن رزيك 60
32 ظالم بن عمرو أبو الأسود الدؤلي 61
33 ظالم بن شراق - عابس الشاكري - العباسيون 63
34 عارف الحر 78
35 عباس اقبال 79
36 عباس أبو الحسن 80
37 عباس القمي - عباس الشيرازي - عباس القرشي 81
38 عباس الهمداني 82
39 عبد الحسين دست غيب - عبد الحسين الأميني - عبد الحسين الحلي 83
40 عبد الحسين نور الدين 84
41 عبد الرؤوف الأمين 85
42 عبد الرضا صادق 88
43 عبد الرضا المطبعي - عبد العزيز بن البراج 90
44 عبد الصاحب الحكيم - عبد الكريم الخليل 96
45 عبد الكريم بن طاووس - عبد الكريم الهاشمي - عبد الله الجزائري 99
46 عبد الله التستري - عبد الله الشيرازي - عبد الله الكلبي - عبد الله الطائي 100
47 عبد الله وعبد الرحمن الغفاريان - عبد الله أحمديه 101
48 عبد الله الشيرازي - عبد الله الصائغ 102
49 عبد الله بن سلمة - عبيد الله الكوفي - عبد المطلب الحلي 105
50 عبد المطلب الأمين 106
51 عبد المهدي مطر 111
52 عبد الله الجعفي - علي إبراهيم 114
53 علي رضا عباسي 116
54 علي أكبر دهخدا 118
55 علي أكبر نواب - علي الأنصاري الشيرازي - سيف الدولة علي بن حمدان 120
56 علي بن عبد الله بن العباس - علي البحراني - علي النوري 123
57 علي آل شبانة - علي البهبهاني - علي الشيرازي 124
58 علي بن الحسن شميم الحلي 125
59 علي بن حمدون - علي المراغي - علي الهمذاني 126
60 علي الميبدي - علي الخياباني - علي الأبزري - علي نياز - عطية الكوفي - عمرو الأنصاري - عمر الصيداوي - غالب 127
61 غلام رضا سرخي - فاضل الجمالي 128
62 فؤاد عباس 147
63 فتى من أهل الكوفة - الفضل بن جعفر - الفضل بن الزبير الكوفي 148
64 القاسم بن معية - القاسم بن مظاهر - قيس النابغة الجعدي 153
65 قيس النجاشي - كليب الجرمي - الكميت 154
66 لطف الله العاملي 159
67 لطف الله البحراني - ماجد الصادقي - عضد الدين المبارك الأسدي 161
68 مجيد العطار 162
69 محمد بن أبي بكر الهمذاني - محسن جمال الدين - محسن الموسوي - محمد أبو نصر الفارابي 163
70 محمد أبو النديم 173
71 محمد بن إدريس الحلي 177
72 محمد باقر - محمد حسين الكازروني - محمد الحسيني - محمد المتخلص - محمد الشيرازي - محمد معصوم - محمد الكازروني الطبيب - محمد الدهدار الشيرازي - محمد نصير الدين 178
73 محمد مهدي حجاب الشيرازي - محمد بن يوسف الشيرازي - محمد بن الحسين الشيخ البهائي 179
74 محمد الغفاري كمال الملك 180
75 محمد باقر الدهلوي - محمد صادق بحر العلوم - محمد بهشتي 182
76 محمد تقي بهار 183
77 محمد الحجة - محمد جمال الهاشمي 184
78 محمد حرز الدين - محمد الخليلي 185
79 محمد حسن الحكيم 186
80 محمد أبو جعفر الطوسي 187
81 محمد تقي الآملي 198
82 محمد جواد باهنر - محمد حسين آزاد - محمد الطباطبائي - محمد رضا الشبيبي 199
83 محمد رضا القمي - محمد شريف خان - محمد مفتح - محمد بن الأبار 203
84 محمد الشويكي 204
85 محمد شرارة 205
86 محمد حسين الشهرستاني 209
87 محمد صادق نشأت - محمد رضا شرف الدين 210
88 محمد آل شبانة - محمد صدوقي 211
89 محمد الأردوبادي - محمد علي بري - محمد الشيباني 212
90 محمد علي خاتون - محمد الصاحبي - محمد الجزائري - محمد المدرسي 217
91 محمد المعصومي - محمد بن طباطبا - محمد جواد - محمد ناصر 218
92 محمد علي اليعقوبي 220
93 محمد بن عمر الكشي - محمد قسام - محمد قطب شاه 221
94 محمد قلي قطب شاه - دول الهند الشيعية - محمد كال شعيب 222
95 محمد المقدادي القمي 224
96 محمد بن المبارك الكرخي - محمد نصير الدين الطوسي 227
97 محمد بن مكي الشهيد الأول - محمد الجبي 236
98 محمد هاشم الأشكوري 239
99 محمد بن هاني الأندلسي 240
100 محمد يوسف مقلد 242
101 محمد بن المبارك الكرخي 243
102 محمد مهدي البصير 244
103 محمود بن الياس الشيرازي - محمود الحبوبي 245
104 محمود الحمصي 248
105 محمود الشاهرودي - محمود الطالقاني - محمود بن مسعود الشيرازي - محيي الدين شمس الدين 249
106 مرتضى مطهري - مزيد المزيدي - مصطفى جواد 251
107 معاذ بن مسلم الهراء - المقداد السيوري - مهيار الديلمي 252
108 موسى الزين شرارة 267
109 موسى سيار الشيرازي - مير أمين - مير حسن - مير آبادي 269
110 ناسخ - ناصر الدين الشيخ راشد - نصر الخبز أرزي 270
111 نصير الدين ناصر العلوكي 271
112 ناصيف النصار 273
113 نصر بن علي الحلي - نصير الدين المنازي - نظير - نواب صفوي 279
114 النوار ابنة مالك - هادي النحوي - هادي كمال الدين - هاشم معروف الحسني 282
115 هبة الله بن علي - ابن الشجري 283
116 ورام الحلي - يحيى القرشي - يزدن التركي 284
117 يزيد بن قيس - يزيد بن زياد الكندي - يزيد بن مفرغ 285
118 يحيى بن البطريق 288
119 يعقوب بن داود 289
120 يوسف بن المطهر - يوسف رجيب - يونس الأردبيلي - الأمويون والإسلام والعروبة 290
121 الشيعة يحمون العالم الإسلامي 295
122 الحجاج بن يوسف 298
123 كلمة الختام 300