إمتاع الأسماع - المقريزي - ج ٤ - الصفحة ٢٢٢
السابق
فمدحهم الله بذلك في كتابه، فقد لرسول الله صلى الله عليه وسلم عدة حواريين، منهم الزبير. وقال: لكل نبي حواري، وحواري الزبير، على أن حواري عيسى كان مبلغهم في طاعته أن قالوا: [هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء] (1)؟.
وكان لحواري رسول الله صلى الله عليه وسلم في خلوص الطاعة وصحة النية وحسن المؤازرة، ومجاهدة النفوس في نصر نبيهم، وتبجيلهم وتعظيمهم له، ومعرفتهم بجلالته ما تقدم ذكره، وسيأتي إن شاء الله، لأن الله تعالى امتحن قلوبهم للتقوى، فكانوا لا يحدون النظر إليه إعظاما له، ولا يرفعون أصواتهم عليه إجلالا له، ولا يتنخم نخامة إلا ابتدروها يتمسحون بها، ولا سقطت شعرة إلا تنافسوا فيها، حتى إن معاوية أوصى أن يدفن معه شعر من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشرب عبد الله بن الزبير محجمة من دمه، وكان حضر من [جفاة] الأعراب من لا يوقره استأذنوه في قتله، وقد ذكرت ذلك كله بطرقه.
وقد كان عيسى عليه السلام كثير السياحة، جوابا للقفار والبراري فقد كان لنبينا صلى الله عليه وسلم من ذلك ما هو أعظم وأفخم، فإنه ساح في الأرض بأصحابه مجاهدا أعداء الله، فاستنقذ في عشر سنين ما لا يعد من حاضر وباد، وافتتح القبائل الكثيرة، فأين سياحة عيسى ليخلوه بعبادة ربه، من سياحة محمد المبعوث بالسيف المصلت على أعداء الله لإقامة دين الله؟ فكان لا يداري لغيره بالكلام، ويجاهد في الله ولا ينام إلا على دم، ولا يستقر إلا متجهزا لقتال الأعداء أو باعثا إليهم سرية في إقامة الدين وإعلاء الدعوة وإبلاغ الرسالة صلى الله عليه وسلم.
وقد كان عيسى زاهدا يتقنع من دنياه باليسير، ويرضيه منها القليل، فخرج من الدنيا كفافا لا له ولا عليه، وقد كان لنبينا من مقام الزهد ما لا فوقه، فإنه كانت له ثلاث عشرة زوجة سوى سراريه، فما رفعت مائدته قط وعليها طعام، ولا شبع من خبزين ثلاث ليال متتابعة، وكان يربط الحجر على بطنه.

(٢٢٢)
التالي
الاولى ١
٤٠٨ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ومن حديث محمد بن كعب القرظي 3
2 فصل في ذكر ما كان من أعلام نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ حملت به أمه آمنة بنت وهب إلى أن بعثه الله برسالته 34
3 إخبار الحبر لعبد المطلب بأن في إحدى يديه ملكا وفي الأخرى نبوة وأن ذلك في بني زهرة 36
4 وأما رؤية النور بين عيني عبد الله بن عبد المطلب 38
5 وأما إخبار آمنة بأنها قد حملت بخير البرية وسيد هذه الأمة 44
6 وأما دنو النجوم منها عند ولادته وخروج النور منها 51
7 وأما ولادته مختونا مسرورا 56
8 وأما استبشار الملائكة وتطاول الجبال وارتفاع البحار وتنكيس الأصنام وحجب الكهان 57
9 وأما ارتجاس إيوان كسرى وسقوط شرفاته وخمود نار فارس ورؤيا الموبذان 59
10 وأما صرف أصحاب الفيل عن مكة المكرمة 62
11 وكان مولده صلى الله عليه وسلم عام الفيل 65
12 وأما الآيات التي ظهرت في مدة رضاعته صلى الله عليه وسلم 83
13 وأما معرفة اليهود له صلى الله عليه وسلم وهو غلام مع أمه بالمدينة، واعترافهم إذ ذاك بنبوته صلى الله عليه وسلم 92
14 وأما توسم جده فيه السيادة لما كان يشاهد منه في صباه من مخايل الرباء 94
15 وأما إلحاق القافة قدمه بقدم إبراهيم عليه السلام وتحدث يهود بخروج نبي من ضئضيء عبد المطلب 96
16 وأما رؤية عمه أبي طالب منذ كفله ومعرفته بنبوته 98
17 وأما تظليل الغمام له في صغره واعتراف بحيرى ونسطورا بنبوته 101
18 فصل في رعاية رسول الله صلى الله عليه وسلم الغنم قبل النبوة 102
19 فصل في ذكر اشتهار رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأخلاق الفاضلة والخصال الحميدة قبل بعثته بالرسالة من الله تعالى إلى العباد 105
20 فصل في ذكر عصمة الله تعالى للرسول صلى الله عليه وسلم من الجن والإنس والهوام 110
21 فصل في ذكر حراسة السماء من استراق الشياطين السمع عند بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم برسالات الله تعالى لعباده 131
22 فصل في ذكر بعثة رسول الله صلى الله عليه وسلم 135
23 فأما شبهة منكري التكليف 136
24 وأما شبهة البراهمة 136
25 وأما شبهة منكري كون الشرائع من عند الله 137
26 وأما شبهة اليهود 137
27 وأما بعثة الرسول هل هي جائزة أو واجبة؟ 138
28 وأما الأدلة على صحة دين الإسلام وصدق نبينا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم 139
29 الحجة الثانية 141
30 الحجة الثالثة 142
31 الحجة الرابعة 143
32 الحجة الخامسة 144
33 الحجة السادسة 145
34 الحجة السابعة 146
35 الحجة الثامنة 147
36 الحجة التاسعة 148
37 الحجة العاشرة 149
38 وأما تقرير نسخ الملة المحمدية لسائر الملل 150
39 وأما التوراة التي هي الآن بأيدي اليهود ليست التوراة التي أنزلها الله على موسى عليه السلام 160
40 فلحقها ثلاثة أمور 163
41 ومنها أن الله تجلى لموسى في سيناء 165
42 وهذه نبذة من مقتضيات غضب الله تعالى عليهم 167
43 بحث تاريخي عن الأناجيل التي بين يدي النصارى 170
44 المعجزة في رأي المتكلمين 175
45 الآية 178
46 تنبيه وإرشاد لأهل التوفيق والرشاد 181
47 فصل في ذكر موازاة الأنبياء في فضائلهم بفضائل نبينا صلى الله عليه وسلم ومقابلة ما أتوا من الآيات بما أوتي عليه السلام 182
48 وأما إبراهيم عليه السلام 186
49 وأما هود عليه السلام 191
50 وأما صالح عليه السلام 192
51 وأما إدريس عليه السلام 193
52 وأما يعقوب عليه السلام 194
53 وأما ذرية يعقوب عليه السلام الذين هم بنو إسرائيل 196
54 وأما يوسف عليه السلام 197
55 وأما موسى عليه السلام 199
56 وأما ضرب موسى البحر بعصاه وجازه بأصحابه 201
57 وأما هارون عليه السلام 205
58 وأما داود عليه السلام 206
59 وأما سليمان عليه السلام 208
60 وأما يحيى بن زكريا عليهما السلام 211
61 وأما عيسى عليه السلام 213
62 أما القرآن الكريم 224
63 أما إعجاز القرآن الكريم 227
64 وأما كيفية نزوله والمدة التي أنزل فيها 236
65 وأما جمع القرآن الكريم فقد وقع ثلاث مرات 238
66 وأما الأحرف التي أنزل عليها القرآن 248
67 الناسخ والمنسوخ 281
68 القراءات التي يقرأ بها القرآن 286
69 التابعون بالمدينة المنورة من القراء 292
70 التابعون بمكة المشرفة من القراء 296
71 التابعون بالبصرة من القراء 299
72 التابعون بالشام من القراء 302
73 التابعون بالكوفة من القراء 304
74 القراءات المشهورة 314
75 تحريم الصلاة بالقراءة الشاذة 317
76 ترتيب نزول القرآن بمكة 331
77 ترتيب نزول القرآن بالمدينة 333
78 تتمة مفيدة 335
79 فصل في ذكر أخذ القرآن ورؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقلوب حتى دخل كثير من العقلاء في الإسلام في أول ملاقاتهم له 340
80 إسلام الطفيل بن عمرو الدوسي 356
81 الهجرة الأولى إلى الحبشة 362
82 إسلام أبي ذر 369
83 ذكر إسلام عمر بن عبسة السلمي وما أخبره أهل الكتاب من بعث النبي صلى الله عليه وسلم 377
84 تنبيه مفيد 380
85 فصل جامع في معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم على سبيل الإجمال 389