البداية والنهاية - ابن كثير - ج ٢ - الصفحة ٧٠
السابق
غير أبانه (1) هب لي ولدا وإن كان في غير أوانه فكان من خبره وقضيته ما قدمنا ذكره في قصته.
[قال الله تعالى:]: (إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله اصطفاك وطهرك واصطفاك على نساء العالمين. يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين. ذلك من أنباء الغيب نوحيه إليك وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت لديهم إذ يختصمون. إذ قالت الملائكة يا مريم إن الله يبشرك بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين. ويكلم الناس في المهد وكهلا ومن الصالحين. قالت رب أنى يكون لي ولد ولم يمسسني بشر قال كذلك الله يخلق ما يشاء إذا قضى أمرا فإنما يقول له كن فيكون. ويعلمه الكتاب والحكمة والتوراة والإنجيل ورسولا إلى بني إسرائيل أني قد جئتكم بآية من ربكم أني أخلق لكم من الطين كهيئة الطير فانفخ فيه فيكون طيرا بإذن الله وأبرئ الأكمه والأبرص وأحيي الموتى بإذن الله وأنبئكم بما تأكلون وما تدخرون في بيوتكم إن في ذلك لآية لكم إن كنتم مؤمنين. ومصدقا لما بين يدي من التوراة ولأحل لكم بعض الذي حرم عليكم وجئتكم بآية من ربكم فاتقوا الله وأطيعون. إن الله ربي وربكم فاعبدوه هذا صراط مستقيم) [آل عمران: 42 - 51].
يذكر تعالى أن الملائكة بشرت مريم باصطفاء الله لها من بين سائر نساء عالمي زمانها (2) بأن اختارها لايجاد ولد منها من غير أب وبشرت بأن يكون نبيا شريفا (يكلم الناس في المهد) أي في صغره يدعوهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له وكذلك في حال كهولته فدل على أنه يبلغ الكهولة ويدعو إلى الله فيها وأمرت بكثرة العبادة والقنوت والسجود والركوع لتكون أهلا لهذه الكرامة ولتقوم بشكر هذه النعمة فيقال إنها كانت تقوم في الصلاة حتى تفطرت قدماها رضي الله عنها ورحمها ورحم أمها وأباها فقول الملائكة: (يا مريم إن الله اصطفاك) أي اختارك واجتباك (وطهرك) أي من الأخلاق الرذيلة وأعطاك الصفات الجميلة (واصطفاك على نساء العالمين). يحتمل أن يكون المراد عالمي زمانها كقوله لموسى: (إني اصطفيتك على الناس) [الأعراف: 144] وكقوله عن بني إسرائيل: (ولقد اخترناهم على علم على العالمين) [الدخان: 32] ومعلوم أن إبراهيم عليه السلام أفضل من موسى وأن محمدا صلى الله عليه وسلم أفضل منهما وكذلك هذه الأمة أفضل من سائر الأمم قبلها وأكثر عددا وأفضل علما وأزكى عملا من بني إسرائيل وغيرهم. ويحتمل أن يكون قوله: (واصطفاك على نساء العالمين) محفوظ العموم فتكون أفضل نساء الدنيا ممن كان قبلها ووجد بعدها لأنها إن كانت نبية على قول من يقول بنبوتها ونبوة سارة أم إسحاق ونبوة أم موسى محتجا بكلام الملائكة والوحي إلى أم موسى كما يزعم ذلك ابن حزم وغيره

(1) في نسخ البداية المطبوعة: أوانه، والصواب ما أثبتناه.
(2) قال القرطبي: قال الزجاج وغيره على نساء العالمين أجمع إلى يوم الصور، وهو الصحيح; حيث أن الله خص مريم بما لم يؤته أحدا من النساء.
(٧٠)
التالي
الاولى ١
٤٣٦ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 جماعة من أنبياء بني إسرائيل بعد موسى عليه السلام 2
2 قصة حزقيل 2
3 قصة اليسع عليه السلام 4
4 قصة شموئيل وفيها بدأ أمر داود عليهما السلام 5
5 قصة داود وما كان في أيامه ثم فضائله ودلائل نبوته واعلامه 11
6 كمية حياته وكيفية وفاته عليه السلام 19
7 قصة سليمان بن داود عليهما السلام 21
8 وفاته ومدة ملكه وحياته 36
9 جماعة من أنبياء بني إسرائيل بعد داود وسليمان وقبل زكريا عليهم السلام 38
10 ومنهم أرميا بن حلقيا من سبط لاوي ابن يعقوب 39
11 خراب بيت المقدس 40
12 شئ من خبر دانيال عليه السلام 47
13 عمارة بيت المقدس بعد خرابها واجتماع بني إسرائيل بعد تفرقهم في بقاع الأرض 49
14 وهذه قصة العزيز 50
15 فصل 53
16 قصة زكريا ويحيى عليهما السلام 54
17 بيان سبب قتل يحيى عليه السلام 63
18 قصة عيسى بن مريم عليه من الله أفضل الصلاة والسلام 65
19 ميلاد العبد الرسول عيسى بن مريم البتول 74
20 باب بيان أن الله تعالى منزه عن الولد 83
21 منشأ عيسى بن مريم عليهما السلام وبيان بدء الوحي إليه من الله تعالى 88
22 بيان نزول الكتب الأربعة ومواقيتها 91
23 بيان شجرة طوبى ما هي 91
24 خبر المائدة 101
25 فصل 102
26 رفع عيسى عليه السلام إلى السماء 107
27 صفة عيسى عليه السلام وشمائله وفضائله 113
28 فصل 118
29 بيان بناء بيت لحم والقمامة 119
30 كتاب أخبار الماضين 120
31 خبر ذي القرنين 121
32 بيان طلب ذي القرنين عين الحياة 126
33 ذكر أمتي يأجوج ومأجوج 128
34 قصة أصحاب الكهف 132
35 قصة الرجلين المؤمن والكافر 138
36 قصة أصحاب الجنة 141
37 قصة أصحاب إيلة الذين اعتدوا في سبتهم 143
38 قصة لقمان 145
39 قصة أصحاب الأخدود 153
40 بيان الأذن في الرواية عن أخبار بني إسرائيل 156
41 قصة جريح أحد عباد بني إسرائيل 159
42 قصة برصيصا 161
43 قصة الثلاثة الذين آووا إلى الغار فانطبق عليهم 162
44 خبر الثلاثة الأعمى والأبرص والأقرع 163
45 حديث الذي استلف من صاحبه ألف دينار 164
46 قصة أخرى شبيهة بهذه القصة في الصدق والأمانة 165
47 قصة أخرى 166
48 حديث آخر 166
49 قصة الملكين التائبين 169
50 فصل 175
51 تحريف أهل الكتاب وتبديلهم أديانهم 175
52 ليس للجنب لمس التوراة 177
53 كتاب الجامع لأخبار الأنبياء المتقدمين 180
54 ذكر أخبار العرب 186
55 قصة سبأ 190
56 فصل 195
57 قصة ربيعة بن نصر بن أبي حارثة بن عمرو بن عامر 196
58 قصة تبع أبي كرب من أهل المدينة 198
59 وثوب لخنيعة ذي شناتر على ملك اليمن 204
60 خروج الملك باليمن من حمير إلى الحبشة والسودان 206
61 خروج أبرهة الأشرم على ارياط فاختلافهما 208
62 سبب قصد أبرهة بالفيل مكة ليخرب الكعبة 209
63 خروج الملك عن الحبشة ورجوعه إلى سيف بن ذي يزن 219
64 ما آل إليه أمر الفرس باليمن 223
65 قصة الساطرون صاحب الحضر 226
66 خبر ملوك الطوائف 228
67 ذكر بني إسماعيل وما كان من أمور الجاهلية إلى زمان البعثة 229
68 قصة خزاعة وعمرو بن لحي وعبادة العرب للأصنام 233
69 باب جهل العرب 238
70 خبر عدنان جد عرب الحجاز 243
71 أصول أنساب عرب الحجاز 243
72 أصول أنساب عرب الحجاز إلى عدنان 248
73 قريش نسبا واشتقاقا وفضلا وهم بنو النضر بن كنانة 250
74 خبر قصي بن كلاب وارتجاعه ولاية البيت وانتزاعه ذلك من خزاعة 259
75 فصل 264
76 ذكر من الأحداث في الجاهلية 266
77 ذكر جماعة مشهورين في الجاهلية 266
78 حاتم الطائي أحد أجود الجاهلية 268
79 شئ من أخبار عبد الله بن جدعان 274
80 امرئ القيس بن حجر الكندي صاحب إحدى المعلقات 275
81 اخبار أمية بن أبي الصلت الثقفي 278
82 خبر بحيرا الراهب 287
83 ذكر قس بن ساعدة الأيادي 287
84 زيد بن عمرو بن نفيل رضي الله عنه 294
85 شئ من الحوادث في زمن الفترة 300
86 كعب بن لؤي 300
87 تجديد حفر زمزم 301
88 نذر عبد المطلب ذبح ولده 304
89 تزويج عبد المطلب ابنة عبد الله آمنة بنت وهب الزهرية 305
90 كتاب سيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم نسبه الشريف وطيب أصله المنيف 307
91 باب مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم 317
92 صفة مولده الشريف عليه الصلاة والسلام 320
93 فصل 324
94 ذكر ارتجاس إيوان كسرى 325
95 حواضنه ومراضعه عليه الصلاة والسلام 330
96 رضاعه عليه الصلاة والسلام 331
97 فصل 338
98 فصل 341
99 فصل 343
100 قصة بحيرا 347
101 فصل 347
102 ذكر شهوده عليه الصلاة والسلام 351
103 فصل 352
104 تزويجه خديجة بنت خويلد عليه الصلاة والسلام 356
105 فصل 360
106 فصل 362
107 فصل 371
108 مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم 372
109 فصل 375
110 ذكر أخبار غريبة في ذلك 384
111 قصة عمرو بن مرة الجهني 387
112 قصة سيف بن ذي يزن وبشارته بالنبي 399
113 باب هواتف الجان 403