البداية والنهاية - ابن كثير - ج ١ - الصفحة ٦٠
السابق
بني آدم بكل طريق وبكل مرصد كما قال (أرأيتك هذا الذي كرمت على لئن أخرتن إلى يوم القيامة لاحتنكن ذريته إلا قليلا. قال إذهب فمن تبعك منهم فإن جهنم جزاؤكم جزاء موفورا واستفزز من استطعت منهم بصوتك وأجلب عليهم بخيلك ورجلك وشاركهم في الأموال والأولاد وعدهم وما يعدهم الشيطان إلا غرورا. إن عبادي ليس لك عليهم سلطان وكفى بربك وكيلا) [الاسراء: 62].
وسنذكر القصة مستفاضة عند ذكر خلق آدم عليه السلام * والمقصود أن الجان خلقوا من النار وهم كبني آدم يأكلون ويشربون ويتناسلون * ومنهم المؤمنون ومنهم الكافرون كما أخبر تعالى عنهم في صورة الجن في قوله تعالى (وإذ صرفنا إليك نفرا من الجن يستمعون القرآن فلما حضروه قالوا أنصتوا فلما قضى ولوا إلى قومهم منذرين * قالوا يا قومنا إنا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى مصدقا لما بين يديه يهدي إلى الحق وإلى طريق مستقيم * يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم * ومن لا يجب داعي الله فليس بمعجز في الأرض وليس له من دونه أولياء أولئك في ضلال مبين) [الأحقاف: 29] وقال تعالى (قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا.
وانه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا. وانه كان يقول سفيهنا على الله شططا. وأن ظننا أن لن تقول الإنس والجن على الله كذبا. وأنه كان رجال من الانس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا. وأنهم ظنوا كما ظننتم أن لن يبعث الله أحدا * وأنا لمسنا السماء فوجدناها ملئت حرسا شديدا وشهبا. وأنا كنا نقعد منها مقاعد للسمع فمن يستمع الآن يجد له شهابا رصدا.
وانا لا ندري أشر أريد بمن في الأرض أم أراد بهم ربهم رشدا * وأنا منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا * وأنا ظننا ان لن نعجز الله في الأرض ولن نعجزه هربا. وأنا لما سمعنا الهدى آمنا به فمن يؤمن بربه فلا يخاف بخسا ولا رهقا. وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون. فمن أسلم فأولئك تحروا رشدا * وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا. وأن لو استقاموا على الطريقة لأسقيناهم ماء غدقا لنفتنهم فيه. ومن يعرض عن ذكر ربه يسلكه عذابا صعدا) [الجن: 1] وقد ذكرنا تفسير هذه السورة وتمام القصة في آخر سورة الأحقاف * وذكرنا الأحاديث المتعلقة بذلك هنالك * وأن هؤلاء النفر كانوا من جن (نصيبين) وفي بعض الآثار من جن (بصرى) وأنهم مروا برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم يصلي بأصحابه ببطن نخلة من أرض مكة فوقفوا فاستمعوا لقراءته. ثم اجتمع بهم النبي صلى الله عليه وسلم ليلة كاملة فسألوه عن أشياء أمرهم بها ونهاهم عنها وسألوه الزاد فقال لهم (كل عظم ذكر اسم الله عليه تجدونه أوفر ما يكون لحما وكل روثة علف لدوابكم) ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يستنجي بهما وقال: (إنهما زاد إخوانكم) [أي]: الجن. ونهى عن البول في السرب لأنها مساكن الجن. وقرأ عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة الرحمن فما جعل يمر فيها بآية (فبأي آلاء ربكما تكذبان) إلا قالوا ولا بشئ من الآئك ربنا نكذب فلك الحمد. وقد أثنى عليهم
(٦٠)
التالي
الاولى ١
٣٩٦ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المنهاج في تأليف الكتاب 4
2 فصل 8
3 فصل 9
4 وأما الكرسي 13
5 ذكر اللوح المحفوظ 14
6 ما ورد في خلق السماوات والأرض وما بينهما 15
7 ما جاء في سبع أرضين 19
8 فصل في البحار والأنهار 22
9 فصل 28
10 ذكر ما يتعلق بخلق السماوات وما فيهن من الآيات 29
11 أ - الاجماع على أن السماوات مستديرة ب - حديث سب الدهر ج - اليونانيون ودمشق د - هاروت وماروت المجرة وقوس قزح 39
12 باب ذكر خلق الملائكة وصفاتهم 40
13 فصل 51
14 فصل 59
15 باب خلق الجان وقصة الشيطان 60
16 باب خلق آدم عليه السلام 73
17 احتجاج آدم وموسى عليهما السلام 90
18 الأحاديث الواردة في خلق آدم 94
19 قصة قابيل وهابيل 102
20 وفاة آدم ووصيته إلى ابنه شيث 108
21 إدريس عليه السلام 110
22 قصة نوح عليه السلام 132
23 ذكر شئ من أخبار نوح عليه السلام 132
24 صومه عليه السلام 133
25 حجه عليه السلام 133
26 وصيته لولده 134
27 قصة هود عليه السلام 135
28 قصة صالح نبي ثمود عليه السلام 148
29 ذكر أبي رغال من بني ثمود 156
30 مرور النبي بوادي الحجر من أرض ثمود عام تبوك 157
31 قصة إبراهيم خليل الرحمن 158
32 ذكر مناظرة إبراهيم الخليل مع من ادعى الربوبية وهو أحد العبيد الضعفاء 168
33 هجرة الخليل إلى بلاد الشام ثم الديار المصرية واستقراره في الأرض المقدسة 170
34 ذكر مولد إسماعيل من هاجر 174
35 ذكر مهاجرة إبراهيم بابنه إسماعيل وأمه إلى جبل فاران وهي أرض مكة وبنائه البيت العتيق 174
36 قصة الذبيح 179
37 مولد إسحاق 183
38 بناء البيت العتيق 185
39 ذكر ثناء الله ورسوله الكريم على عبده وخليله إبراهيم 189
40 قصره في الجنة 197
41 صفة إبراهيم عليه السلام 198
42 وفاة إبراهيم وما قيل في عمره 198
43 ذكر أولاد إبراهيم الخليل 200
44 قصة مدين قوم شعيب عليه السلام 210
45 باب ذرية إبراهيم 218
46 إسماعيل عليه السلام 218
47 إسحاق بن إبراهيم عليهما الصلاة والتسليم 220
48 ما وقع من الأمور العجيبة في حياة إسرائيل 225
49 قصة نبي الله أيوب 252
50 قصة ذي الكفل 257
51 باب ذكر أمم أهلكوا بعامة 259
52 قصة قوم يس وهم أصحاب القرية 262
53 قصة يونس 265
54 فضل يونس 270
55 قصة موسى الكليم 271
56 فصل 294
57 هلاك فرعون وجنوده 307
58 امر بني إسرائيل بعد هلاك فرعون 314
59 دخول بني إسرائيل التيه وما فيه من الأمور العجيبة 321
60 سؤال الرؤية 325
61 قصة عبادتهم العجل في غيبة كليم الله عنهم 328
62 حديث آخر بمعنى ما ذكره ابن حبان 336
63 قصة بقرة بني إسرائيل 337
64 قصة موسى والخضر عليهما السلام 339
65 حديث الفتون المتضمن قصة موسى مفصلا من أولها إلى آخرها 345
66 بناء قبة الزمان 354
67 قصة قارون مع موسى عليه السلام 356
68 باب فضائل موسى عليه السلام وشمائله وصفاته ووفاته 360
69 حجته عليه السلام إلى البيت العتيق 364
70 وفاته عليه السلام 365
71 نبوة يوشع وقيامه بأعباء بني إسرائيل بعد موسى وهارون (الأسباط - بلعام - وفاة موسى وهارون - فتح أريحا) 368
72 قصتا الخضر وإلياس عليهما السلام 375
73 ذكر الاختلاف في اسم الخضر ونسبه وزمن وجوده ونبوته، وحياته إلى الآن، مفصلا 376
74 وأما الياس عليه السلام 389