البداية والنهاية - ابن كثير - ج ١ - الصفحة ٣٣٧
السابق
أي لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء (1) الذين عبدوا العجل منا فإنا براء مما عملوا. وقال ابن عباس ومجاهد وقتادة وابن جريج إنما أخذتهم الرجفة لأنهم لم ينهوا قومهم عن عبادة العجل وقوله (إن هي إلا فتنتك) أي اختبارك وابتلاؤك وامتحانك قاله ابن عباس وسعيد بن جبير وأبو العالية والربيع بن أنس وغير واحد من علماء السلف والخلف. يعني أنت الذي قدرت هذا وخلقت ما كان من أمر العجل اختبارا تختبرهم به كما (قال لهم هارون من قبل يا قوم إنما فتنتم به) [طه: 90] أي اختبرتم ولهذا قال (تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء) أي من شئت أضللته باختبارك إياه ومن شئت هديته * لك الحكم والمشيئة ولا مانع ولا راد لما حكمت وقضيت (أنت ولينا فاغفر لنا وارحمنا وأنت خير الغافرين واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة إنا هدنا إليك) [الأعراف: 155 - 156] أي تبنا إليك ورجعنا وأنبنا قاله ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير وأبو العالية وإبراهيم التيمي والضحاك والسدي وقتادة وغير واحد وهو كذلك في اللغة. (قال عذابي أصيب به من أشاء ورحمتي وسعت كل شئ) أي أنا أعذب من شئت بما أشاء من الأمور التي أخلقها وأقدرها (ورحمتي وسعت كل شئ) كما ثبت في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " إن الله لما فرغ من خلق السماوات والأرض كتب كتابا فهو موضوع عنده فوق العرش إن رحمتي تغلب غضبي " (2) (فسأكتبها للذين يتقون ويؤتون الزكاة والذين هم بآياتنا يؤمنون) [الأعراف: 156] أي فسأوحيها حتما لمن يتصف بهذه الصفات (الذين يتبعون الرسول النبي الأمي الآية) [الأعراف: 157] وهذا فيه تنويه بذكر محمد صلى الله عليه وسلم وأمته من الله لموسى عليه السلام في جملة ما ناجاه به وأعلمه وأطلعه عليه * وقد تكلمنا على هذه الآية وما بعدها في التفسير بما فيه كفاية ومقنع ولله الحمد والمنة. وقال قتادة قال موسى يا رب أجد في الألواح أمة خير أمة أخرجت الناس يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر رب اجعلهم أمتي قال تلك أمة أحمد.
قال رب إني أجد في الألواح أمة هم الآخرون في الخلق السابقون في دخول الجنة رب اجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال: رب إني أجد في الألواح أمة أناجيلهم في صدورهم يقرأونها وكان من قبلهم يقرأون كتابهم نظرا حتى إذا رفعوها لم يحفظوا شيئا ولم يعرفوه وإن الله أعطاكم أيتها الأمة من الحفظ شيئا لم يعطه أحدا عن الأمم قال رب اجعلهم أمتي قال: تلك أمة أحمد قال: رب إني أجد في الألواح أمة يؤمنون بالكتاب الأول وبالكتاب الآخر ويقاتلون فصول الضلالة حتى يقاتلوا الأعور الكذاب فاجعلهم أمتي. قال: تلك أمة أحمد. قال رب إني أجد في الألواح أمة صدقاتهم يأكلونها في بطونهم ويؤجرون عليها وكان من قبلهم إذا تصدق بصدقة فقبلت منه بعث الله عليها نارا فأكلتها وإن ردت عليه تركت فتأكلها السباع والطير وإن الله أخذ صدقاتكم من

(1) قال القرطبي: قيل المرد بالسفهاء: السبعون; والمعنى أتهلك بني إسرائيل بما فعل هؤلاء السفهاء في قولهم " أرنا الله جهرة ".
(2) تقدم تخريجه في هذا الجزء فليراجع.
(٣٣٧)
التالي
الاولى ١
٣٩٦ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 المنهاج في تأليف الكتاب 4
2 فصل 8
3 فصل 9
4 وأما الكرسي 13
5 ذكر اللوح المحفوظ 14
6 ما ورد في خلق السماوات والأرض وما بينهما 15
7 ما جاء في سبع أرضين 19
8 فصل في البحار والأنهار 22
9 فصل 28
10 ذكر ما يتعلق بخلق السماوات وما فيهن من الآيات 29
11 أ - الاجماع على أن السماوات مستديرة ب - حديث سب الدهر ج - اليونانيون ودمشق د - هاروت وماروت المجرة وقوس قزح 39
12 باب ذكر خلق الملائكة وصفاتهم 40
13 فصل 51
14 فصل 59
15 باب خلق الجان وقصة الشيطان 60
16 باب خلق آدم عليه السلام 73
17 احتجاج آدم وموسى عليهما السلام 90
18 الأحاديث الواردة في خلق آدم 94
19 قصة قابيل وهابيل 102
20 وفاة آدم ووصيته إلى ابنه شيث 108
21 إدريس عليه السلام 110
22 قصة نوح عليه السلام 132
23 ذكر شئ من أخبار نوح عليه السلام 132
24 صومه عليه السلام 133
25 حجه عليه السلام 133
26 وصيته لولده 134
27 قصة هود عليه السلام 135
28 قصة صالح نبي ثمود عليه السلام 148
29 ذكر أبي رغال من بني ثمود 156
30 مرور النبي بوادي الحجر من أرض ثمود عام تبوك 157
31 قصة إبراهيم خليل الرحمن 158
32 ذكر مناظرة إبراهيم الخليل مع من ادعى الربوبية وهو أحد العبيد الضعفاء 168
33 هجرة الخليل إلى بلاد الشام ثم الديار المصرية واستقراره في الأرض المقدسة 170
34 ذكر مولد إسماعيل من هاجر 174
35 ذكر مهاجرة إبراهيم بابنه إسماعيل وأمه إلى جبل فاران وهي أرض مكة وبنائه البيت العتيق 174
36 قصة الذبيح 179
37 مولد إسحاق 183
38 بناء البيت العتيق 185
39 ذكر ثناء الله ورسوله الكريم على عبده وخليله إبراهيم 189
40 قصره في الجنة 197
41 صفة إبراهيم عليه السلام 198
42 وفاة إبراهيم وما قيل في عمره 198
43 ذكر أولاد إبراهيم الخليل 200
44 قصة مدين قوم شعيب عليه السلام 210
45 باب ذرية إبراهيم 218
46 إسماعيل عليه السلام 218
47 إسحاق بن إبراهيم عليهما الصلاة والتسليم 220
48 ما وقع من الأمور العجيبة في حياة إسرائيل 225
49 قصة نبي الله أيوب 252
50 قصة ذي الكفل 257
51 باب ذكر أمم أهلكوا بعامة 259
52 قصة قوم يس وهم أصحاب القرية 262
53 قصة يونس 265
54 فضل يونس 270
55 قصة موسى الكليم 271
56 فصل 294
57 هلاك فرعون وجنوده 307
58 امر بني إسرائيل بعد هلاك فرعون 314
59 دخول بني إسرائيل التيه وما فيه من الأمور العجيبة 321
60 سؤال الرؤية 325
61 قصة عبادتهم العجل في غيبة كليم الله عنهم 328
62 حديث آخر بمعنى ما ذكره ابن حبان 336
63 قصة بقرة بني إسرائيل 337
64 قصة موسى والخضر عليهما السلام 339
65 حديث الفتون المتضمن قصة موسى مفصلا من أولها إلى آخرها 345
66 بناء قبة الزمان 354
67 قصة قارون مع موسى عليه السلام 356
68 باب فضائل موسى عليه السلام وشمائله وصفاته ووفاته 360
69 حجته عليه السلام إلى البيت العتيق 364
70 وفاته عليه السلام 365
71 نبوة يوشع وقيامه بأعباء بني إسرائيل بعد موسى وهارون (الأسباط - بلعام - وفاة موسى وهارون - فتح أريحا) 368
72 قصتا الخضر وإلياس عليهما السلام 375
73 ذكر الاختلاف في اسم الخضر ونسبه وزمن وجوده ونبوته، وحياته إلى الآن، مفصلا 376
74 وأما الياس عليه السلام 389