منتقى الأصول - تقرير بحث الروحاني ، للحكيم - ج ٦ - الصفحة ٣٦٦
السابق
حجيته في ما هو ظاهر فيه، والا رجع الامر الثاني - أعني: لسان الدليل -.
وبما ذكرنا (1) يندفع ما قد يقال: من انه ما المراد من جعل النظر العرفي

(١) تحقيق الكلام في هذا المقام أن يقال: إن الحكم الشرعي بناء على ما هو الصحيح من كونه غير الإرادة والكراهة، بل هو أمر اعتباري يتحقق بالانشاء القولي أو الفعلي لا واقع له سوى مقام الانشاء والدليل بمعنى أن الانشاء والدليل في مقام الاثبات ليس كاشفا عن الحكم بوجوده الواقعي بل هو محقق للحكم وسبب لتحقق الاعتبار، فنسبة الانشاء إلى الحكم ليست نسبة الدال إلى المدلول بل نسبة السبب إلى المسبب، وليس له وجود واقعي منفصل عن الانشاء ويكون الانشاء طريقا إليه كما يظهر من بعض التعبيرات، كالتعبير بمقام اللب والواقع ومقام الانشاء والاثبات فان ذلك ليس بسديد. وإذا كان الامر كذلك فلا محصل لدعوى تشخيص موضوع الحكم بطريق العقل أو العرف قبالا للدليل، بل الحكم يدور مدار الانشاء وما قصده المنشئ بانشائه لا يتعدا بتاتا وأي دخل للعقل في ذلك؟ وكيف يتصور حكم العقل بان موضوع الحكم كذا إذا فرض أن الانشاء عل خلافه؟ بل حكم العقل يناط بكيفية الانشاء الذي هو سبب الحكم. فإنه يدرك المسببات من طريق أسبابها.
ولا سبيل له لادراك مناطات الاحكام كي يستطيع للحكم بدخالة قيد وعدم دخالة آخر ومثل ذلك يقال في نظر العرف، فإنه لا أساس له، إذ ليس الحكم من أحكام العرف كي يكون له نظر فيه، فلا معنى لان يكون له نظر في الحكم الشرعي يخالف الدليل.
نعم قد يكون له نظر خاص في باب الألفاظ أو من ناحية ارتكازاته بنحو يكون موجبا لتغيير ظهور الدليل البدوي إذا كان بمنزلة القرينة المتصلة، أو موجبا لعدم حجيته إذا كان بمنزلة القرينة المنفصلة المانعة عن الحجية أو الكاشفة عن عدم الظهور كما في المقيد المنفصل على التحقيق، لكنه نظر يرجع إلى تشخيص المراد والمقصود بالدليل لا أنه في قبال الدليل وما يراد به.
ومثله يقال في بعض أحكام العقل التي يقيد بها الدليل كتقييد الاحكام بالقدرة أو الشعور والتمييز، فإنه يرجع إلى تشخيص أن المراد بالدليل رأسا هو المقيد.
وبالجملة: كل ما يقصده المنشئ هو المتبع والكاشف عنه الدليل الانشائي ولو بضميمة حكم العقل أو العرف وقرينتيهما المتصلة أو المنفصلة.
وأما غير ذلك فلا محصل له، بل عرفت أن العقل والعرف لا معنى لان يكون له نظر في قبال ما يحكيه الدليل عن قصد المنشئ، فالمقابلة غير سديدة.
وإذا عرفت ما بينا فنقول: ليس المراد بالموضوع الذي يعتبر بقاؤه بكل ما يكون دخيلا في تحقق الحكم، بل ما كان معروضا للحكم فان بقاؤه هو المحقق لوحدة القضيتين وصدق البقاء والنقض.
ولا نريد بالمعروض هو المعنى المصطلح له، وذلك لان معروض الحكم - بالمعنى المصطلح - هو خصوص متعلقه كالاكرام في مثل " أكرم زيدا " أما متعلق المتعلق كزيد في المثال فليس معروضا للحكم الذي يراد استصحابه، فلو أريد من المعروض هو المعنى المصطلح لزم أن لا يعتبر بقاء زيد في استصحاب وجوب الأكارم وهو واضح البطلان. إذن فالمراد بالمعروض كل ما كان الحكم مرتبطا به وله إضافة إليه وتعلق به ولو كان يكن محمولا عليه.
فمثل زيد يكون كذلك فان الحكم يضاف إليه بتوسط متعلقه، وعلى هذا الأساس يعتبر بقاؤه ويكون انتفاؤه مخلا بصدق البقاء والنقض. وتشخيص ارتباط الحكم وإضافته.
تارة: يكون بواسطة ظهور اللفظ نظير المثال المزبور.
وأخرى: قد يكون بواسطة العرف القطعي وإن لم يظهر من الدليل كما لو قال: " أطعم زيد الفقير " فان العرف بمرتكزاته يفهم أن المراد رفع حاجة الفقير، فيكون المطلوب رفع حاجته، فإذا زال الفقر عن زيد انتفى الموضوع فينتفي الحكم لان الحكم مرتبط بالحاجة والفقر ومضاف إليها لأنها متعلق المتعلق على الفرض، وإن كان الظهور البدوي ليس كذلك.
وليس الامر كذلك لو قال: " أطعم زيدا العالم " فان العلم ليس كالفقر بنظر العرف فإذا زال أمكن استصحاب الحكم مع الشك لبقاء موضوعه وهو ذات زيد، والعلم يعد من الحالات الطارئة عليه لا من مقوماته المأخوذة في مقام ارتباط الحكم.
نعم في مثل ما إذا قال: " قلد زيدا العالم " يكون زوال العلم موجبا لزوال الحكم، لان العلم ما يضاف إليه الحكم، إذا التقليد هو أخذ الرأي واتباع العلم فإذا زال العلم فقد زال المعروض.
وثالثة: قد يكون بواسطة حكم العقل القطعي، لتقوم التكليف بالتمييز والشعور، لأنه التحريك والبعث وهو يرتبط بالمميز والشعور، وليس كذلك الحال في عدم البلوغ. ولذا يصح استصحاب عدم التكليف الثابت في ظرف عدم البلوغ، بخلاف العدم الثابت في ظرف عدم التمييز كالجنون.
ولا يخفى أن اتباع العرف أو العقل في تشخيص ما يرتبط به الحكم إنما هو فيما كان نظره قطعيا أو يوجب الوثوق والاطمئنان بحيث يوجب التصرف في ظهور الدليل، وفيما عدا ذلك لا عبرة به إذا كان للدليل ظهور في شئ معين، بل يتبع ما هو ظاهر الدليل. ومع إجماله يشكل جريان الاستصحاب لأنه يستلزم الشك في بقاء الموضوع. هذا تحقيق هذا تحقيق القول في هذه المسالة، فلا حظ.
(٣٦٦)
التالي
الاولى ١
٤٣٩ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الاستصحاب تعريف الاستصحاب 6
2 مناقشة التعاريف 8
3 التعريف المختار 9
4 الاستصحاب مسألة أصولية أو لا؟ 11
5 الفرق بين الاستصحاب وقاعدتي اليقين، والمقتضي والمانع 12
6 تقسيمات الاستصحاب 13
7 نفي جريان الاستصحاب في الحكم الشرعي المستفاد من العقل 14
8 تصحيح الوجه الثالث وتعميمه للشبهة الموضوعية المصداقية 18
9 تعميم النفي للأحكام الوجودية والعدمية 20
10 الايراد على الشيخ والأصفهاني 21
11 تقريب جريان استصحاب العدم في مورد النسيان 22
12 اعتبار فعلية الشك والمناقشة فيه 24
13 أدلة الاستصحاب 30
14 الاستدلال بالأخبار 34
15 صحيحة زرارة الأولى 34
16 محتملات مفاد الصحيحة 35
17 في الاحتمال الأرجح 42
18 التفصيل بين الشك في المقتضي والرافع 47
19 معنى النقض 47
20 المختار في معنى النقض 50
21 مناقشتنا للكفاية في معنى النقض 54
22 امتناع تعلق النقض باليقين 55
23 امتناع تعلق النقض باليقين اثباتا 58
24 المجعول هو المتيقن لا اليقين 61
25 الاستصحاب في الشبهة الموضوعية 62
26 المختار في دفع الاشكال في جريان الاستصحاب المذكور 68
27 الاستصحاب في الأحكام الكلية 71
28 عدم الأثر لاستصحاب عدم الجعل 73
29 مناقشة كلام العراقي 75
30 عدم قابلية الجعل وعدمه للتعبد بهما 78
31 امتناع التعبد بعدم التكليف 80
32 هل الجعل يتبع المجعول سعة وضيقا 81
33 الاستصحاب في الأحكام الترخيصية والوضعية 87
34 صحيحة زرارة الثانية 87
35 الاستدلال بالفقرة الأولى 88
36 جعل الفقرة من التعليل بالصغرى 100
37 منع إفادة الفقرة لقاعدة اليقين 103
38 الاستدلال بالفقرة الثانية 104
39 صحيحة زرارة الثالثة 104
40 رواية الخصال 114
41 مكاتبة القاساني 117
42 رواية عمار 121
43 الأحكام الوضعية 130
44 الكلام في سبب التكليف وشرطه ونحوهما 131
45 منع جعل السببية استقلالا 131
46 الايراد على وجهي الكفاية 132
47 السببية منتزعة عن خصوصية واقعية 135
48 الكلام في جزء المأمور به وشرطه ونحوهما 138
49 استشكال العراقي الشرطية 139
50 في جريان الأصل في الجزئية وعدمه 140
51 الكلام في الحجية والملكية ونحوهما 143
52 الاشكال ثبوتا في جعل الملكية استقلالا 145
53 البحث عن مجعولية الصحة والطهارة ونحوهما 146
54 تنبيهات الاستصحاب التنبيه الأول: في جريان الاستصحاب في مودي الأمارات 148
55 التبيه الثاني: في استصحاب الكلي 156
56 استصحاب الفرد المردد 157
57 القسم الأول من استصحاب الكلي 163
58 القسم الثاني من استصحاب الكلي 163
59 استصحاب الكلي في الأحكام 168
60 الشبهة العبائية 171
61 تحقيق الحق في الشبهة 173
62 القسم الثالث من استصحاب الكلي 176
63 القسم الرابع من استصحاب الكلي 177
64 التنبيه الثالث: في استصحاب الأمور التدريجية 179
65 استصحاب الزمان وجهات الاشكال فيه 179
66 استصحاب الحكم في الفعل المقيد بالزمان 188
67 التنبيه الرابع: في استصحاب الأمور التعليقية 191
68 معارضة الاستصحاب التنجيزي للتعليقي 201
69 المختار في دفع اشكال المعارضة 205
70 الاستصحاب التعليقي في الموضوعات 207
71 التنبيه الخامس: في استصحاب عدم النسخ 208
72 التنبيه السادس: في الأصل المثبت 208
73 الأصل المثبت مع خفاء الواسطة 213
74 المناقشة في استثناء صورة وضوح الملازمة 215
75 الشك في أول الشهر وجريان الأصل فيه 218
76 الحكم بتضمين اليد المشكوك ضمانيتها 221
77 الامارات المثبتة 223
78 التنبيه السابع: جهات تتعلق بالأصل المثبت 226
79 الأثر المترتب على الأمر الانتزاعي 227
80 المنع في استصحاب عدم التكليف 229
81 التنبيه الثامن: حكم ما إذا كان اللازم لازما للأعم من الوجود الواقعي والظاهري 231
82 التبيه التاسع: اعتبار كون المستصحب مجعولا في مرحلة البقاء فقط لا الحدوث 232
83 التبيه العاشر: أصالة تأخر الحادث - مجهولي التاريخ 233
84 في اعتبار اتصال زمان الشك بزمان اليقين 240
85 المحاذير المختارة لعدم جريان الاستصحاب 253
86 جهالة تاريخ أحد الحادثين 260
87 تعاقب الحادثين المتضادين 267
88 جهالة تاريخ أحد الحادثين المتضادين 271
89 كلام للمحقق النائيني في المقام 272
90 التنبيه الحادي عشر: استصحاب الأمور الاعتقادية 279
91 استصحاب النبوة والإمامة 287
92 الايراد على تشبث الكتابي باستصحاب نبوة نبيه 288
93 التنبيه الثاني عشر: في استصحاب حكم المخصص 290
94 حول صورة لحاظ الزمان ظرفا 291
95 تلخيص كلام المحقق الأصفهاني 293
96 مناقشة مع المحقق الأصفهاني 296
97 التبيه الثالث عشر: في بيان المراد من الشك في الأخبار 303
98 استصحاب الصحة 304
99 استصحاب الهيئة الاتصالية 316
100 القاطع والمانع هل يختلفان أثرا؟ 319
101 هل الناقض قسم آخر غير المانع والقاطع 322
102 استصحاب الوجوب مع تعذر بعض أجزاء المركب 324
103 التفصيل بين تعذر الجزء قبل تنجيز التكليف وبعده 325
104 خاتمة: في شروط الاستصحاب اعتبار بقاء الموضوع وتفسير مفرداته 329
105 المختار في تفسير كلام الشيخ قدس سره 339
106 المختار في حكم الفرض المذكور 340
107 عدم جريان الاستصحاب في الموضوع 343
108 التفصيل في جريان الاستصحاب في الحكم 346
109 ما اختير من الطرق في تعيين الموضوع 354
110 هل يفرق في الاستحالة بين نجس العين وبين المتنجس 360
111 هل تستفاد قاعدة اليقين من أخبار الاستصحاب 364
112 الوجوه المختارة في امتناع استفادة القاعدة 371
113 الثالث من شروط الاستصحاب: أن يكون البقاء مشكوكا 375
114 الحكومة ضابطها وتعريفها 377
115 المراد من النظر ومن التفرع 383
116 وجه تقديم الحاكم على المحكوم وكذا أخواته 386
117 الوجه المختار في التقديم 393
118 تقديم الامارة على الاستصحاب بملاك الورود 398
119 دعوى التقديم بملاك الحكومة 403
120 تذييل: الالتزام بالورود انما يلتزم به في صورة قيام الامارة على الخلاف 416
121 ثمرة التذييل 418