منتقى الأصول - تقرير بحث الروحاني ، للحكيم - ج ٦ - الصفحة ٣٠٩
السابق
وصاحب الكفاية (قدس سره) - الذي يدعى ظهوره في وحدة الحكم واستمراره -، ولكنه بكلامه الأخير لا يخلو عن نظر (1).

(١) تحقيق الكلام في مناقشة المحقق الأصفهاني (ره) وتصحيح ما أفاده الشيخ وصاحب الكفاية: أن الاطلاق تارة يراد به الاطلاق الاصطلاحي الراجع إلى ثبوت الحكم على الطبيعة بلا قيد وشرط، فيستفاد إرادة جميع الحصص بمعونة مقدمات الحكمة. وأخرى يراد به ثبوت الحكم بالنسبة إلى مطلق الحصص لكن لا على أن يكون ذلك مستفادا من مقدمات الحكمة الراجعة إلى إثبات فرض القيود، بل هو مستفاد من نفس الكلام لوضعه إلى جميع الحصص، نظير دلالة لفظ " يوم " على جميع أجزاء النهار فإنها ليست بالاطلاق المصطلح، نعم يصح أن يقال إنه يراد به مطلق أجزاء النهار بلا تقييد، ولكن ذلك لا يعني أنه يراد به التمسك بمقدمات الحكمة بل من جهة " اليوم " اسم لجميع هذه الاجزاء من المبدأ إلى المنتهى. ومثل ذلك دلالة لفظ " قوم " على جميع الافراد فإنها تختلف عن دلالة لفظ العالم على إرادة جميع أفراد العالم. فان دلالة لفظ العالم على جميع أفراده بالاطلاق الاصطلاحي ومقدمات الحكمة بخلاف دلالة لفظ " قوم " فإنه يدل على جميع الافراد لوضعه إلى مجموع الافراد ولذا يسمى باسم الجمع، والفرق بين هذين النحوين أن الدليل المقيد في المورد الأول لا يتنافى مع مدلول الكلام وإنما يستلزم اخراج الفرد عن مقتضى مقدمات الحكمة، ويبقى الدليل المطلق حجة في سائر الحصص. أما في المورد الثاني فالدليل المقيد يتنافى مع نفس المدلول رأسا ولذا قلنا - في مبحث العموم والخصوص - إنه لو ورد ما يدل على إكرام عشرة علماء ثم ورد ما يدل على عدم إكرام واحد منهم كان الدليلان متعارضين لان مدلول عشرة ليس هو الطبيعة بل مجموع الافراد رأسا، ولأجل ذلك لم تكن من أفراد العموم.
فلو ورد ما يدل على مجئ القوم، ثم ورد ما يدل على عدم مجئ واحد منهم كزيد كان الدليلان متعارضين.
نعم حيث أن مثل القوم يستعمل في البعض مسامحة يحمل لفظ: " القوم " في مثل " جاء القوم إلا زيدا " مما يعلم إرادة البعض مسامحة لأنه يكون له ظهور ثانوي في ذلك ومثله ما لو كان المخصص منفصلا وبذلك يختلف عن مثل لفظ: " عشرة " فإنه ليس له ظهور ثانوي في الأقل ولذا يستقر التعارض بين دليل إكرام العشرة ودليل عدم إكرام واحد منهم. وكيف كان فالتمسك بمثل لفظ القوم في غير مورد الاستثناء ليس من جهة الرجوع إلى الاطلاق في غير مورد التقييد بل من جهة الرجوع إلى الظهور الثانوي المحمول عليه الكلام بقرينة ما هو أظهر منه.
وإذا اتضح ما ذكرناه: فاعلم أن الدليل الدال على استمرار الحكم في الحصص الزمانية - بعنوان الاستمرار - سواء كان بنحو المعنى الاسمي كان يقول: " يجب الجلوس مستمرا إلى الغروب " أو بنحو المعنى الحرفي كان يقول: " يجب الجلوس من الآن إلى الغروب " لا يدل على ثبوت الحكم في جميع أجزاء الزمان المفروض بالاطلاق ومقدمات الحكمة بل بمدلوله الوضعي نظير لفظ " اليوم " الدال على أجزاء الزمان بين المبدأ والمنتهى، لان الاستمرار اسم لثبوت الحكم في تمام الأزمنة ومجموعها.
وعليه فإذا دل الدليل على انقطاع الحكم وعدم ثبوته في الأثناء لم يكن ذلك من تقييد المطلق ببعض حصصه كي يرجع إليه في سائر الحصص، بل هو مناف لأصل الدليل على الاستمرار ومسقط له عن الاعتبار، ومعه لا دليل على ثبوت الحكم بعد زمان التخصيص فلفظ الاستمرار نظير لفظ " عشرة " في سقوطه مع معارضته بما هو أقوى منه وعدم الرجوع إليه في غير مورد الدليل المعارض.
نعم دلالة الدليل على ثبوت الحكم في الجملة تبقى على حالها لعدم ما يعارضها. ويبقى سؤال أنه إذا انتفت دلالة الدليل على الاستمرار وبقيت دلالته على الحكم في الجملة فما هو الوجه في الالتزام بثبوت الحكم قبل زمان التخصيص، إذ يكون ما قبل زمان التخصيص و ما بعده بالنسبة إليه على حد سواء؟
والجواب عنه هو ما سيأتي - في تحقيق كلام الكفاية - من الالتزام بوجود ظهور آخر للدليل وهو ظهوره في ثبوت الحكم بمجرد تحقق موضوعه، ومقتضاه ثبوت الحكم فيما قبل زمان التخصيص.
وإذا تحقق لديك ما بيناه فنقول: إن محط كلام الشيخ (ره) وغيره هو ما إذا كان الدليل دالا على استمرار الحكم ولو بنحو المعنى الحرفي، وعليه فلا يتجه ما أفاده المحقق الأصفهاني في مناقشته بالرجوع إلى الاطلاق الأزماني وبيان أن الاطلاق رفض القيود، إذ عرفت أن دلالة الدليل المزبور على ثبوت الحكم في تمام الأزمنة ليس بالاطلاق الراجع إلى رفض القيود بل بمقتضى الوضع نظير دلالة لفظ اليوم على جميع الاجزاء بين المبدأ والمنتهى، فيمكن أن نقول: أن ما أفاده (قده) لا يخلو عن خلط بين المقامين، فتدبر ولا تغفل.
(٣٠٩)
التالي
الاولى ١
٤٣٩ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الاستصحاب تعريف الاستصحاب 6
2 مناقشة التعاريف 8
3 التعريف المختار 9
4 الاستصحاب مسألة أصولية أو لا؟ 11
5 الفرق بين الاستصحاب وقاعدتي اليقين، والمقتضي والمانع 12
6 تقسيمات الاستصحاب 13
7 نفي جريان الاستصحاب في الحكم الشرعي المستفاد من العقل 14
8 تصحيح الوجه الثالث وتعميمه للشبهة الموضوعية المصداقية 18
9 تعميم النفي للأحكام الوجودية والعدمية 20
10 الايراد على الشيخ والأصفهاني 21
11 تقريب جريان استصحاب العدم في مورد النسيان 22
12 اعتبار فعلية الشك والمناقشة فيه 24
13 أدلة الاستصحاب 30
14 الاستدلال بالأخبار 34
15 صحيحة زرارة الأولى 34
16 محتملات مفاد الصحيحة 35
17 في الاحتمال الأرجح 42
18 التفصيل بين الشك في المقتضي والرافع 47
19 معنى النقض 47
20 المختار في معنى النقض 50
21 مناقشتنا للكفاية في معنى النقض 54
22 امتناع تعلق النقض باليقين 55
23 امتناع تعلق النقض باليقين اثباتا 58
24 المجعول هو المتيقن لا اليقين 61
25 الاستصحاب في الشبهة الموضوعية 62
26 المختار في دفع الاشكال في جريان الاستصحاب المذكور 68
27 الاستصحاب في الأحكام الكلية 71
28 عدم الأثر لاستصحاب عدم الجعل 73
29 مناقشة كلام العراقي 75
30 عدم قابلية الجعل وعدمه للتعبد بهما 78
31 امتناع التعبد بعدم التكليف 80
32 هل الجعل يتبع المجعول سعة وضيقا 81
33 الاستصحاب في الأحكام الترخيصية والوضعية 87
34 صحيحة زرارة الثانية 87
35 الاستدلال بالفقرة الأولى 88
36 جعل الفقرة من التعليل بالصغرى 100
37 منع إفادة الفقرة لقاعدة اليقين 103
38 الاستدلال بالفقرة الثانية 104
39 صحيحة زرارة الثالثة 104
40 رواية الخصال 114
41 مكاتبة القاساني 117
42 رواية عمار 121
43 الأحكام الوضعية 130
44 الكلام في سبب التكليف وشرطه ونحوهما 131
45 منع جعل السببية استقلالا 131
46 الايراد على وجهي الكفاية 132
47 السببية منتزعة عن خصوصية واقعية 135
48 الكلام في جزء المأمور به وشرطه ونحوهما 138
49 استشكال العراقي الشرطية 139
50 في جريان الأصل في الجزئية وعدمه 140
51 الكلام في الحجية والملكية ونحوهما 143
52 الاشكال ثبوتا في جعل الملكية استقلالا 145
53 البحث عن مجعولية الصحة والطهارة ونحوهما 146
54 تنبيهات الاستصحاب التنبيه الأول: في جريان الاستصحاب في مودي الأمارات 148
55 التبيه الثاني: في استصحاب الكلي 156
56 استصحاب الفرد المردد 157
57 القسم الأول من استصحاب الكلي 163
58 القسم الثاني من استصحاب الكلي 163
59 استصحاب الكلي في الأحكام 168
60 الشبهة العبائية 171
61 تحقيق الحق في الشبهة 173
62 القسم الثالث من استصحاب الكلي 176
63 القسم الرابع من استصحاب الكلي 177
64 التنبيه الثالث: في استصحاب الأمور التدريجية 179
65 استصحاب الزمان وجهات الاشكال فيه 179
66 استصحاب الحكم في الفعل المقيد بالزمان 188
67 التنبيه الرابع: في استصحاب الأمور التعليقية 191
68 معارضة الاستصحاب التنجيزي للتعليقي 201
69 المختار في دفع اشكال المعارضة 205
70 الاستصحاب التعليقي في الموضوعات 207
71 التنبيه الخامس: في استصحاب عدم النسخ 208
72 التنبيه السادس: في الأصل المثبت 208
73 الأصل المثبت مع خفاء الواسطة 213
74 المناقشة في استثناء صورة وضوح الملازمة 215
75 الشك في أول الشهر وجريان الأصل فيه 218
76 الحكم بتضمين اليد المشكوك ضمانيتها 221
77 الامارات المثبتة 223
78 التنبيه السابع: جهات تتعلق بالأصل المثبت 226
79 الأثر المترتب على الأمر الانتزاعي 227
80 المنع في استصحاب عدم التكليف 229
81 التنبيه الثامن: حكم ما إذا كان اللازم لازما للأعم من الوجود الواقعي والظاهري 231
82 التبيه التاسع: اعتبار كون المستصحب مجعولا في مرحلة البقاء فقط لا الحدوث 232
83 التبيه العاشر: أصالة تأخر الحادث - مجهولي التاريخ 233
84 في اعتبار اتصال زمان الشك بزمان اليقين 240
85 المحاذير المختارة لعدم جريان الاستصحاب 253
86 جهالة تاريخ أحد الحادثين 260
87 تعاقب الحادثين المتضادين 267
88 جهالة تاريخ أحد الحادثين المتضادين 271
89 كلام للمحقق النائيني في المقام 272
90 التنبيه الحادي عشر: استصحاب الأمور الاعتقادية 279
91 استصحاب النبوة والإمامة 287
92 الايراد على تشبث الكتابي باستصحاب نبوة نبيه 288
93 التنبيه الثاني عشر: في استصحاب حكم المخصص 290
94 حول صورة لحاظ الزمان ظرفا 291
95 تلخيص كلام المحقق الأصفهاني 293
96 مناقشة مع المحقق الأصفهاني 296
97 التبيه الثالث عشر: في بيان المراد من الشك في الأخبار 303
98 استصحاب الصحة 304
99 استصحاب الهيئة الاتصالية 316
100 القاطع والمانع هل يختلفان أثرا؟ 319
101 هل الناقض قسم آخر غير المانع والقاطع 322
102 استصحاب الوجوب مع تعذر بعض أجزاء المركب 324
103 التفصيل بين تعذر الجزء قبل تنجيز التكليف وبعده 325
104 خاتمة: في شروط الاستصحاب اعتبار بقاء الموضوع وتفسير مفرداته 329
105 المختار في تفسير كلام الشيخ قدس سره 339
106 المختار في حكم الفرض المذكور 340
107 عدم جريان الاستصحاب في الموضوع 343
108 التفصيل في جريان الاستصحاب في الحكم 346
109 ما اختير من الطرق في تعيين الموضوع 354
110 هل يفرق في الاستحالة بين نجس العين وبين المتنجس 360
111 هل تستفاد قاعدة اليقين من أخبار الاستصحاب 364
112 الوجوه المختارة في امتناع استفادة القاعدة 371
113 الثالث من شروط الاستصحاب: أن يكون البقاء مشكوكا 375
114 الحكومة ضابطها وتعريفها 377
115 المراد من النظر ومن التفرع 383
116 وجه تقديم الحاكم على المحكوم وكذا أخواته 386
117 الوجه المختار في التقديم 393
118 تقديم الامارة على الاستصحاب بملاك الورود 398
119 دعوى التقديم بملاك الحكومة 403
120 تذييل: الالتزام بالورود انما يلتزم به في صورة قيام الامارة على الخلاف 416
121 ثمرة التذييل 418