منتقى الأصول - تقرير بحث الروحاني ، للحكيم - ج ٦ - الصفحة ٢٥٧
السابق
نعم، لو قلنا بعدم مطابقة الصورة الذهنية للصورة الخارجية، وانه لا علاقة له بالصورة الخارجية لم يتأت المحذور. ولكنه لا قائل به، لاستلزامه ارتفاع منجزية العلم الاجمالي بالمرة وعدم أثر له خارجي أصلا.
وبعبارة أخرى: ان ما أفاده من عدم السراية متأت حتى بالنسبة إلى العلم التفصيلي، مع أن الالتزام بناقضيته ليست محل اشكال.
ويتحصل مما ذكرنا: ان ما ذكر في تفسير عبارة الكفاية غير تام لا في نفسه ولا بعنوان توجيه كلام الكفاية.
إذا عرفت هذا كله. فالحق في المقام عدم جريان الاستصحاب - كما ذهب إليه المحقق الخراساني (قدس سره) - لمحاذير ثلاثة:
المحذور الأول (1): ما ذكره المحقق الخراساني في الكفاية بالتوجيه الذي ذكرناه.

(١) قد يورد: على ما أفاده صاحب الكفاية بالتقريب الذي بيناه فان الشك في اتصال المشكوك بالمتيقن لاجل تردد زمان الحادث الاخر بين الأنين الثاني والثالث لا يضر بالاستصحاب، لأنه يمكن جر العدم من زمان اليقين إلى زمان الشك أي آن كان الثاني والثالث، واحتمال ارتفاعه في الأثناء لا يضر في التعبد بالبقاء لان مرجعه إلى عدم تحقق الانفصال نظير ما لو تيقن بعدالة زيد صباحا، وشك في تحققها ليلا لكونها مورد الأثر العملي، واحتمل ارتفاعها ظهرا، فإنه من موارد احتمال الانفصال، مع أنه لا يضر بالاستصحاب جزما. ففي ما نحن فيه نقول: يمكن استصحاب عدم الاسلام - مثلا - إلى زمان تحقق القسمة الواقعي واحتمال الانفصال لا يضر بعد ما كان مرجع التعبد الاستصحابي هو التعبد بالبقاء وعدم الانفصال.
والجواب عن هذا الايراد يتضح بتقديم مقدمة وهي: أن مصادفة التعبد لما يخالف اليقين لا يضر في صحة التعبد إذا لم يكن التعبد بالحكم بالعنوان الذي تعلق به اليقين بالخلاف، فمثلا لو علم بحرمة إكرام الفاسق، وشك في زيد أنه فاسق أولا، فان التعبد بجواز إكرامه بقول مطلق سواء كان في الواقع فاسقا أو ليس بفاسق لا ينافي العلم بحرمة إكرامه لو كان فاسقا، وإن احتمل مصادفة مورد التعبد لمورد العلم، وذلك لان الحرمة الثابتة المعلومة ثابتة لزيد بما هو فاسق، والحلية الثابتة ثابتة له بما هو مشكوك مع قطع النظر عن فسقه وعدم فسقه، لان مرجع الاطلاق إلى رفض القيود. فالحكم الظاهري لا يحتمل انطباقه على ما هو معلوم الخلاف فلم أن يبق سوى محذور اجتماع الحكمين المتضادين، ولكنه محذور سار في مطلق موارد الأحكام الظاهرية، واتضح اندفاعه في محله.
نعم إذا كان التعبد بالجواز على كلا تقديريه بنحو يكون كلا من تقديريه دخيلا في الحكم على تقدير تحققه، بان كان مباح الاكرام بما هو فاسق. أو بما هو ليس بفاسق كان ذلك ممتنعا لاحتمال كون الحكم الظاهري بالإحالة ثابتا لما يقطع بالحرمة بالنسبة إليه.
وكما يمتنع جعل الحكم الظاهري مع العلم بالخلاف، كذلك يمتنع جعله مع احتمال انطباقه مع مورد العلم بالخلاف، لتقيد موضوعه بغير العلم، فلا يمكن الجزم به والحال هذه، لأنه مستلزم لاحتمال اجتماع المتنافيين وهو محال كالقطع به.
إذا عرفت ذلك نقول: إن الآن الثالث من الآنات الثلاثة يعلم فيه بتحقق كلا الحادثين وارتفاع المتيقن السابق.
وعليه فإذا فرض التعبد بالعدم إلى زمان الحادث الاخر على أي تقدير أي: سواء كان هو الآن الثاني أو الآن الثالث، فمرجع ذلك إلى احتمال جر العدم إلى الآن الثالث مضافا إلى الآن الثاني - لان عموم الاستصحاب بلحاظ الزمانين شمولي لا بدلي فخصوصية الزمانين ملحوظة فيه لا ملغاة - كما في مثل التعبد بجواز إكرام زيد سواء كان فاسقا أم عادلا - فمرجع الاطلاق ههنا إلى ملاحظة كلا الزمانين لأنه شمولي. والمفروض أن العدم في الآن الثالث معلوم الارتفاع، فيلزم سراية التعبد أي زمان يعلم فيه بعدم بقاء المتيقن، فيكون من التعبد بالشئ مع العلم بخلافه، وقد عرفت امتناع احتماله كامتناع الجزم به، لأنه جمع بين المتنافيين. فكيف يحتمل أن يسري التعبد بالعدم إلى زمان العلم بارتفاعه الملازم للعلم بعدم التعبد به؟.
هذا إذا أريد جر العدم إلى زمان الحادث الآخر على كلا تقديريه بحيث أريد إبقاؤه إلى الآن الثالث.
وأما إذا لو حظ العدم بالإضافة إلى زمان الاخر مع قطع النظر عن كونه في هذا الآن أو ذاك، بل لو حظ بحياله - كما هو ظاهر الكفاية - فمن الواضح أنه زمان واحد مردد بين آنين أحدهما متصل بزمان المتيقن والاخر منفصل، فيتأتى اشكال عدم إحراز اتصال زمان الشك بزمان اليقين.
والذي يتحصل: أنه إن كان العدم ملحوظا بالنسبة إلى زمان الاخر بما هو أحد الزمانين الثاني أو الثالث بحيث أريد جره إليه أينما كان، كان الاشكال فيه ما ذكرناه من احتمال مصادفته لمورد العلم بالخلاف - وهو الذي تقدم بيانه - وإن لو حظ بالنسبة إلى زمان الاخر الاجمالي مع قطع النظر عن الزمانين الثاني والثالث، جاء إشكال عدم إحراز تحقق اتصال زمان الشك بزمان اليقين الذي هو ظاهر الكتاب. فالاشكال وارد على أي تقدير.
هذا غاية ما يقرب به كلام صاحب الكفاية، فتأمل فيه وفي أطرافه فإنه لا يخلو عن دقة.
(٢٥٧)
التالي
الاولى ١
٤٣٩ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الاستصحاب تعريف الاستصحاب 6
2 مناقشة التعاريف 8
3 التعريف المختار 9
4 الاستصحاب مسألة أصولية أو لا؟ 11
5 الفرق بين الاستصحاب وقاعدتي اليقين، والمقتضي والمانع 12
6 تقسيمات الاستصحاب 13
7 نفي جريان الاستصحاب في الحكم الشرعي المستفاد من العقل 14
8 تصحيح الوجه الثالث وتعميمه للشبهة الموضوعية المصداقية 18
9 تعميم النفي للأحكام الوجودية والعدمية 20
10 الايراد على الشيخ والأصفهاني 21
11 تقريب جريان استصحاب العدم في مورد النسيان 22
12 اعتبار فعلية الشك والمناقشة فيه 24
13 أدلة الاستصحاب 30
14 الاستدلال بالأخبار 34
15 صحيحة زرارة الأولى 34
16 محتملات مفاد الصحيحة 35
17 في الاحتمال الأرجح 42
18 التفصيل بين الشك في المقتضي والرافع 47
19 معنى النقض 47
20 المختار في معنى النقض 50
21 مناقشتنا للكفاية في معنى النقض 54
22 امتناع تعلق النقض باليقين 55
23 امتناع تعلق النقض باليقين اثباتا 58
24 المجعول هو المتيقن لا اليقين 61
25 الاستصحاب في الشبهة الموضوعية 62
26 المختار في دفع الاشكال في جريان الاستصحاب المذكور 68
27 الاستصحاب في الأحكام الكلية 71
28 عدم الأثر لاستصحاب عدم الجعل 73
29 مناقشة كلام العراقي 75
30 عدم قابلية الجعل وعدمه للتعبد بهما 78
31 امتناع التعبد بعدم التكليف 80
32 هل الجعل يتبع المجعول سعة وضيقا 81
33 الاستصحاب في الأحكام الترخيصية والوضعية 87
34 صحيحة زرارة الثانية 87
35 الاستدلال بالفقرة الأولى 88
36 جعل الفقرة من التعليل بالصغرى 100
37 منع إفادة الفقرة لقاعدة اليقين 103
38 الاستدلال بالفقرة الثانية 104
39 صحيحة زرارة الثالثة 104
40 رواية الخصال 114
41 مكاتبة القاساني 117
42 رواية عمار 121
43 الأحكام الوضعية 130
44 الكلام في سبب التكليف وشرطه ونحوهما 131
45 منع جعل السببية استقلالا 131
46 الايراد على وجهي الكفاية 132
47 السببية منتزعة عن خصوصية واقعية 135
48 الكلام في جزء المأمور به وشرطه ونحوهما 138
49 استشكال العراقي الشرطية 139
50 في جريان الأصل في الجزئية وعدمه 140
51 الكلام في الحجية والملكية ونحوهما 143
52 الاشكال ثبوتا في جعل الملكية استقلالا 145
53 البحث عن مجعولية الصحة والطهارة ونحوهما 146
54 تنبيهات الاستصحاب التنبيه الأول: في جريان الاستصحاب في مودي الأمارات 148
55 التبيه الثاني: في استصحاب الكلي 156
56 استصحاب الفرد المردد 157
57 القسم الأول من استصحاب الكلي 163
58 القسم الثاني من استصحاب الكلي 163
59 استصحاب الكلي في الأحكام 168
60 الشبهة العبائية 171
61 تحقيق الحق في الشبهة 173
62 القسم الثالث من استصحاب الكلي 176
63 القسم الرابع من استصحاب الكلي 177
64 التنبيه الثالث: في استصحاب الأمور التدريجية 179
65 استصحاب الزمان وجهات الاشكال فيه 179
66 استصحاب الحكم في الفعل المقيد بالزمان 188
67 التنبيه الرابع: في استصحاب الأمور التعليقية 191
68 معارضة الاستصحاب التنجيزي للتعليقي 201
69 المختار في دفع اشكال المعارضة 205
70 الاستصحاب التعليقي في الموضوعات 207
71 التنبيه الخامس: في استصحاب عدم النسخ 208
72 التنبيه السادس: في الأصل المثبت 208
73 الأصل المثبت مع خفاء الواسطة 213
74 المناقشة في استثناء صورة وضوح الملازمة 215
75 الشك في أول الشهر وجريان الأصل فيه 218
76 الحكم بتضمين اليد المشكوك ضمانيتها 221
77 الامارات المثبتة 223
78 التنبيه السابع: جهات تتعلق بالأصل المثبت 226
79 الأثر المترتب على الأمر الانتزاعي 227
80 المنع في استصحاب عدم التكليف 229
81 التنبيه الثامن: حكم ما إذا كان اللازم لازما للأعم من الوجود الواقعي والظاهري 231
82 التبيه التاسع: اعتبار كون المستصحب مجعولا في مرحلة البقاء فقط لا الحدوث 232
83 التبيه العاشر: أصالة تأخر الحادث - مجهولي التاريخ 233
84 في اعتبار اتصال زمان الشك بزمان اليقين 240
85 المحاذير المختارة لعدم جريان الاستصحاب 253
86 جهالة تاريخ أحد الحادثين 260
87 تعاقب الحادثين المتضادين 267
88 جهالة تاريخ أحد الحادثين المتضادين 271
89 كلام للمحقق النائيني في المقام 272
90 التنبيه الحادي عشر: استصحاب الأمور الاعتقادية 279
91 استصحاب النبوة والإمامة 287
92 الايراد على تشبث الكتابي باستصحاب نبوة نبيه 288
93 التنبيه الثاني عشر: في استصحاب حكم المخصص 290
94 حول صورة لحاظ الزمان ظرفا 291
95 تلخيص كلام المحقق الأصفهاني 293
96 مناقشة مع المحقق الأصفهاني 296
97 التبيه الثالث عشر: في بيان المراد من الشك في الأخبار 303
98 استصحاب الصحة 304
99 استصحاب الهيئة الاتصالية 316
100 القاطع والمانع هل يختلفان أثرا؟ 319
101 هل الناقض قسم آخر غير المانع والقاطع 322
102 استصحاب الوجوب مع تعذر بعض أجزاء المركب 324
103 التفصيل بين تعذر الجزء قبل تنجيز التكليف وبعده 325
104 خاتمة: في شروط الاستصحاب اعتبار بقاء الموضوع وتفسير مفرداته 329
105 المختار في تفسير كلام الشيخ قدس سره 339
106 المختار في حكم الفرض المذكور 340
107 عدم جريان الاستصحاب في الموضوع 343
108 التفصيل في جريان الاستصحاب في الحكم 346
109 ما اختير من الطرق في تعيين الموضوع 354
110 هل يفرق في الاستحالة بين نجس العين وبين المتنجس 360
111 هل تستفاد قاعدة اليقين من أخبار الاستصحاب 364
112 الوجوه المختارة في امتناع استفادة القاعدة 371
113 الثالث من شروط الاستصحاب: أن يكون البقاء مشكوكا 375
114 الحكومة ضابطها وتعريفها 377
115 المراد من النظر ومن التفرع 383
116 وجه تقديم الحاكم على المحكوم وكذا أخواته 386
117 الوجه المختار في التقديم 393
118 تقديم الامارة على الاستصحاب بملاك الورود 398
119 دعوى التقديم بملاك الحكومة 403
120 تذييل: الالتزام بالورود انما يلتزم به في صورة قيام الامارة على الخلاف 416
121 ثمرة التذييل 418