جواهر الأصول - تقرير بحث السيد الخميني ، للنگرودي - ج ٢ - الصفحة ١٥٦
السابق
ولا إشكال: في أنها كهيئة الأمر في الدلالة على البعث والإغراء، وقد أشرنا أن تمام الموضوع لحكم العقلاء بلزوم الإطاعة نفس البعث والإغراء - بأي دال صدر من المولى - من غير فرق بين هيئة الأمر والإشارة وغيرهما. فحال الجمل الخبرية المستعملة في مقام البعث والإغراء حال هيئة الأمر وإشارة الأخرس في إفادة الوجوب. وهذا مما لا كلام فيه.
وإنما الكلام: في كيفية دلالتها على الطلب والوجوب:
فقال المحقق العراقي (قدس سره): إنه ذكر لتشخيص كيفية دلالة الجمل الخبرية على الطلب وجوه:
الأول: ما يظهر من كلمات القدماء من أنها قد استعملت في الطلب مجازا.
فرده: بأن الوجدان حاكم بعدم عناية في استعمالها حين دلالتها على الطلب، بل لا فرق بين نحو استعمالها حين الإخبار بها ونحو استعمالها حين إفادة الطلب بها، انتهى (1).
ولكن فيما أفاده نظر؛ وذلك لأن مراد القدماء بالمجاز أن هيئة الجملة الخبرية استعملت في المعنى الإنشائي؛ بأن يكون معنى " تغتسل " مثلا " اغتسل ".
فالكلام فيه هو الكلام في باب المجاز من أنه لم يكن كذلك. وإن أرادوا: أنها استعملت في معناها، لكن بداعي الإنشاء فلا غبار عليه، فلاحظ ما ذكرناه في الاستعمالات المجازية.
ثم ذكر (قدس سره) الوجه الثاني (2)، وأشار إلى ضعفه.

1 - بدائع الأفكار 1: 215.
2 - قلت: وإليك حاصل ما ذكره في الوجه الثاني، وهو: أنه كما أن كثيرا ما يخبر العقلاء بوقوع بعض الأمور في المستقبل؛ لعلمهم بتحقق مقتضيه - إما للغفلة عن مانعه، أو لعدم اعتنائهم به؛ لندرة وجوده - كإخبار بعض المنجمين بحدوث بعض الحوادث في المستقبل.
فيمكن أن يقال: إن من له الأمر حيث يعلم أن من مقتضيات وقوع فعل المكلف في الخارج وتحققه هو طلبه وإرادته ذلك منه، فإذا علم بإرادته ذلك الفعل وطلبه من المكلف فقد علم بتحقق مقتضيه، وصح منه أن يخبر بوقوع ذلك الفعل تعويلا على تحقق مقتضيه.
وبما أن سامع هذا الخبر يعلم: أن المخبر ليس بصدد الإخبار بوقوع الفعل من المكلف في المستقبل، بل بداعي الكشف عن تحقق مقتضي وقوعه - أعني إرادة من له الأمر وطلبه منه - يكشف ذلك الخبر بتلك الجملة عن تحقق إرادة المولى وطلبه لذلك الفعل من المكلف، انتهى.
فرده أولا: بأن إخبار المنجم بوقوع بعض الحوادث في المستقبل إنما يكون بداعي الكشف عن تحققه في المستقبل؛ اعتمادا منه على تحقق علته، لا أنه يخبر بذلك بداعي الكشف عن تحقق مقتضيه من باب الإخبار عن وجود أحد المتلازمين بالإخبار عن الآخر؛ ليكون كناية.
ولا ريب في أن من يريد وقوع فعل ما من الآخر في المستقبل لا يخبر به بداعي الكشف عن وقوعه في المستقبل، بل بداعي الكشف عن إرادته ذلك الفعل منه.
وبذلك يكون الإخبار بالوقوع كناية عن طلب المخبر وإرادته لوقوع الفعل من المخاطب. وعلى هذا:
لا يكون وقع للمقدمة التي قدمها، ولا ربط لها بهذا الوجه.
وثانيا: لو أغضينا عن ذلك لما صح الإخبار بوقوع الفعل؛ لعلم المخبر بتحقق مقتضيه؛ لأن مقتضى الفعل هي إرادة المولى ذلك الفعل من المكلف، وهي لا تكون مقتضية لوقوعه وصدوره من المكلف وداعيا إليه إلا في حال علمه بها، لا بوجوده الواقعي محضا. وعلمه بها متوقف على الإخبار بوقوع الفعل.
وعليه يلزم الدور؛ لأن الإخبار بوقوع الفعل متوقف على تحقق مقتضيه في الخارج، وتحقق مقتضيه متوقف على الإخبار بوقوعه.
(١٥٦)
التالي
الاولى ١
٣٦٩ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الأمر الثاني عشر: في الاشتراك 6
2 يقع الكلام في جهات: الجهة الأولى: في إمكان الاشتراك 6
3 الجهة الثانية: في وقوع الاشتراك 13
4 الجهة الثالثة: في كيفية وقوع الاشتراك ومنشأ حصوله 13
5 الأمر الثالث عشر: استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد 15
6 الأمر الرابع عشر: استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد 15
7 الأمر الرابع عشر: في المشتق 21
8 وفيه جهات: الجهة الأولى: في أن النزاع في هذه المسألة لغوية 21
9 الجهة الثانية: في تعيين محل النزاع من العناوين 25
10 عدم دخول العناوين المنتزعة عن مقام الذات في محل البحث 26
11 دخول هيئات المشتقات في محل البحث 28
12 الجهة الثالثة: في دخول بعض العناوين الجامدة في حريم النزاع 31
13 تذنيب: كلام فخر المحققين في المرضعة الأولى 32
14 الجهة الرابعة: في خروج أسماء الزمان عن حريم البحث 38
15 ذكر وتعقيب: تقريرات بعض الأعاظم لدخول اسم الزمان في البحث 39
16 الجهة الخامسة: في كيفية وضع المشتقات 45
17 إشكالات وأجوبة 49
18 الجهة السادسة: في وضع هيئات المشتقات الفعلية 55
19 الجهة السابعة: في وجه اختلاف معنى المضارع 56
20 الجهة الثامنة: في اختلاف مبادئ المشتقات 57
21 الجهة التاسعة: في المراد ب " الحال " في عنوان البحث 64
22 كلمة نفيسة: في مفاد قصية " شريك الباري ممتنع " 66
23 الجهة العاشرة: في لزوم الجامع على الأعم 68
24 الجهة العاشرة: في لزوم الجامع على الأعم 68
25 الجهة الحادية عشر: فيما استدل به لكون المشتق موضوعا لخصوص المتلبس 71
26 التبادر وضحة السلب 71
27 الوجوه العقلية التي استدلت بها 72
28 ذكر ودفع: في التفصيل بين هيئة اسم المفعول وغيرها 75
29 الجهة التانية عشر: في بساطة المشتق وتركبه 79
30 فائدة نفيسة: في المراد من " اللا بشرطية " و " البشرط اللائية " 80
31 تقريب المحقق الشريف لبساطة المشتق وتزييفه 87
32 تقريب آخر لبساطة المشتق ورده 91
33 الجهة الثالثة عشر: في الفرق بين المشتق ومبدئه 93
34 الجهة الرابعة عشر: في الصفات الجارية على ذاته تعالى 96
35 المقصد الأول: في الأوامر والكلام فيه يقع في فصول: الفصل الأول: فيما يتعلق بمادة الأمر 103
36 يقع الكلام في جهات: الجهة الأولى: في معنى مادة الأمر 103
37 الجهة الثانية: في ما وضع له مادة الأمر، وهي: أم ر " 105
38 الجهة الثالثة: في اعتبار العلو والاستعلاء في مادة الأمر 109
39 الجهة الرابعة: في معنى الحقيقي لمادة الأمر 113
40 الفصل الثاني: فيما يتعلق بصيغة الامر 117
41 يقع الكلام في جهات: الجهة الأولى: فيما وضعت له هيئة الأمر 117
42 ذكر وتعقيب: إشكال العلامة الحائري في المقام 119
43 الجهة الثانية: في أن صيغة الأمر هل هي موضوعة لمعنى واحد أم لا؟ 125
44 في دفع إشكال استعمال أدوات التمني ونحوها في الكتاب 128
45 تذنيب: في تضعيف القولين الآخرين في معنى صيغة الأمر 128
46 الجهة الثالثة: في أن الصيغة هل هي موضوعة لخصوص الوجوب أم لا؟ 130
47 لابد لتوضيح المقام من ذكر أمرين: الأمر الأول: في قبول الإرادة مع بساطتها للشدة والضعف 130
48 الأمر الثاني: في اختلاف الإرادة التشريعية باختلاف المصالح 133
49 منشأ ظهور الصيغة في الوجوب 134
50 تذييل: في كيفية دلالة الجمل الخبرية على الطلب والوجوب 149
51 الجهة الرابعة: في التعبدي والتوصلي 154
52 لتوضيح المقام نقدم أمورا: الأمر الأول: في أقسام الواجبات والمستحبات 154
53 الأمر الثاني: في إمكان أخذ قصد امتثال الأمر ونحوه في متعلق الأمر 159
54 الكلام يقع في موردين: المورد الأول: فيما يمكن أن يستدل به للقائلين بامتناع الأخذ ذاتا 160
55 توضيح فيه تكميل 165
56 المورد الثاني: فيما يمكن أن يستدل به للقائلين بامتناع الأخذ امتناعا بالغير 174
57 تكملة: في إمكان أخذ قصد الأمر في المأمور به بأمرين مستقلين 183
58 تذنيب: في جواز أخذ غير قصد الأمر والامتثال في متعلق الأمر 194
59 الأمر الثالث: في مقتضى الأصل اللفظي في المسألة 197
60 الأمر الرابع: في مقتضى الأصل العملي في المسألة 205
61 يقع الكلام في موردين: المورد الأول: في حكم العقل والبراءة العقلية 205
62 المورد الثاني: في البراءة الشرعية 217
63 تذييل فيه مسائل: 223
64 المسألة الأولى: مقتضى الإطلاق هل هو صدور المأمور به من المخاطب: 223
65 وفيه جهتان: الجهة الأولى: في مقتضى الأصل اللفظي في المسألة 223
66 توضيح للمقام ببيان مستوفى 227
67 الجهة الثانية: في مقتضى الأصل العملي في المسألة 231
68 المسألة الثانية: مقتضى الإطلاق هل هو صدور المأمور به اختيارا فقط؟ 233
69 يقع الكلام في جهتين: الجهة الأولى: في مقتضى الأصل اللفظي في المسألة 233
70 الجهة الثانية: مقتضى الإطلاق هل هو حصول المأمور به بالفرد المحرم؟ 235
71 الجهة الخامسة: في أصالة النفسية والعينية والتعيينية؟ 2 236
72 ذكر وتعقيب: نقل كلمات الأعلام في المقام 238
73 الجهة السادسة: في دلالة الأمر على المرة والتكرار 243
74 تنقيح المقال يستدعى ذكر موارد: المورد الأول: في أن محل النزاع بينهم هل في مادة الأمر أو هيئته أو فيهما؟ 243
75 المورد الثاني: في المراد بالمرة والتكرار في القمام 247
76 المورد الثالث: في إتيان الأفراد العرضية دفعة مع وحدة الأمر 253
77 الجهة السابعة: في الفور والتراخي 257
78 ذكر وإرشاد: في الاستدلال على الفور بأدلة النقل 260
79 تذييل: فيما يترتب على القول بالفور 266
80 الفصل الثالث: في مسألة الإجزاء 269
81 لا بد لتنقيح البحث من تقديم أمور: الأمر الأول: في عقد عنوان المسألة 269
82 الأمر الثاني: في تفسير الكلمات المأخوذ في عنوان المسألة 276
83 الأمر الثالث: في فارق المسألة عن المرة والتكرار، وتبعة القضاء للأداء 282
84 الأمر الرابع: محط البحث في الإجزاء 284
85 إذا عرفت ما ذكرنا فالكلام يقع في مقامين: المقام الأول: في إجزاء الإتيان بالمأمور به عن التعبد به ثانيا 289
86 حول تبديل الامتثال بامتثال آخر 290
87 الكلام يقع في موردين: المورد الأول: في محل نزاع القوم 290
88 المورد الثاني: فيما ينبغي أن يبحث فيه 291
89 ذكر وتنبيه: في الصلاة المعادة 297
90 المقام الثاني: في إجزاء الاضطراري أو الظاهرين عن الواقعي 300
91 والكلام في ذلك يقع في مواضع: الموضع الأول: في إجزاء المأمور به بالأمر الاضطراري عن الواقعي 300
92 تنقيح الكلام يستدعي البحث في موردين: المورد الأول: في حكم الإعادة في الوقت لو ارتفع الاضطرار فيه 300
93 المورد الثاني: في حكم القضاء لو استوعب الاضطرار تمام الوقت 309
94 الخاتمة: في حكم صورة الشك 310
95 الموضع الثاني: هل الإتيان بمقتضى الطريق والأمارات يكون مجزيا؟ 316
96 إيضاح مقال وتضعيف مبان 321
97 الوجوه التي يستدل بها للإجزاء في العمل بالأمارات ودفعها 323
98 ذكر وتعقيب: في عدم تمامية القول يجعل المماثل 327
99 إرشاد: في عدم تمامية تتميم الكشف 329
100 تكملة: في عدم لزوم تحليل الحرام أو تحريم الحلال في العمل بالأمارات 330
101 الموضع الثالث: هل الإتيان بمقتضى الأصول يكون مجزيا عن الواقع؟ 332
102 يقع الكلام في موارد: المورد الأول: في أصالتي الطهارة والحلية 333
103 المورد الثاني: في البراءة الشرعية 348
104 إشكال ودفع 349
105 المورد الثالث: الاستصحاب 353
106 المورد الرابع: في قاعدتي الفراغ والتجاوز 357
107 تذنيب 362