أصول الفقه - الشيخ محمد رضا المظفر - ج ٢ - الصفحة ٣٠١
السابق
المسألة الأولى الإجزاء (1) تصدير:
لاشك في أن المكلف إذا فعل بما أمر به مولاه على الوجه المطلوب - أي أتى بالمطلوب على طبق ما أمر به جامعا لجميع ما هو معتبر فيه من الأجزاء أو الشرائط شرعية أو عقلية - فإن هذا الفعل منه يعتبر امتثالا لنفس ذلك الأمر، سواء كان الأمر اختياريا واقعيا، أو اضطراريا، أو ظاهريا.
وليس في هذا خلاف أو يمكن أن يقع فيه الخلاف.
وكذا لاشك ولا خلاف في أن هذا الامتثال على تلك الصفة يجزئ ويكتفى به عن امتثال آخر، لأن المكلف - حسب الفرض - قد جاء بما عليه من التكليف على الوجه المطلوب، وكفى.
وحينئذ يسقط الأمر الموجه إليه، لأ أنه قد حصل بالفعل ما دعا إليه وانتهى أمده. ويستحيل أن يبقى بعد حصول غرضه وما كان قد دعا إليه، لانتهاء أمد دعوته بحصول غايته الداعية إليه، إلا إذا جوزنا المحال وهو حصول المعلول بلا علة (2).
فإن هذا قطعي - كما قلنا في المتن - وإنما الذي يصح أن يقال ويبحث عنه ففي جواز الامتثال مرة أخرى بدلا عن الامتثال الأول على وجه يلغى الامتثال الأول ويكتفى بالثاني.
وهو خارج عن مسألة الإجزاء، ويعبر عنه في لسان الأصوليين بقولهم: " تبديل الامتثال بالامتثال " وقد يتصور الطالب أن هذا لا مانع منه عقلا، بأن يتصور أن هناك حالة منتظرة بعد الامتثال الأول، بمعنى أن نتصور أن الغرض من الأمر لم يحصل بمجرد الامتثال الأول، فلا يسقط عنده الأمر، بل يبقى مجال لامتثاله ثانيا، لا سيما إذا كان الامتثال الثاني أفضل.
ويساعد على هذا التصوير أنه قد ورد في الشريعة ما يؤيد ذلك بظاهره مثل ما ورد في باب إعادة من صلى فرادى عند حضور الجماعة: " إن الله تعالى يختار أحبهما إليه " (1).
والحق عدم جواز تبديل الامتثال بامتثال آخر، لأن الإتيان بالمأمور به بحدوده وقيوده علة تامة لحصول الغرض، فلا تبقى حالة منتظرة بعد الامتثال الأول، فيسقط الأمر لانتهاء أمده كما قلنا في المتن.
وأما ما ورد في جواز ذلك فيحمل على استحباب الإعادة بأمر آخر ندبي، وينبغي أن يحمل قوله (عليه السلام): " يختار أحبهما إليه " على أن المراد: يختار ذلك في مقام إعطاء الثواب والأجر، لا في مقام امتثال الأمر الوجوبي بالصلاة [وأن الإمتثال يقع بالثاني] (2).

(١) الإجزاء: مصدر " أجزأ " أي أغنى عنه وقام مقامه.
(٢) وإذا صح أن يقال شئ في هذا الباب فليس في إجزاء المأتي به والاكتفاء بامتثال الأمر، ق‍ (١) الوسائل: ج ٥ ص ٤٥٦، الباب ٥٤ من أبواب صلاة الجماعة ح 10.
(2) لم يرد في ط 2.
(٣٠١)
التالي
الاولى ١
٤٢١ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 الملازمات العقلية تمهيد، وفيه بيان أمرين: 3
2 1 - أقسام الدليل العقلي 4
3 2 - لماذا سميت هذه المباحث بالملازمات العقلية؟ 6
4 الباب الأول: المستقلات العقلية تمهيد 10
5 المبحث الأول: التحسين والتقبيح العقليان 1 - معنى الحسن والقبح وتصوير النزاع فيهما 14
6 2 - واقعية الحسن والقبح في معانيه، ورأي الأشاعرة 18
7 3 - العقل العملي والنظري 19
8 4 - أسباب حكم العقل العملي بالحسن والقبح 21
9 5 - معنى الحسن والقبح الذاتيين 26
10 6 - أدلة الطرفين 28
11 المبحث الثاني: إدراك العقل للحسن والقبح 33
12 المبحث الثالث: ثبوت الملازمة العقلية بين حكم العقل وحكم الشرع 35
13 الباب الثاني: غير المستقلات العقلية وفيه مسائل خمس: المسألة الأولى: الإجزاء تصدير، وفي المسألة مقامان: 42
14 المقام الأول: الإجزاء في الأمر الاضطراري 44
15 المقام الثاني: الإجزاء في الأمر الظاهري 48
16 تمهيد، ويعقد البحث في ثلاث مسائل: 48
17 1 - الإجزاء في الأمارة مع انكشاف الخطأ يقينا 49
18 2 - الإجزاء في الأصول مع انكشاف الخطأ يقينا 52
19 3 - الإجزاء في الأمارات والأصول مع انكشاف الخطأ بحجة معتبرة 54
20 تنبيه في تبدل القطع 56
21 المسألة الثانية: مقدمة الواجب تحرير النزاع 58
22 مقدمة الواجب من أي قسم من المباحث الأصولية 59
23 ثمرة النزاع 60
24 للمسألة تمهيدات تسعة: 1 - الواجب النفسي والغيري 61
25 2 - معنى التبعية في الوجوب الغيري 63
26 3 - خصائص الوجوب الغيري 66
27 4 - مقدمة الوجوب 69
28 5 - المقدمة الداخلية 70
29 6 - الشرط الشرعي 71
30 7 - الشرط المتأخر 74
31 8 - المقدمات المفوتة 77
32 9 - المقدمة العبادية 85
33 النتيجة: مسألة مقدمة الواجب والأقوال فيها 91
34 المسألة الثالثة: مسألة الضد تحرير محل النزاع 96
35 1 - الضد العام 98
36 2 - الضد الخاص 101
37 ثمرة المسألة 105
38 مسألة الترتب 111
39 المسألة الرابعة: اجتماع الأمر والنهي تحرير محل النزاع 117
40 المسألة من الملازمات العقلية غير المستقلة 122
41 مناقشة الكفاية في تحرير النزاع 124
42 قيد المندوحة 124
43 الفرق بين بابي التعارض والتزاحم ومسألة الاجتماع 125
44 الحق في المسألة 132
45 تعدد العنوان لا يوجب تعدد المعنون 138
46 ثمرة المسألة 140
47 اجتماع الأمر والنهي مع عدم المندوحة 142
48 حرمة الخروج من المغصوب أو وجوبه 145
49 صحة الصلاة حال الخروج 150
50 المسألة الخامسة: دلالة النهي على الفساد تحرير محل النزاع، وفيه بيان أربعة أمور: 1 - الدلالة 151
51 2 - النهي 153
52 3 - الفساد 153
53 4 - متعلق النهي 154
54 المبحث الأول: النهي عن العبادة 155
55 المبحث الثاني: النهي عن المعاملة 160