عدة الأصول (ط.ج) - الشيخ الطوسي - ج ٢ - الصفحة ٤٥٨
السابق
بهذه الصفات المذكورة فيما بعد، لكانوا قد فعلوا الواجب، فلما راجعوا (1) تغيرت المصلحة، فأمروا بذبح بقرة غير فارض ولا بكر من غير مراعاة الصفات الباقية، فلما توقفوا أيضا تغيرت المصلحة في تكليفهم، فأمروا بذبح بقرة صفراء فاقع لونها، فلما توقفوا تغيرت المصلحة، فأمروا بذبح بقرة لها الصفات الأخيرة المذكورة (2)، وإنما يكون ذلك حجة في تأخير البيان لو صح لكم أن الصفات الواردات كلها للبقرة الأولى، وما أنكرتم أن يكون الأمر بخلاف ذلك.؟
قلنا: هذا تأويل (3) من لا يعرف حكم اللغة العربية وما جرت به عادة أهلها في خطابهم وكناياتهم، لأن الكناية في قوله تعالى: (ادع لنا ربك يبين لنا ما هي) لا يجوز عند محصل (4) أن يكون كناية إلا عن البقرة التي تقدم ذكرها وأمروا (5) بذبحها، ولم يجز في الكلام ما يجوز أن تكون هذه الكناية كناية عنه إلا البقرة، و (6) يجري ذلك مجرى قول أحدنا لغلامه: " أعطني تفاحة " فيقول غلامه: " ما هي بينها لي؟ "، ولا يصرف أحد من العقلاء هذه الكناية إلا إلى التفاحة المأمور بإعطائها إياه.
ثم قال تعالى بعد ذلك: (إنه يقول إنها بقرة لا فارض ولا بكر عوان بين ذلك)، وقد علمنا أن الهاء في قوله: (إنه يقول) هي كناية عنه تعالى، لأنه لم يتقدم ما يجوز رد هذه الكناية إليه إلا اسمه تعالى، فكذلك يجب أن يكون قوله: (إنها) كناية عن البقرة المقدم ذكرها، وإلا فما الفرق بين الأمرين؟

(1) في المصدر: فلما توقفوا وراجعوا.
(2) في المصدر: فأمروا بذبح ما له كل الصفات.
(3) في المصدر: هذا سؤال من لا يعرف عادة أهل اللغة في كناياتهم.
(4) في المصدر: عند تأمل.
(5) في المصدر: لأنه لا يجر ذكر لغيرها، فيكنى عنه.
(6) في المصدر: ولا يجوز على ما ذهب إليه القوم أن تكون كناية عن البقرة التي يريد - تعالى - أن يأمرهم بذبحها ثانيا، لأنهم لا يعرفون ذلك، ولا يخطر لهم ببال، فكيف يسألون عن صفة بقرة لا يعلمون إنهم يؤمرون بذبحها؟
(٤٥٨)
التالي
الاولى ١
٧٦٣ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 فصل (3) في ذكر الوجوه التي تحتاج الأشياء فيها إلى بيان، وما به يقع البيان 4
2 فصل (4) في ذكر جملة ما يحتاج إلى بيان وما لا يحتاج من الافعال 8
3 فصل (5) في أن تخصيص العموم لا يمنع من التعلق بظاهره 11
4 فصل (6) في ذكر وقوع البيان بالافعال 18
5 فصل (7) في ما الحق بالمجمل وليس منه وما أخرج منه وهو داخل فيه 23
6 فصل (8) في ذكر جواز تأخير التبليغ، والمنع من جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة 34
7 فصل (9) في ذكر جواز تأخير البيان عن وقت الخطاب، وذكر الخلاف فيه 36
8 فصل (10) في أن المخاطب بالعام هل يجوز أن يسمعه وإن لم يسمع الخاص أو لا يجوز؟ 52
9 فصل (11) في القول في دليل الخطاب، واختلاف الناس فيه 54
10 (الباب السابع) الكلام في الناسخ والمنسوخ فصل (1) في ذكر حقيقة النسخ، وبيان شرائط، والفصل بينه وبين البداء 70
11 في نسخ الحكم ببدل 76
12 في معنى البداء 80
13 فصل (2) في ذكر ما يصح النسخ فيه من أفعال، المكلف، وما لا يصح، وبيان شرائطه 84
14 النسخ في الاخبار 86
15 أقسام الخبر 88
16 فصل (3) في ذكر جواز نسخ الشرعيات 91
17 فصل (4) في ذكر جواز نسخ الحكم دون التلاوة، ونسخ التلاوة دون الحكم 99
18 فصل (5) في نسخ الشئ قبل وقت فعله، ما حكمه؟ 103
19 فصل (6) في أن الزيادة في النص هل يكون نسخا أو لا؟ 112
20 فصل (7) في أن النقصان من النص هل هو نسخ أم لا؟ والخلاف فيه 119
21 فصل (8) في نسخ الكتاب بالكتاب، والسنة بالسنة، ونسخ الاجماع والقياس، وتجويز القول بهما 122
22 فصل (9) في ذكر نسخ القرآن بالسنة، والسنة بالقرآن 128
23 فصل (10) في ذكر الطريق الذي يعرف به الناسخ والمنسوخ ومعرفة تاريخهما 139
24 (الباب الثامن) الكلام في الافعال فصل (1) في ذكر جملة من أحكام الافعال، وما يضاف إليه، واختلاف أحوالهم 146
25 فصل (2) في ذكر معنى التأسي بالنبي (ص) وهل يجب اتباعه عقلا أو سمعا؟ والقول فيه 152
26 فصل (3) في الدلالة على أن أفعاله (ع) كلها ليست على الوجوب 158
27 فصل (4) في ذكر الوجوه التي تقع عليها أفعاله (ع)، وبيان الطريق إلى معرفة ذلك 165
28 فصل (5) في ذكر أفعاله إذا اختلفت هل يصح التعارض فيها أم لا؟ 170
29 فصل (6) في أنه (ع) هل كان متعبدا بشريعة من كان قبله من الأنبياء أم لا؟ 173
30 (الباب التاسع) الكلام في الاجماع فصل (1) في ذكر اختلاف الناس في الاجماع هل هو دليل أم لا؟ 182
31 فصل (2) في كيفية العلم بالاجماع، ومن يعتبر قوله فيه 209
32 فصل (3) في ما يتفرع على الاجماع من حيث كان إجماعا عند من قال بذلك، كيف القول فيه على ما نذهب إليه؟ 220
33 (الباب العاشر) الكلام في القياس فصل (1) في ذكر حقيقة القياس، واختلاف الناس في ورود العبادة به 226
34 فصل (2) في الكلام على من أحال القياس عقلا على اختلاف عللهم 232
35 فصل (3) في أن القياس في الشرع لا يجوز استعماله 244
36 فصل (4) في أن العبادة لم ترد بوجوب العمل بالقياس 248
37 (الباب الحادي عشر) الكلام في الاجتهاد فصل (1) الكلام في الاجتهاد 299
38 فصل (2) في ذكر صفات المفتي والمستفتي وبيان أحكامهما 303
39 فصل (3) في أن النبي (ع) هل كان مجتهدا في شئ من الاحكام؟ وهل كان يسوغ ذلك له عقلا أم لا؟ وإن من غاب عن الرسول (ص) في حال حياته هل كان يسوغ له الاجتهاد أو لا؟ وكيف حال من بحضرته في جواز ذلك؟ 309
40 (الباب الثاني عشر) الكلام في الحظر والإباحة فصل (1) في ذكر حقيقة الحظر والإباحة والمراد بذلك 313
41 فصل (2) في ذكر بيان الأشياء التي يقال إنها على الخطر أو الإباحة والفصل بينهما وبين غيرها، والدليل على الصحيح من ذلك؟ 315
42 فصل (3) في ذكر حكم النافي، هل عليه دليل أم لا؟ والكلام في استصحاب الحال 326
43 الكلام في استصحاب الحال 329
44 فصل (4) في ذكر ما يعلم بالعقل والسمع 333