تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢٤٤
السابق
مستقبل للدلالة على تقرره وتحققه «ولما برزوا» أي ظهر طالوت ومن معه من المؤمنين وصاروا إلى براز من الأرض في موطن الحرب «لجالوت وجنوده» وشاهدوا ما هم عليه من العدد والعدد وأيقنوا انهم غير مطيقين بهم عادة «قالوا» أي جميعا عند تقوى قلوب الفريق الأول منهم بقول الفريق الثاني متضرعين إلى الله تعالى مستعينين به «ربنا أفرغ علينا صبرا» على مقاساة شدائد الحرب واقتحام موارده الصعبة الضيقة وفي التوسل بوصف الربوبية المنبئة عن التبليغ إلى الكمال وإيثار الإفراغ المعرب عن الكثرة وتنكير الصبر المفصح عن التفخيم من الجزالة مالا يخفى «وثبت أقدامنا» في مداحض القتال ومزال النزال وثبات القدم عبارة عن كمال القوة والرسوخ عند المقارعة وعدم التزلزل وقت المقاومة لا مجرد التقرر في حيز واحد «وانصرنا على القوم الكافرين» بقهرهم وهزمهم ووضع الكافرين في موضع الضمير العائد إلى جالوت وجنوده للإشعار بعلة النصر عليهم ولقد راعوا في الدعاء ترتيبا بديعا حيث قدموا سؤال إفراغ الصبر الذي هو ملاك الأمر ثم سؤال تثبيت القدم المتفرع عليه ثم سؤال النصر الذي هو الغاية القصوى «فهزموهم» أي كسروهم بلا مكث «بإذن الله» بنصره وتأييده إجابة لدعائهم وإيثار هذه الطريقة على طريقة قوله عز وجل فآتاهم الله ثواب الدنيا الخ للمحافظة على مضمون قولهم غلبت فئة كثيرة بإذن الله «وقتل داود جالوت» كان أيشى أبو داود في عسكر طالوت معه ستة من بنيه وكان داود عليه السلام سابعهم وكان صغيرا يرعى الغنم فأوحى الله تعالى إلى نبيهم أنه الذي يقتل جالوت فطلبه من أبيه فجاء وقد مر في طريقة بثلاثة أحجار قال له كل منها أحملنا فإنك بنا تقتل جالوت فحملها في مخلاته قيل لما أبطأ على أبيه خبر إخوته في المصاف أرسل داود إليهم ليأتيه بخبرهم فأتاهم وهم في القراع وقد برز جالوت بنفسه إلى البراز ولا يكاد يبارزه أحد وكان ظلة ميلا فقال داود لأخوته اما فيكم من يخرج إلى هذا الأقلف فزجروه فنحا ناحية أخرى ليس فيها إخوته وقد مر به طالوت وهو يحرض الناس على القتال فقال له داود ما تصنعون بمن يقتل هذا الأقلف قال طالوت أنكحه بنتي وأعطيه شطر مملكتي فبرز له داود فرماه بما معه من الأحجار بالمقلاع فأصابه في صدره فنفذ الأحجار منه وقتلت بعده ناسا كثيرا وقيل إنما كلمته الأحجار عند بروزه لجالوت في المعركة فأنجز له طالوت ما وعده وقيل إنه حسده وأخرجه من مملكته ثم ندم على ما صنعه فذهب يطلبه إلى أن قتل وملك داود عليه السلام وأعطى النبوة وذلك قوله تعالى «وآتاه الله الملك» أي ملك بنى إسرائيل في مشارق الأرض المقدسة ومغاربها «والحكمة» أي البنوة ولم يجتمع في بنى إسرائيل الملك والنبوة قبله إلا له بل كان الملك في سبط والنبوة في سبط
(٢٤٤)
التالي
الاولى ١
٢٧٨ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 2
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 6
3 2 - سورة البقرة 19
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 70
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 96
6 وإذا استسقى موسى لقومه 104
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 115
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 129
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 141
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 153
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 169
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 180
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 191
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 202
15 واذكروا الله في أيام معدودات 209
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 217
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 229
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 236
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 244
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 257
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 263
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 270