تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢٤٠
السابق
وأربعين نفسا وضربوا عليهم الجزية وأخذوا توراتهم «فلما كتب عليهم القتال» بعد سؤال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وبعث الملك «تولوا» أي اعرضوا وتخلفوا لكن لا في ابتداء الأمر بل بعد مشاهدة كثرة العدو وشوكته كما سيجئ تفصيله وإنما ذكر ههنا مآل أمرهم إجمالا إظهار لما بين قولهم وفعلهم من التنافي والتباين «إلا قليلا منهم» وهم الذين اكتفوا بالغرفة من النهر وجاوزوه وهم ثلاثمائة وثلاثة عشر بعدد أهل بدر «والله عليم بالظالمين» وعيد لهم على ظلمهم بالتولي عن القتال وترك الجهاد وتنافي أقوالهم وأفعالهم والجملة اعتراض تذييلي «وقال لهم نبيهم» شروع في تفصيل ما جرى بينه عليه السلام وبينهم من الأقوال والأفعال إثر الإشارة الإجمالية إلى مصير حالهم أي قال لهم بعد ما أوحى إليه ما أوحى «إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا» طالوت علم عبرى كداود وجعله فعلوتا من الطول يأباه منع صرفه وملكا حال منه روى أنه عليه السلام لما دعا ربه أن يجعل لهم ملكا أتى بعصا يقاس بها من يملك عليهم فلم يساوها إلا طالوت «قالوا» استئناف كما مر «أنى يكون له الملك علينا» أي من أين يكون أو كيف يكون ذلك «ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال» الواو الأولى حالية والثانية عاطفة جامعة للجملتين في الحكم أي كيف يتملك علينا والحال أنه لا يستحق التملك لوجود من هو أحق منه ولعدم ما يتوقف عليه الملك من المال وسبب هذا الاستبعاد ان النبوة كانت مخصوصة بسبط معين من أسباط بنى إسرائيل وهو سبط لاوى بن يعقوب عليه السلام وسبط المملكة بسبط يهودا ومنه داود وسليمان عليهما السلام ولم يكن طالوت من أحد هذين السبطين بل من ولد بنيامين قيل كان راعيا وقيل دباغا وقيل سقاء «قال إن الله اصطفاه عليكم» لما استبعدوا تملكة بسقوط نسبه وبفقره رد عليهم ذلك أولا ملاك الأمر هو اصطفاء الله تعالى وقد اختاره عليكم وهو أعلم بالمصالح منكم وثانيا بان العمدة فيه وفور العلم ليتمكن به من معرفة أمور السياسة وجسامة البدن ليعظم خطره في القلوب ويقدر على مقاومة الأعداء ومكابدة الحروب وقد خصه الله تعالى منهما بحظ وافر وذلك قوله عز وجل «وزاده بسطة في العلم» أي العلم المتعلق بالملك أو به وبالديانات أيضا وقيل قد أوحى إليه ونبئ «والجسم» قيل بطول القامة فإنه كان أطول من غيره برأسه ومنكبيه حتى أن الرجل القائم كان يمد يده فينال رأسه وقيل بالجمال وقيل بالقوة «والله يؤتي ملكه من يشاء» لما انه مالك الملك والملكوت فعال لما يريد فله أن يؤتيه من يشاء من عبادة «والله واسع» يوسع على الفقير ويغنيه «عليم» بمن يليق بالملك ممن لا يليق به وإظهار الاسم الجليل لتربية المهابة
(٢٤٠)
التالي
الاولى ١
٢٧٨ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 2
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 6
3 2 - سورة البقرة 19
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 70
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 96
6 وإذا استسقى موسى لقومه 104
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 115
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 129
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 141
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 153
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 169
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 180
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 191
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 202
15 واذكروا الله في أيام معدودات 209
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 217
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 229
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 236
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 244
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 257
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 263
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 270