تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢٢٨
السابق
على المدة ينطلق على منتهاها والبلوغ هو الوصول إلى الشئ وقد يقال للدنو منه اتساعا وهو المراد ههنا لقوله عز وجل «فأمسكوهن بمعروف أو سرحوهن بمعروف» إذ لا مكان للإمساك بعد تحقق بلوغ الأجل أي فراجعوهن بغير ضرار أو خلوهن حتى ينقضى أجلهن بإحسان من غير تطويل وهذا كما ترى إعادة للحكم في بعض صوره اعتناء بشأنه ومبالغة في إيجاب المحافظة عليه «ولا تمسكوهن ضرارا» تأكيد للأمر بالإمساك بمعروف وتوضيح لمعناه وزجر صريح عما كانوا يتعاطونه أي لا تراجعوهن إرادة الإضرار بهن كان المطلق يترك المعتدة حتى إذا شارفت انقضاء الأجل يراجعها لا لرغبة فيها بل ليطول عليها العدة فنهى عنه بعد ما أمر بضده لما ذكر وضرارا نصب على العلية أو الحالية أي لا تمسكوهن للمضارة أو مضارين واللام في قوله «لتعتدوا» متعلقة بضرارا أي لتظلموهن بالإلجاء إلى الإفتداء «ومن يفعل ذلك» أي ما ذكر من الامساك المؤدى إلى الظلم وما فيه من معنى البعد للدلالة على بعد منزلته في الشر والفساد «فقد ظلم نفسه» في ضمن ظلمه لهن بتعريضها للعقاب «ولا تتخذوا آيات الله» المنطوية على الأحكام المذكورة أو جميع آياته وهي داخلة فيها دخولا أوليا «هزوا» أي مهزوا بها بأن تعرضوا عنها وتتهاونوا في المحافظة على ما في تضاعيفها من الأحكام والحدود من قولهم لمن لم يجد في الأمر أنت هازئ كأنه نهى عن الهزؤ بها وأريد ما يستلزمه من الأمر بضده أي جدوا في الأخذ بها والعمل بما فيها وارعوها حق رعايتها والا فقد أخذتموها هزؤا ولعبا ويجوز أن يراد به النهى عن الإمساك ضرارا فإن الرجعة بلا رغبة فيها عمل بموجب آيات الله تعالى بحسب الظاهر دون الحقيقة وهو معنى الهزء وقيل كان الرجل ينكح ويطلق ويعتق ثم يقول إنما كنت ألعب فنزلت ولذلك قال صلى الله عليه وسلم ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والعتاق «واذكروا نعمة الله عليكم» حيث هداكم إلى ما فيه سعادتكم الدينية والدنيوية أي قابلوها بالشكر والقيام بحقوقها والظرف متعلق بمحذوف وقع حالا من نعمة الله أي كائنة عليكم أو صفة لها على رأى من يجوز حذف الموصول مع بعض صلته أي الكائنة عليكم ويجوز أن يتعلق بنفسها أن أريد بها الإنعام لأنها اسم مصدر كنبات من أنبت ولا يقدح في عمله تاء التأنيث لأنه مبنى عليها كما في قوله * فلولا رجاء النصر منك ورهبة * عقابك قد كانوا لنا كالموارد * وما انزل عليكم عطف على نعمة الله وما موصوله حذف عائدها من الصلة ومن في قوله عز وجل «من الكتاب والحكمة» بيانية أي من القرآن والسنة أو القرآن الجامع للعنوانين على أن العطف لتغاير الوصفين كما في قوله * إلى الملك القرم وابن الهمام * وفي إبهامه أولا ثم بيانه من التفخيم مالا يخفي وفي افراده بالذكر مع كونه أول ما دخل في النعمة المأمور بذكرها إبانة بخطره ومبالغة في البعث على مرعاة ما ذكر قبله من الأحكام «يعظكم به» أي بما أنزل حال من فاعل أنزل أو مفعوله أو منهما معا «واتقوا الله» في شان المحافظة عليه والقيام بحقوقه الواجبة «واعلموا أن الله بكل شيء عليم» فلا يخفى عليه شئ مما تأتون وما تذرون فيؤاخذكم بأفانين العقاب
(٢٢٨)
التالي
الاولى ١
٢٧٨ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 2
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 6
3 2 - سورة البقرة 19
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 70
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 96
6 وإذا استسقى موسى لقومه 104
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 115
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 129
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 141
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 153
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 169
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 180
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 191
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 202
15 واذكروا الله في أيام معدودات 209
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 217
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 229
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 236
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 244
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 257
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 263
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 270