تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢١٣
السابق
كأنهم طالبون لها مترقبون لوقوعها «في ظلل» جمع ظلة كقلل في جمع قلة وهي ما أظلك وقرئ في ظلال كقلال في جمع قلة «من الغمام» أي السحاب الأبيض وإنما أتاهم العذاب فيه لما أنه مظنة الرحمة فإذا أتى منه العذاب كان أفظع وأقطع للمطامع فإن إتيان الشر من حيث لا يحتسب صعب فكيف بإتيانه من حيث يرجى منه الخير «والملائكة» عطف على الاسم الجليل أي ويأتيهم الملائكة فإنهم وسائط في إتيان أمره تعالى بل هم الآتون ببأسه على الحقيقة وتوسيط الظرف بينهما للإيذان بأن الآتي أو لا من جنس ما يلابس الغمام ويترتب عليه عادة وأما الملائكة وأن كان إتيانهم مقارنا لما ذكر من الغمام لكن ذلك ليس بطريق الاعتياد وقرئ بالجر عطفا على ظلل أو الغمام «وقضي الأمر» أي أتم امر إهلاكهم وفرغ منه وهو عطف على يأتيهم داخل في حيز الانتظار وانما عدل إلى صيغة الماضي دلالة على تحققه فكأنه قد كان أو جملة مستأنفة جيء بها إنباء عن وقوع مضمونها وقرئ وقضاء الأمر عطفا على الملائكة «وإلى الله» لا إلى غيره «ترجع الأمور» بالتأنيث على البناء للمفعول من الرجع وقرئ بالتذكير وعلى البناء للفاعل بالتأنيث من الرجوع «سل بني إسرائيل» الخطاب للرسول صلى الله عليه وسلم أو لكل أحد من أهل الخطاب والمراد بالسؤال تبكيتهم وتقريعهم بذلك وتقرير لمجيء البينات «كم آتيناهم من آية بينة» معجزة ظاهرة على أيدي الأنبياء عليهم السلام وآية ناطقة بحقية الاسلام المأمور بالدخول فيه وكم خبرية أو استفهامية مقررة ومحلها النصب على المفعوليه أو الرفع بالابتداء على حذف العائد من الخبر وآية مميزها «ومن يبدل نعمة الله» التي هي آياته الباهرة فإنها سبب للهدى الذي هو أجل النعم وتبديلها جعلها سببا للضلالة وازدياد الرجس أو تحريفها أو تأويلها الزائغ «من بعد ما جاءته» ووصلت اليه وتمكن من معرفتها والتصريح بذلك مع أن التبديل لا يتصور قبل المجيء للإشعار بأنهم قد بدلوها بعد ما وقفوا على تفصيلها كما في قوله عز وجل ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون قيل تقديره فبذلوها ومن يبدل وإنما حذف للإيذان بعدم الحاجة إلى التصريح به لظهوره «فإن الله شديد العقاب» تعليل للجواب كأنه قيل ومن يبدل نعمة الله عاقبه أشد عقوبة فإنه شديد العقاب واظهار الاسم الجليل لتربية المهابة وادخال الروعة «زين للذين كفروا الحياة الدنيا» أي حسنت في أعيانهم وأشربت محبتها في قلوبهم حتى تهالكوا عليها وتهافتوا فيها معرضين عن غيرها والتزيين من حيث الخلق والإيجاد مستند إلى الله سبحانه كما يعرب عنه القراءة على البناء للفاعل إذا ما من شيء إلا وهو خالقه وكل من الشيطان والقوي الحيوانية وما في الدنيا من الأمور البهية والأشياء الشهية مزين بالعرض «ويسخرون من الذين آمنوا» عطف على زين وإيثار صيغة الاستقبال للدلالة
(٢١٣)
التالي
الاولى ١
٢٧٨ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 2
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 6
3 2 - سورة البقرة 19
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 70
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 96
6 وإذا استسقى موسى لقومه 104
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 115
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 129
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 141
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 153
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 169
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 180
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 191
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 202
15 واذكروا الله في أيام معدودات 209
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 217
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 229
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 236
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 244
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 257
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 263
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 270