تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢٠٩
السابق
من حيث أفاض الناس) أي من عرفة لا من المزدلفة والخطاب لقريش لما كانوا يقفون بجمع وسائر الناس بعرفه ويرون ذلك ترفعا عليهم فأمروا بأن يساووهم وثم لتفاوت ما بين الإفاضتين كما في قولك أحسن إلى الناس ثم لا تحسن الا إلى كريم وقيل من مزدلفة إلى منى بعد الإفاضة من عرفة إليها والخطاب عام وقرئ الناس بكسر السين أي الناسي على ان يراد به آدم عليه السلام من قوله تعالى فنسى والمعنى أن الإفاضة من عرفة شرع قديم فلا تغيروه «واستغفروا الله» من جاهليتكم في تغيير المناسك «إن الله غفور رحيم» يغفر ذنب المستغفر وينعم عليه فهو تعليل للاستغفار أو للأمر به «فإذا قضيتم مناسككم» عباداتكم المتعلقة بالحج وفرغتم منها «فاذكروا الله كذكركم آباءكم» أي فأكثروا ذكره تعالى وبالغوا في ذلك كما تفعلون بذكر آبائكم ومفاخرهم وأيامهم وكانت العرب إذا قضوا مناسكهم وقفوا بمنى بين المسجد والجبل فيذكرون مفاخر آبائهم ومحاسن أيامهم «أو أشد ذكرا» اما مجرور معطوف على الذكر بجعله ذاكرا على المجاز والمعنى فاذكروا الله ذكرا كائنا مثل ذكركم آباءكم أو كذكر أشد منه وأبلغ أو على ما أضيف اليه بمعنى أو كذكر قوم أشد منكم ذكرا أو منصوب بالعطف على آباءكم وذكرا من فعل المذكور بمعنى أو كذكركم أشد مذكور من آبائكم أو بمضمر دل عليه تقديره أو كونوا أشد ذكرا لله منكم لآبائكم «فمن الناس» تفصيل للذاكرين إلى من لا يطلب بذكر الله الا الدنيا والى من يطلب به خير الدارين والمراد به الحث على الاكثار والانتظام في سلك الآخرين «من يقول» أي في ذكره «ربنا آتنا في الدنيا» أي اجعل إيتاءنا ومنحتنا في الدنيا خاصة «وما له في الآخرة من خلاق» أي من حظ ونصيب لاقتصار همه على الدنيا فهو بيان لحاله في الآخرة أو من طلب خلاق فهو بيان لحاله في الدنيا وتأكيد لقصر دعائه على المطالب الدنيوية «ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة» هي الصحة والكفاف والتوفيق للخير «وفي الآخرة حسنة» هي الثواب والرحمة «وقنا عذاب النار» بالعفو والمغفرة وروى عن على رضى الله عنه أن الحسنة في الدنيا المرأة الصالحة وفي الآخرة الحوراء وعذاب النار امرأة السوء وعن الحسن ان الحسنة في الدنيا العلم والعبادة وفي الآخرة الجنة وقنا عذاب النار معناه احفظنا من الشهوات والذنوب المؤدية إلى النار «أولئك» إشارة إلى الفريق الثاني باعتبار اتصافهم بما ذكر من النعوت الجميلة وما فيه من معنى البعد لما مر مرارا من الإشارة إلى علو درجتهم وبعد منزلتهم في الفضل وقيل إليهما معا فالتنوين في قوله تعالى «لهم نصيب مما كسبوا» على الأول للتفخيم وعلى الثاني للتنويع أي لكل منهم نوع نصيب
(٢٠٩)
التالي
الاولى ١
٢٧٨ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 2
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 6
3 2 - سورة البقرة 19
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 70
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 96
6 وإذا استسقى موسى لقومه 104
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 115
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 129
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 141
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 153
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 169
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 180
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 191
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 202
15 واذكروا الله في أيام معدودات 209
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 217
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 229
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 236
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 244
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 257
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 263
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 270