تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢٠٨
السابق
نحن متوكلون فيكونون كلا على الناس فأمروا أن يتزودوا ويتقوا الإبرام في السؤال والتثقيل على الناس «واتقون يا أولي الألباب» فإن قضية اللب استشعار خشية الله عز وجل وتقواه حثهم على التقوى ثم أمرهم بأن يكون المقصود بذلك هو الله تعالى فيتبرءوا من كل شئ سواه وهو مقتضى العقل المعرى عن شوائب الهوى فلذلك خص بهذا الخطاب أولوا الألباب «ليس عليكم جناح أن تبتغوا» أي في أن تبتغوا أي تطلبوا «فضلا من ربكم» عطاء ورزقا منه أي الربح بالتجارة وقيل كان عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقهم في الجاهلية يقيمونها أيام مواسم الحج وكانت معايشهم منها فلما جاء الإسلام تأثموا منه فنزلت «فإذا أفضتم من عرفات» أي دفعتم منها بكثرة من أفضت الماء إذا صببته بكثرة وأصله أفضتم أنفسكم فحذف المفعول حذفه من دفعت من البصرة وعرفات جمع سمى به كأذرعات وإنما نون وكسر وفيه علمية وتأنيث لما ان تنوين الجمع تنوين المقابلة لا تنوين التمكن ولذلك يجمع مع اللام وذهاب الكسرة تبع ذهاب التنوين من غير عوض لعدم الصرف وههنا ليس كذلك أو لان التأنيث إما بالتاء المذكورة وهي ليست بتاء التأنيث وإنما هي مع الألف التي قبلها علامة جمع المؤنث أو بتاء مقدرة كما في سعاد ولا سبيل اليه لان المذكور تأبى تقديرها لما انها كالبدل منها لاختصاصها بالمؤنث كتاء بنت وإنما سمى الموقف عرفة لأنه نعت لإبراهيم عليه السلام فلما أبصره عرفه أو لان جبريل عليه السلام كان يدور به في المشاعر فلما رآه قال عرفت أو لان آدم وحواء التقيا فيه فتعارفا أو لان الناس يتعارفون فيه وهي من الأسماء المرتجلة الا من يجعلها جمع عارف قيل وفيه دليل على وجوب الوقوف بها لان الإفاضة لا تكون الا بعده وهي مأمور بها بقوله تعالى ثم أفيضوا وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم الحج عرفة فمن أدرك عرفة فقد أدرك الحج أو مقدمة للذكر المأمور به وفيه نظر إذ الذكر غير واجب والأمر به غير مطلق «فاذكروا الله» بالتلبية والتهليل والدعاء وقيل بصلاة العشاءين «عند المشعر الحرام» هو جبل يقف عليه الإمام ويسمى قزح وقيل ما بين مأزمى عرفة ووادي محسر ويؤيد الأول ما روى جابر انه عليه الصلاة والسلام لما صلى الفجر يعنى بالمزدلفة بغلس ركب ناقته حتى اتى المشعر الحرام فدعا فيه وكبر وهلل ولم يزل واقفا حتى أسفرو إنما سمى مشعرا لأنه معلم العبادة ووصف بالحرام لحرمته ومعنى عند المشعر الحرام ما يليه ويقرب منه فإنه أفضل والا فالمزدلفة كلها موقف الا وادي محسر «واذكروه كما هداكم» أي كما علمكم أو اذكروه ذكرا حسنا كما هداكم هداية حسنة إلى المناسك وغيرها وما مصدرية أو كافة «وإن كنتم من قبله» من قبل ما ذكر من هدايته إياكم «لمن الضالين» غير العاملين بالإيمان والطاعة وإن هي المخففة واللام هي الفارقة وقيل هي نافية واللام بمعنى إلا كما في قوله عز وعلا وإن نظنك لمن الكاذبين «ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس»
(٢٠٨)
التالي
الاولى ١
٢٧٨ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 2
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 6
3 2 - سورة البقرة 19
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 70
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 96
6 وإذا استسقى موسى لقومه 104
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 115
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 129
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 141
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 153
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 169
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 180
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 191
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 202
15 واذكروا الله في أيام معدودات 209
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 217
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 229
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 236
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 244
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 257
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 263
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 270