تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢٠١
السابق
تقرير للقرب وتحقيق له ووعد للداعي بالإجابة «فليستجيبوا لي» إذا دعوتهم للإيمان والطاعة كما أجيبهم إذا دعوني لمهماتهم «وليؤمنوا بي» أمر بالثبات على ما هم عليه «لعلهم يرشدون» راجين إصابة الرشد أي الحق وقرئ بفتح الشين وكسرها ولما أمرهم الله تعالى بصوم الشهر ومرعاة العدة وحثهم على القيام بوظائف التكبير عقبه بهذه الآية الكريمة الدالة على أنه تعالى خبير بأحوالهم سميع لأقوالهم مجيب لدعائهم مجازيهم على أعمالهم تأكيدا له وحثا عليه ثم شرع في بيان أحكام الصيام فقال «أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم» روى أن المسلمين كانوا إذا أمسوا حل لهم الأكل والشرب والجماع إلى أن يصلوا العشاء الأخيرة أو يرقدوا ثم إن عمر رضي الله عنه باشر بعد العشاء فندم وأتى النبي صلى الله عليه وسلم واعتذر إليه فقام رجال فاعترفوا بما صنعوا بعد العشاء فنزلت وليلة الصيام الليلة التي يصبح منها صائما والرفث كناية عن الجماع لأنه لا يكاد يخلو من رفث وهو الإفصاح بما يجب أن يكنى عنه وعدى بإلى لتضمنه معنى الإفضاء والإنهاء وإيثاره ههنا لاستقباح ما ارتكبوه ولذلك سمى خيانة وقرئ الرفوث وتقديم الظرف على القائم مقام الفاعل لما مر مرارا من التشويق فإن ما حقه التقديم إذا أخر تبقى النفس مترقبة إليه فيتمكن عندها وقت وروده فضل تمكن «هن لباس لكم وأنتم لباس لهن» استئناف مبين لسبب الإحلال وهو صعوبة الصبر عنهن مع شدة المخالطة وكثرة الملابسة بهن وجعل كل من الرجل والمرأة لباسا للآخر لاعتناقهما واشتمال كل منهما على الآخر بالليل قال * إذا ما الضجيع ثنى عطفها * تثنت فكانت عليه لباسا * أو لأن كلا منهما يستر حال صاحبة ويمنعه من الفجور «علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم» استئناف آخر مبين لما ذكر من السبب والاختيان أبلغ من الخيانة كالاكتساب من الكسب ومعنى تختانون تظلمونها بتعريضها للعقاب وتنقيص حظها من الثواب «فتاب عليكم» عطف على علم أي تاب عليكم لما تبتم مما اقترفتموه «وعفا عنكم» أي محا أثره عنكم «فالآن» لما نسخ التحريم «باشروهن» المباشرة إلزاق البشرة بالبشرة كنى بها عن الجماع الذي يستلزمها وفيه دليل على جواز نسخ الكتاب للسنة «وابتغوا ما كتب الله لكم» أي واطلبوا ما قدره الله لكم وقرره في اللوح من الولد وفيه أن المباشر ينبغي أن يكون غرضه الولد فإنه الحكمة في خلق الشهوة وشرع النكاح لا قضاء الشهوة وقيل فيه نهى عن العزل وقيل عن غير المأتى والتقدير وابتغوا المحل الذي كتب
(٢٠١)
التالي
الاولى ١
٢٧٨ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 2
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 6
3 2 - سورة البقرة 19
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 70
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 96
6 وإذا استسقى موسى لقومه 104
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 115
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 129
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 141
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 153
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 169
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 180
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 191
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 202
15 واذكروا الله في أيام معدودات 209
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 217
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 229
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 236
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 244
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 257
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 263
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 270