تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ١٢٦
السابق
لا إيمانهم بالبعض مع كفرهم بالبعض كما هو المفهوم لو قيل أفتكفرون ببعض الكتاب وتؤمنون ببعض ولا مجرد كفرهم بالبعض وإيمانهم بالبعض كما يفيده أن يقال أفتجمعون بين الإيمان ببعض الكتاب والكفر ببعض أو بالعكس «فما جزاء من يفعل ذلك» ما نافية ومن إن جعلت موصولة فلا محل ليفعل من الإعراب وإن جعلت موصوفة فمحله الجر على أنه صفتها وذلك إشارة إلى الكفر ببعض الكتاب مع الإيمان ببعض أو إلى ما فعلوا من القتل والإجلاء مع مفاداة الأسارى «منكم» حال من فاعل يفعل «إلا خزي» استثناء مفرغ وقع خبرا للمبتدأ والخزي الذل والهوان مع الفضيحة والتنكير للتفخيم وهو قتل بنى قريظة وإجلاء بنى النضير إلى أذرعات وأريحا ء من الشام وقيل الجزية «في الحياة الدنيا» في حيز الرفع على أنه صفة خزى أي خزى كائن في الحياة الدنيا أو في حيز النصب على أنه ظرف لنفس الخزي ولعل بيان جزائهم بطريق القصر على ما ذكر لقطع أطماعهم الفارغة من ثمرات إيمانهم ببعض الكتاب وإظهار أنه لا أثر له أصلا مع الكفر ببعض «ويوم القيامة يردون» وقرئ بالتاء أوثر صيغة الجمع نظرا إلى معنى من بعد ما أوثر الإفراد نظرا إلى لفظها لما ان الرد إنما يكون بالاجتماع «إلى أشد العذاب» لما أن معصيتهم أشد المعاصي وقيل أشد العذاب بالنسبة إلى ما لهم في الدنيا من الخزي والصغار وإنما غير سبك النظم الكريم حيث لم يقل مثلا وأشد العذاب يوم القيامة للإيذان بكمال التنافي بين جزاءى النشأتين وتقديم يوم القيامة على ما ذكر ما يقع فيه لتهويل الخطب وتفظيع الحال من أول الأمر «وما الله بغافل عما تعملون» من القبائح التي من جملتها هذا المنكر وقرئ بالياء على نهج يردون وهو تأكيد للوعيد «أولئك» الموصوفون بما ذكر من الأوصاف القبيحة وهو مبتدأ خبره قوله تعالى «الذين اشتروا» أي آثروا «الحياة الدنيا» واستبدلوها «بالآخرة» واعرضوا عنها مع تمكنهم من تحصيلها فإن ما ذكر من الكفر ببعض أحكام الكتاب إنما كان لمراعاة جانب حلفائهم لما يعود إليهم منهم من بعض المنافع الدنية الدنيوية «فلا يخفف عنهم العذاب» دنيويا كان أو أخرويا «ولا هم ينصرون» بدفعه عنهم شفاعة أو جبرا والجملة معطوفة على ما قبلها عطف الإسمية على الفعلية أو ينصرون مفسر لمحذوف قبل الضمير فيكون من عطف الفعلية على مثلها «ولقد آتينا موسى الكتاب» شروع في بيان بعض آخر من جناياتهم وتصديره بالجملة القسمية لإظهار كمال الاعتناء به والمراد بالكتاب التوراة عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما أن التوراة لما نزلت جملة واحدة أمر الله تعالى موسى عليه السلام بحملها فلم يطق بذلك فبعث الله بكل حرف منها ملكا فلم يطيقوا بحملها فخففها الله تعالى لموسى عليه السلام فحملها «وقفينا من بعده بالرسل» يقال قفاه به إذا
(١٢٦)
التالي
الاولى ١
٢٧٨ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 2
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 6
3 2 - سورة البقرة 19
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 70
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 96
6 وإذا استسقى موسى لقومه 104
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 115
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 129
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 141
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 153
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 169
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 180
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 191
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 202
15 واذكروا الله في أيام معدودات 209
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 217
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 229
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 236
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 244
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 257
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 263
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 270