تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ١٠٦
السابق
من آس الجنة ولها شعبتان تتقدان في الظلمة «فانفجرت» عطف على مقدر ينسحب عليه الكلام قد حذف للدلالة على كمال سرعة تحقق الانفجار كأنه حصل عقيب الأمر بالضرب أي فضرب فانفجرت «منه اثنتا عشرة عينا» وأما تعلق الفاء بمحذوف أي فإن ضربت فقد انفجرت فغير حقيق بجلالة شأن النظم الكريم كما لا يخفى على أحد وقرئ عشرة بكسر الشين وفتحها وهما أيضا لغتان «قد علم كل أناس» كل سبط «مشربهم» عينهم الخاصة بهم «كلوا واشربوا» على إرادة القول «من رزق الله» هو ما رزقهم من المن والسلوى والماء وقيل هو الماء وحده لأنه يؤكل ما ينبت به من الزروع والثمار ويأباه أن المأمور به أكل النعمة العتيدة لا ما سيطلبونه وإضافته إليه تعالى مع استناد الكل إليه خلقا وملكا إما للتشريف وإما لظهوره بغير سبب عادى وإنما لم يقل من رزقنا كما يقتضيه قوله تعالى فقلنا الخ إيذانا بأن الأمر بالأكل والشرب لم يكن بطريق الخطاب بل بواسطة موسى عليه السلام «ولا تعثوا في الأرض» العثى أشد الفساد فقيل لهم لا تتمادوا في الفساد حال كونكم «مفسدين» وقيل إنما قيد به لأن العثى في الأصل مطلق التعدي وإن غلب في الفساد وقد يكون في غير الفساد كما في مقابلة الظالم المعتدى بفعله وقد يكون فيه صلاح راجح كقتل الخضر عليه السلام للغلام وخرقه للسفينة ونظيره العبث خلا أنه غالب فيما يدرك حسا «وإذ قلتم» تذكير لجناية أخرى لأسلافهم وكفرانهم لنعمة الله عز وجل وإخلادهم إلى ما كانوا فيه من الدناءة والخساسة وإسناد القول المحكى إلى أخلاقهم وتوجيه التوبيخ إليهم لما بينهم من الاتحاد «يا موسى لن نصبر على طعام واحد» لعلهم لم يريدوا بذلك جمع ما طلبوا مع ما كان لهم من النعمة ولا زوالها وحصول ما طلبوا مكانها إذ يأباه التعرض لوحدة بل أرادوا أن يكون هذا تارة وذاك أخرى روى أنهم كانوا فلاحة فنزعوا إلى عكرهم فأجمعوا ما كانوا فيه من النعمة العتيدة لوحدتها النوعية واطرادها وتاقت أنفسهم إلى الشقاء «فادع لنا ربك» أي سله لأجلنا بدعائك إياه والفاء لسببية عدم الصبر للدعاء والتعرض لعنوان الربوبية لتمهيد مبادى الإجابة «يخرج لنا» أي يظهر لنا ويوجد والجزم لجواب الأمر «مما تنبت الأرض» إسناد مجازي بإقامة القابل مقام الفاعل ومن تبعيضية والتي في قوله تعالى «من بقلها وقثائها وفومها وعدسها وبصلها» بيانية واقعة موقع الحال أي كائنا من بقلها الخ وقيل بدل بإعادة الجار والبقل ما تنبت الأرض من الخضر والمراد أطايبه التي تؤكل كالنعناع والكرفس والكراث وأشباهها والفوم الحنطة وقيل الثوم وقرئ قثائها بضم القاف وهو لغة فيه «قال» أي الله تعالى أو موسى عليه السلام
(١٠٦)
التالي
الاولى ١
٢٧٨ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة قاضي القضاة أبو السعود 2
2 (الجزء الأول) 1 - سورة الفاتحة 6
3 2 - سورة البقرة 19
4 تفسير قوله تعالى إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما بعوضة فما فوقها 70
5 أتأمرون الناس بالبر و تنسون أنفسكم 96
6 وإذا استسقى موسى لقومه 104
7 أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون 115
8 ولقد جاءكم موسى بالبينات ثم اتخذتم العجل من بعده وأنتم ظالمون 129
9 ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها ألم تعلم أن الله على كل شئ قدير 141
10 وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن 153
11 (الجزء الثاني) سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها 169
12 إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما 180
13 ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر 191
14 يسألونك عن الأهلة قل هي مواقيت للناس والحج وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها 202
15 واذكروا الله في أيام معدودات 209
16 يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس و إثمهما أكبر من نفعهما 217
17 والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة 229
18 ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت 236
19 (الجزء الثالث) تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض 244
20 قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى والله غني حميد 257
21 ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء 263
22 وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة 270