تفسير الثعالبي - الثعالبي - ج ١ - الصفحة ١٧٥
السابق
وهي: (و اتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون)

العلم، و مظنة اقتداء العامة لهم من قوله: (يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي التي أنعمت عليكم و أوفوا بعهدي) [البقرة: ٤٠] الآيات، فأطنب في تذكيرهم بنعم الله و أيامه لهم، و وصف ما لاقوا به نعمه الجمة من الانحراف عن الصراط السوي انحرافا بلغ بهم حد الكفر، و ذلك جامع لخلاصة تكوين أمة إسرائيل و جامعتهم في عهد موسى ثم ما كان من أهم أحداثهم مع الأنبياء الذين قفوا موسى إلى أن تلقوا دعوة الإسلام بالحسد و العداوة حتى على الملك جبريل و بيان أخطائهم، لأن ذلك يلقي في النفوس شكا في تأهلهم للاقتداء بهم. و ذكر من ذلك نموذجا من أخلاقهم في تعلق الحياة (و لتجدنهم أحرص الناس على حياة) [البقرة: ٩٦] و محاولة العمل بالسحر (و اتبعوا ما تتلوا الشياطين) [البقرة: ١٠٢] إلخ، و أذى النبي بموجة الكلام (لا تقولوا راعنا) [البقرة: ١٠٤].
ثم قرن اليهود والنصارى والمشركين في قرن حسدهم المسلمين و السخط على الشريعة الجديدة (ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب و لا المشركين - إلى قوله - و لا خوف عليهم و لا هم يحزنون) [البقرة:
١٠٥ - ١١٢] ثم ما أثير من الخلاف بين اليهود و النصارى، و ادعاء كل فريق أنه هو المحق (و قالت اليهود ليست النصارى على شئ - إلى - يختلفون) [البقرة: ١١٢] ثم خص المشركين بأنهم أظلم هؤلاء الأصناف الثلاثة، لأنهم منعوا المسلمين من ذكر الله في المسجد الحرام، و سمحوا بذلك في خرابه، و أنهم تشابهوا في ذلك هم و اليهود و النصارى و اتحدوا في كراهية الإسلام.
و الاحتراز عن إجابتها في الذين كفروا منهم، و أن الإسلام على أساس ملة إبراهيم و هو التوحيد، و أن اليهودية و النصرانية ليستا ملة إبراهيم، و أن من ذلك الرجوع إلى استقبال الكعبة، ادخره الله للمسلمين آية على أن الإسلام هو القائم على أساس الحنيفية، و ذكر شعائر الله بمكة، وإبكات أهل الكتاب في طعنهم على تحويل القبلة، و إن العناية بتزكية النفوس أجدر من العناية باستقبال الجهات: (ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب) [البقرة: ١٧٧] و ذكروا بنسخ الشرائع لصلاح الأمم، و أنه لا بدع في نسخ شريعة التوراة أو الإنجيل بما هو خير منهما. ثم عاد إلى محاجة المشركين بآثار صنعة الله (إن في خلق السماوات و الأرض و اختلاف الليل و النهار و الفلك) [البقرة: ١٦٤] إلخ و محاجة المشركين في يوم يتبرءون فيه من قادتهم، و إبطال مزاعم دين الفريقين في محرمات من الأكل (يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم) [البقرة: ١٧٢] و قد كمل ذلك بذكر صنف من الناس قليل، و هم المشركون الذين لم يظهروا الإسلام و لكنهم أظهروا مودة المسلمين (و من الناس من يعجبكم قوله في الحياة الدنيا) [البقرة: ٢٠٤].
و لما قضى حق ذلك كله بأبدع بيان و أوضح برهان انتقل إلى قسم تشريعات الإسلامية إجمالا بقوله:
(ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق و المغرب) [البقرة: ١٧٧] ثم تفضيلا: القصاص، الوصية، الصيام، الاعتكاف، الحج، الجهاد، و نظام المعاشرة و العائلة والمعاملات المالية، و الإنفاق في سبيل الله و الصدقات، و المسكرات، واليتامى، و المواريث، و البيوع، و الربا، و الديوان، و الإشهاد، والرهن، و النكاح، و أحكام النساء و العدة والطلاق، و الرضاع، و النفقات، و الأيمان.
و ختمت السورة بالدعاء المتضمن لخصائص الشريعة الإسلامية، و ذلك من جوامع الكلم، فكان هذا الختام تذليلا و فذلكة: (لله ما في السماوات و ما في الأرض و إن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه).
البقرة: 284] الآيات.
و كانت في خلال ذلك كله أغراض شتى سيقت في معرض الاستطراد في متفرق المناسبات، تجديدا
(١٧٥)
التالي
الاولى ١
٥٦١ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة المحقق 4
2 المبحث الأول: نبذة عن حياة الثعالبي - اسمه وكنيته ولقبه - رحلاته وشيوخه 8
3 1 - محمد بن خلفه بن عمر التونسي 11
4 2 - ولي الدين العراقي 12
5 3 - محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمد بن أبي بكر مرزوق 13
6 4 - أبو القاسم بن أحمد بن محمد المعتل البلوي 16
7 5 - علي بن عثمان بن المنجلاتي 18
8 6 - احمد النقاوسي البجاني 18
9 7 - عيسى بن أحمد بن محمد بن محمد الغبريني 18
10 8 - سليمان بن الحسن البوزيدي 19
11 9 - محمد بن علي بن جعفر الشمس 20
12 10 - عمر بن محمد القلشاني 21
13 11 - علي بن موسى البجائي 21
14 12 - البساطي 22
15 13 - أبو الحسن علي بن محمد البليليتي 22
16 14 - أبو يوسف يعقوب الزغبي - شيوخه الدين لم يذكره في رحلته 22
17 1 - عبد الله بن مسعود التونسي 22
18 2 - عبد العزيز بن موسى بن معطي العبدوسي 23
19 3 - عبد الواحد الغرياني - تلاميذه 24
20 1 - محمد بن محمد بن أحمد بن الخطيب 24
21 2 - محمد بن يوسف بن عمر شعيب السوسني 25
22 3 - أبو العباس أحمد بن عبد الله الجزائري الزواوي 28
23 4 - محمد بن عبد الكريم بن محمد المغيلي 29
24 5 - علي بن محمد التالوتي الأنصاري 31
25 6 - علي بن عباد التستري البكري 32
26 7 - أحمد بن أحمد بن محمد بن عيسى البرنسي القاسي الشهير بزروق 32
27 - مصنفات الثعالبي 35
28 - ثناء العلماء عليه 37
29 - المبحث الثاني: التفسير قبل أبي زيد الثعالبي 39
30 - التفسير لغة 39
31 - التفسير اصطلاحا 40
32 - التأويل لغة 41
33 - التأويل اصطلاحا 42
34 - الفرق بين التفسير والتأويل 43
35 - حاجة الناس إلى التفسير 45
36 - فهم الصحابة للقران الكريم 49
37 - أشهر مفسري القران من الصحابة 51
38 1 - علي بن أبي طالب 51
39 2 - عبد الله بن مسعود 52
40 3 - أبي بن كعب 54
41 4 - عبد الله بن عباس 55
42 - طرق الرواية عن ابن عباس 58
43 - قيمة التفسير المأثور عن الصحابة 59
44 - مدرسة مكة: تلاميذ ابن عباس 61
45 1 - سعيد بن جبير 61
46 2 - مجاهد بن جبر 65
47 3 - عكرمة 66
48 4 - طاووس 69
49 - مدرسة المدينة: تلاميذ أبي بن كعب 73
50 1 - أبو العالية 73
51 2 - محمد بن كعب القرظي 74
52 3 - زيد بن أسلم 74
53 - مدرسة العراق: تلاميذ عبد الله بن مسعود 75
54 1 - علقمة بن قيس 75
55 2 - مسروق 76
56 3 - عامر الشعبي 76
57 4 - الحسن البصري 77
58 5 - قتادة 78
59 - قيمة التفسير المأثور عن التابعين 80
60 - سمات التفسير في تلك المرحلة 81
61 - التفسير في عصر التدوين 81
62 - اقسام التفسير 82
63 - الاتجاه الأثري في التفسير 82
64 - ابن جرير الطبري 83
65 - طريقة الطبري في التفسير 84
66 - الاتجاه اللغوي 85
67 - الاتجاه البياني 87
68 المبحث الثالث: الكلام على تفسير الثعالبي 90
69 1 - مصادر من كتب التفسير 90
70 2 - كتب غريب القران والحديث 93
71 3 - المصادر التي اعتمد عليها من كتب السنة 94
72 4 - كتب الترغيب والترهيب 94
73 5 - كتب في الاحكام الفقهية والأصولية 95
74 6 - كتب الخصائص والشمائل 95
75 8 - في الأسماء والصفات 96
76 9 - ومن كتب التاريخ 96
77 10 - كتب أخرى منثورة 96
78 - منهج الامام الثعالبي في تفسيره 97
79 1 - جمعة بين التفسير بالمأثور والرأي 98
80 2 - تعرضه لمسائل في أصول الدين 99
81 3 - مسائل أصول الفقه في تفسير 100
82 4 - تعرضه لايات الاحكام 101
83 5 - احتجاجه باللغة والمسائل النحوية 102
84 6 - ذكره لأسباب النزول 103
85 7 - ذكره للقراءات الواردة في الآية 104
86 8 - احتجاجه بالشعر 107
87 9 - موقفه من الإسرائيليات 108
88 - وصف النسخ المعتمد عليها في كتاب تفسير الثعالبي 112
89 - مقدمة المؤلف 114
90 - باب في فضل القران 120
91 - باب في فضل تفسير القران واعرابه 132
92 - فصل فيما قيل في الكلام في تفسير القران والجرأة عليه ومراتب المفسرين 135
93 - فصل: انزل القران على سبعة أحرف 142
94 - فصل في ذكر الألفاظ التي في القران مما للغات العجم بها تعلق 145
95 - باب تفسير أسماء القران وذكر السورة والآية 147
96 - باب في الاستعاذة 151
97 - باب في تفسير (بسم الله الرحمن الرحيم) 153
98 - تفسير فاتحة الكتاب 158
99 - تفسير سورة البقرة 171