تفسير القرطبي - القرطبي - ج ١ - الصفحة ١٨٨
السابق
ثم لما نقلت العرب هذا المصدر لهذا العضو الشريف التزمت فيه تفخيم قافه، تفريقا بينه وبين أصله. روى ابن ماجة عن أبي موسى الأشعري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (مثل القلب مثل ريشة تقلبها الرياح بفلاة). ولهذا المعنى كان عليه الصلاة والسلام يقول: (اللهم يا مثبت القلوب ثبت قلوبنا على طاعتك). فإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوله مع عظيم قدره وجلال منصبه فنحن أولى بذلك اقتداء به، قال الله تعالى:
" واعلموا أن الله يحول بين المرء وقلبه " [الأنفال: 24]. وسيأتي (1).
الخامسة - الجوارح وإن كانت تابعة للقلب فقد يتأثر القلب - وإن كان رئيسها وملكها - بأعمالها للارتباط الذي بين الظاهر والباطن، قال صلى الله عليه وسلم: (إن الرجل ليصدق فتنكت في قلبه نكتة بيضاء وإن الرجل ليكذب الكذبة فيسود قلبه) وروى الترمذي وصححه عن أبي هريرة: (أن الرجل ليصيب الذنب فيسود قلبه فإن هو تاب صقل قلبه). قال: وهو الرين الذي ذكره الله في القرآن في قوله: " كلا بل ران على (2) قلوبهم ما كانوا يكسبون " [المطففين: 14]. وقال مجاهد: القلب كالكف يقبض منه بكل ذنب إصبع، ثم يطبع.
قلت: وفي قول مجاهد هذا، وقوله عليه السلام: (إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب -) دليل على أن الختم يكون حقيقيا، والله أعلم. وقد قيل: إن القلب يشبه الصنوبرة، وهو يعضد قول مجاهد، والله أعلم.
وقد روى مسلم عن حذيفة قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين قد رأيت أحدهما وأنا أنتظر الآخر: حدثنا (أن الأمانة نزلت في جذر قلوب الرجال ثم نزل القرآن فعلموا من القرآن وعلموا من السنة). ثم حدثنا عن رفع الأمانة قال: (ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل الوكت ثم ينام النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل المجل كجمر دحرجته على رجلك فنفط فتراه منتبرا وليس فيه شئ - ثم أخذ حصى فدحرجه على رجله فيصبح الناس يتبايعون لا يكاد أحد يؤدي الأمانة حتى يقال إن

(1) راجع ج 7 ص 390 (2) راجع ج 19 ص 257.
(١٨٨)
التالي
الاولى ١
٠ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 ترجمة أبي عبد الله القرطبي 5
2 خطبة الكتاب، وفيها الكلام على علو شأن المفسرين 1
3 ذكر سبيل القرطبي في التفسير 9
4 باب ذكر جمل من فضائل القرآن والترغيب فيه، وفضل طالبه وقارئه ومستمعه والعامل به 10
5 باب كيفية التلاوة لكتاب الله تعالى وما يكره منها وما يحرم، واختلاف الناس في ذلك، وفيه الكلام على تأثير القرآن في رسول الله صلى الله عليه وسلم 16
6 باب تحذير أهل القرآن والعلم من الرياء وغيره، وما ورد في ذلك من الآثار والوعيد 23
7 باب ما ينبغي لصاحب القرآن أن يأخذ نفسه به ولا يغفل عنه علما وعملا، والمراتب التي ينبغي لحامل القرآن أن يبلغها 26
8 باب ما جاء في إعراب القرآن وتعليمه والحث عليه، وثواب من قرأ القرآن معربا 29
9 باب ما جاء في فضل تفسير القرآن وأهله 32
10 باب ما جاء في حامل القرآن، ومن هو، وفيمن عاداه 32
11 باب ما يلزم قارئ القرآن وحامله من تعظيم القرآن وحرمته، وما يستحب أن يفعله عند ختمه 33
12 باب ما جاء من الوعيد في تفسير القرآن بالرأي، والجرأة على ذلك، ومراتب المفسرين، وفيه شئ من وجوه التفسير 37
13 باب تبيين الكتاب بالسنة، وما جاء في ذلك 43
14 باب كيفية التعلم والفقه لكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وما جاء أنه سهل على من تقدم العمل به دون حفظه 45
15 باب معني قول النبي صلى الله عليه وسلم: " إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف فاقرءوا ما تيسر منه " 47
16 فصل في قول كثير من العلماء أن القراءات السبع ليست هي الأحرف السبعة 52
17 فصل في ذكر معني حديث عمر وهشام بن حكيم في أن القرآن نزل على سبعة أحرف 53
18 باب ذكر جمع القرآن، وسبب كتب عثمان المصاحف وإحراقه ما سواها، وذكر من حفظ القرآن من الصحابة رضي الله عنهم في زمن النبي صلى الله عليه وسلم 55
19 فصل في الرد على الحلولية والحشوية القائلين بقدم الحروف والأصوات 61
20 فصل في طعن الرافضة في القرآن 62
21 باب ما جاء في ترتيب سور القرآن وآياته وشكله، ونقطه وتخريبه وتعشيره، وعدد حروفه وأجزائه وكلماته وآية 65
22 باب ذكر معني السورة والآية والحرف 71
23 باب هل ورد في القرآن كلمات خارجة عن لغات العرب أولا 74
24 باب ذكر نكت في إعجاز القرآن وشرائط المعجزة وحقيقتها 75
25 فصل في أن المعجزات على ضربين 78
26 باب في التنبيه على أحاديث وضعت في فضل سور القرآن وغيره 84
27 باب فيما جاء من الحجة في الرد على من طعن في القرآن، وخالف مصحف عثمان بالزيادة والنقصان 86
28 القول في الاستعاذة، وفيها اثنتا عشرة مسألة 92
29 الكلام على البسملة، وفيها سبع وعشرون مسألة 97
30 تفسير سورة الفاتحة وفيها أربعة أبواب: الباب الأول - في فضائلها وأسمائها ومعانيها، وفيه سبع مسائل 114
31 الباب الثاني - في نزولها وأحكامها، وفيه عشرون مسألة 120
32 الباب الثالث - في التأمين، وفيه ثمان مسائل 133
33 الباب الرابع - فيما تضمنته الفاتحة من المعاني والقراءات والإعراب وفضل الحامدين، وفيه ست وثلاثون مسألة 137
34 سورة البقرة الكلام في نزولها وفضلها، وما جاء فيها 158
35 تفسير قوله تعالى: " ألم. ذلك الكتاب... " وبيان الأقوال الواردة في أوائل السور المفتتحة بالحروف 160
36 الكلام على هداية القرآن، وفيه ست مسائل 165
37 تفسير قوله تعالى: " الذين يؤمنون بالغيب... " الآية. وفيه ست وعشرون مسألة: الكلام على الإيمان بالغيب، وعن الصلاة وإقامتها وشرائطها 168
38 بحث في الرزق وإنفاقه 183
39 تفسير قوله تعالى: " إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم... " الآية بيان حال الكافرين ومالهم، ومعنى الكفر 189
40 تفسير قوله تعالى: " ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم " الآية، وفيه عشر مسائل: بيان الختم على القلوب وعلى السمع وعلى البصر 191
41 ذكر أقوال العلماء في إمساك النبي صلى الله عليه وسلم عن قتل المنافقين مع علمه بنفاقهم 204
42 ذكر ما قبل في خلق السماوات والأرض، وما ورد في ذلك من الآيات، والاختلاف فيها 260
43 بحث في تنصيب الخليفة، والكلام على الإمامة العظمى 270
44 بحث في تسبيح الملائكة 282
45 بحث في كيفية خلق آدم عليه السلام واشتقاق اسمه 285
46 ذكر اختلاف العلماء في معنى الأسماء التي علمها آدم 288
47 بحث في أيما أفضل: الملائكة أم بنو آدم؟ 295
48 بحث في السجود، ومعنى سجود الملائكة 298
49 بحث في إبليس لعنه الله 300
50 الكلام على الجنة وسكنى آدم وحواء فيها، وفيه ثلاث عشرة مسألة 304
51 ذكر الخلاف في الشجرة، وكيف أكلا منها 311
52 مطلب في الأنبياء، وهل وقع منهم صلوات الله عليهم صغائر من الذنوب يؤاخذون بها، ويعاتبون عليها أم لا؟ 314
53 بحث في الأمر بقتل الحيات، والكلام في تشكيل الجن بها، وإسلام الجن والتبليغ إليهم، وفيه بعض أحوالهم وشئ من أخبارهم 321
54 بحث في الكلمات التي تلقاها آدم 329
55 بحث في أخذ الأجرة على تعلم القرآن والعلم، واختلاف العلماء في هذا، وفي أخذ الأجرة على الصلاة 341
56 بحث في الزكاة 349
57 بحث في معنى قوله: " واركعوا مع الراكعين " وجملة من أحكام الصلاة 350
58 بحث في اختلاف العلماء في كيفية إنجاء بني إسرائيل 395
59 بحث في يوم عاشوراء، وهل هو اليوم التاسع من المحرم أو العاشر؟ 397
60 الكلام على الأربعين يوما، وما وقع فيها من بني إسرائيل 401
61 بحث في معنى الشكر 403
62 الكلام على المن والسلوى 412
63 بحث في الاستسقاء 423
64 طلب اليهود استبدال المن والسلوى بالبقل، وذكر الأصناف التي طلبوها، ونزولهم مصر 428
65 بحث في أكل البصل والثوم، واختلاف العلماء فيه 432
66 الكلام على الملل، وفيه ثمان مسائل 438
67 القول في سبب رفع الطور 442
68 اعتداء اليهود في السبت ومسخ الله إياهم 445
69 ذكر اختلاف العلماء في الممسوخ هل ينسل أم لا؟ 446
70 القول في أمر الله اليهود بذبح البقرة، والبحث في شأنها، وما ورد في ذلك 450
71 بحث في معنى قوله: " وإذ قتلتم نفسا " وسبب القتل 461
72 بحث في القسامة وأحكامها 463
73 موجب القسامة 465
74 بحث في شرع من قبلنا هل هو شرع لنا أم لا؟ 468