تفسير الرازي - الرازي - ج ١٣ - الصفحة ١٠
السابق
إلا هو) * ثم أكد هذا المعقول الكلي المجرد بجزئي محسوس فقال: * (ويعلم ما في البر والبحر) * وذلك لأن أحد أقسام معلومات الله هو جميع دواب البر، والبحر، والحس، والخيال قد وقف على عظمة أحوال البر والبحر، فذكر هذا المحسوس يكشف عن حقيقة عظمة ذلك المعقول. وفيه دقيقة أخرى وهي: إنه تعالى قدم ذكر البر، لأن الإنسان قد شاهد أحوال البر، وكثرة ما فيه من المدن والقرى والمفاوز والجبال والتلال، وكثرة ما فيها من الحيوان والنبات والمعادن. وأما البحر فإحاطة العقل بأحواله أقل إلا أن الحس يدل على أن عجائب البحار في الجملة أكثر وطولها وعرضها أعظم وما فيها من الحيوانات وأجناس المخلوقات أعجب. فإذا استحضر الخيال صورة البحر والبر على هذه الوجوه. ثم عرف أن مجموعها قسم حقير من الأقسام الداخلة تحت قوله: * (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو) * فيصير هذا المثال المحسوس مقويا ومكملا للعظمة الحاصلة تحت قوله: * (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو) * ثم إنه تعالى كما كشف عن عظمة قوله * (وعنده مفاتح الغيب) * بذكر البر والبحر كشف عن عظمة البر والبحر بقوله: * (وما تسقط من ورقة إلا يعلمها) * وذلك لأن العقل يستحضر جميع ما في وجه الأرض من المدن والقرى والمفاوز والجبال والتلال، ثم يستحضركم فيها من النجم والشجر ثم يستحضر أنه لا يتغير حال ورقة إلا والحق سبحانه يعلمها ثم يتجاوز من هذا المثال إلى مثال آخر أشد هيئة منه وهو قوله: * (ولا حبة في ظلمات الأرض) * وذلك لأن الحبة في غاية الصغر وظلمات الأرض موضع يبقى أكبر الأجسام وأعظمها مخفيا فيها فإذا سمع أن تلك الحبة الصغيرة الملقاة في ظلمات الأرض على اتساعها وعظمتها لا تخرج عن علم الله تعالى البتة، صارت هذه الأمثلة منبهة على عظمة عظيمة وجلالة عالية من المعنى المشار إليه بقوله: * (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو) * بحيث تتحير العقول فيها وتتقاصر الأفكار والألباب عن الوصول إلى مباديها، ثم إنه تعالى لما قوى أمر ذلك المعقول المحض المجرد بذكر هذه الجزئيات المحسوسة فبعد ذكرها عاد إلى ذكر تلك القضية العقلية المحضة المجردة بعبارة أخرى فقال: * (ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين) * وهو عين المذكور في قوله: * (وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو) * فهذا ما عقلناه في تفسير هذه الآية الشريفة العالية. ومن الله التوفيق.
(المسألة الثانية) المتكلمون قالوا إنه تعالى فاعل العالم بجواهره وأعراضه على سبيل الاحكام والاتقان، ومن كان كذلك كان عالما بها فوجب كونه تعالى عالما بها والحكماء قالوا: أنه تعالى مبدأ لجميع الممكنات، والعلم بالمبدأ يوجب العلم بالأثر فوجب كونه تعالى عالما بكلها:
واعلم أن هذا الكلام من أدل الدلائل على كونه تعالى عالما بجميع الجزئيات الزمانية وذلك
(١٠)
التالي
الاولى ١
٢٣٦ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا) الآية 1
2 قوله تعالى (وكذلك نفصل الآيات ولتستبين سبيل المجرمين) الآية 5
3 قوله تعالى (قل لو أن عندي ما تستعجلون به) الآية 7
4 قوله تعالى (وعنده مفاتح الغيب) الآية 8
5 قوله تعالى (وهو الذي يتوفاكم بالليل ويعلم ما جرحتم بالنهار) الآية 11
6 قوله تعالى (وهو القاهر فوق عباده ويرسل عليكم حفظة) الآية 12
7 قوله تعالى (ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق) 16
8 قوله تعالى (قل من ينجيكم من ظلمات البر والبحر) الآية 19
9 قوله تعالى (قل هو القادر أن يبعث عليكم عذابا) الآية 21
10 قوله تعالى (وكذب به قومك وهو الحق) 22
11 قوله تعالى (وإذا رأيت الذين يخوضون في آياتنا) الآية 23
12 قوله تعالى (وما على الذين ينفقون من حسابهم من شئ) الآية 25
13 قوله تعالى (وذر الذين اتخذوا دينهم لعبا ولهوا) الآية 26
14 قوله تعالى (قل اندعوا من دون الله مالا ينفعنا ولا يضرنا) الآية 27
15 قوله تعالى (وهو الذي خلق السماوات والأرض بالحق) الآية 30
16 قوله تعالى (وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر) 33
17 قوله تعالى (وكذلك نرى إبراهيم) 40
18 قوله تعالى (فلما جن عليه الليل رأى كوكبا 45
19 قوله تعالى (فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي) الآية 55
20 قوله تعالى (إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض) الآية 56
21 قوله تعالى (وحاجة قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان) الآية 57
22 قوله تعالى (وكيف أخاف ما أشركتم) 59
23 قوله تعالى (وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه) الآية 60
24 قوله تعالى (ووهبنا له اسحق ويعقوب كلا هدينا) الآية 61
25 قوله تعالى (ومن آبائهم وذرياتهم وإخوانهم) الآية 65
26 قوله تعالى (أولئك الذين آتيناهم الكتاب والحكم والنبوة) الآية 66
27 قوله تعالى (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) الآية 68
28 قوله تعالى (وما قدروا الله حق قدره) 71
29 قوله تعالى (وهذا كتاب أنزلناه مبارك ومصدق الذي بين يديه) الآية 79
30 قوله تعالى (ومن أظلم ممن افترى على الله كذبا) الآية 82
31 قوله تعالى (لقد جئتمونا فرادى كما خلقناكم أول مرة) 85
32 قوله تعالى (إن الله فالق الحب والنوى) 88
33 قوله تعالى (فالق الاصباح وجعل الليل سكنا) الآية 93
34 قوله تعالى (وهو الذي جعل لكم النجوم لتهتدوا بها) الآية 99
35 قوله تعالى (وهو الذي أنشأكم من نفس واحدة) الآية 101
36 قوله تعالى (وهو الذي أنزل من السماء ماء فأخرجنا به) الآية 104
37 قوله تعالى (وجعلوا لله شركاء الجن) 111
38 قوله تعالى (بديع السماوات والأرض أنى يكون له ولد) الآية 116
39 قوله تعالى (ذلكم الله ربكم لا إله إلا هو خالق كل شئ) الآية 119
40 قوله تعالى (لا تدركه الابصار وهو يدرك الابصار) الآية 123
41 قوله تعالى (قد جاءكم بصائر من ربكم فمن أبصر فلنفسه) الآية 132
42 قوله تعالى (وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست) الآية 133
43 قوله تعالى (اتبع ما أوحى إليك من ربك) 136
44 قوله تعالى (ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله) الآية 138
45 قوله تعالى (وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جائتهم آية ليؤمنن بها) 141
46 قوله تعالى (ونقلب أفئدتهم وأبصارهم كما لم يؤمنوا به أول مرة) الآية 145
47 قوله تعالى (ولو أننا نزلنا إليهم الملائكة وكلمهم الموتى) الآية 148
48 قوله تعالى (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الانس والجن) 151
49 قوله تعالى (ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة) الآية 155
50 قوله تعالى (أفغير الله ابتغى حكما) الآية 157
51 قوله تعالى (وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا) 159
52 قوله تعالى (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) الآية 161
53 قوله تعالى (فكلوا مما ذكر اسم الله عليه إن كنتم بآياته مؤمنين) 163
54 قوله تعالى (وما لكم ألا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) 164
55 قوله تعالى (وذروا ظاهر الاثم وباطنه) 166
56 قوله تعالى (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) 167
57 قوله تعالى (أو من كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا) الآية 169
58 قوله تعالى (وكذلك جعلنا في كل قرية أكابر مجرميها) الآية 172
59 قوله تعالى (وإذا جاءتهم آية قالوا لن نؤمن حتى نؤتي مثل ما أوتى رسل الله) 174
60 قوله تعالى (فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للاسلام) الآية 176
61 قوله تعالى (وهذا صراط ربك مستقيما) 186
62 قوله تعالى (لهم دار السلام عند ربهم 187
63 قوله تعالى (ويوم يحشرهم جميعا يا معشر الجن) الآية 189
64 قوله تعالى (وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون) 192
65 قوله تعالى (يا معشر الجن والانس ألم يأتكم رسل منكم) الآية 193
66 قوله تعالى (ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى) 195
67 قوله تعالى (ولكل درجات مما عملوا) 196
68 قوله تعالى (وربك الغنى ذو الرحمة) الآية 197
69 قوله تعالى (قل يا قوم اعملوا على مكانتكم إني عامل) الآية 201
70 قوله تعالى (وجعلوا لله ما ذرأ من الحرث والانعام نصيبا) الآية 203
71 قوله تعالى (وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم) الآية 204
72 قوله تعالى (وقالوا هذه الانعام وحرث حجر) الآية 206
73 قوله تعالى (وقالوا ما في بطون هذه الانعام خالصة لذكورنا) الآية 207
74 قوله تعالى (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفها بغير علم) الآية 208
75 قوله تعالى (وهو الذي أنشأ جنات معروشات) الآية 209
76 قوله تعالى (ومن الانعام حمولة وفرشا) 214
77 قوله تعالى (ثمانية أزواج من الضأن اثنين) الآية 215
78 قوله تعالى (قل لا أجد فيما أوحى إلى محرما) 217
79 قوله تعالى (وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر) الآية 222
80 قوله تعالى (فان كذبوك فقل ربكم ذو رحمة واسعة) الآية 223
81 قوله تعالى (سيقول الذين أشركوا لو شاء الله ما أشركنا) الآية 224
82 قوله تعالى (قل هل شهداءكم الذين يشهدون أن الله حرم هذا) 229
83 قوله تعالى (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم) الآية 230
84 قوله تعالى (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) الآية 232