تفسير الرازي - الرازي - ج ٦ - الصفحة ٢٥
السابق
بلفظ * (ما) * إلا أن المقصود: السؤال عن الكيفية لأنهم كانوا عالمين أن الذين أمروا به إنفاق مال يخرج قربة إلى الله تعالى، وإذا كان هذا معلوما لم ينصرف الوهم إلى أن ذلك المال أي شيء هو؟ وإذا خرج هذا عن أن يكون مرادا تعين أن المطلوب بالسؤال أن مصرفه أي شيء هو؟ وحينئذ يكون الجواب مطابقا للسؤال، ونظيره قوله تعالى: * (قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي إن البقر تشابه علينا... قال إنه يقول أنها بقرة لا ذلول) * (البقرة: 70، 71) وإنما كان هذا الجواب موافقا لذلك السؤال، لأنه كان من المعلوم أن البقرة هي البهيمة التي شأنها وصفتها كذا، فقوله: * (ما هي) * لا يمكن حمله على طلب الماهية، فتعين أن يكون المراد منه طلب الصفة التي بها تتميز تلك البقرة عن غيرها، فبهذا الطريق قلنا: إن ذلك الجواب مطابق لذلك السؤال، فكذا ههنا لما علمنا أنهم كانوا عالمين بأن الذي أمروا بإنفاقه ما هو، وجب أن يقطع بأن مرادهم من قولهم: * (ماذا ينفقون) * ليس هو طلب الماهية، بل طلب المصرف فلهذا حسن الجواب وثالثها: يحتمل أن يكون المراد أنهم سألوا هذا السؤال فكأنهم قيل لهم: هذا السؤال فاسد أنفق أي شيء كان ولكن بشرط أن يكون مالا حلالا وبشرط أن يكون مصروفا إلى المصرف وهذا مثل ما إذا كان الإنسان صحيح المزاج لا يضره أكل أي طعام كان، فقال للطبيب: ماذا آكل؟ فيقول الطبيب: كل في اليوم مرتين، كان المعنى: كل ما شئت لكن بهذا الشرط كذا ههنا المعنى: أنفق أي شيء أردت بشرط أن يكون المصرف ذلك.
المسألة الرابعة: اعلم أنه تعالى راعى الترتيب في الإنفاق، فقدم الوالدين، وذلك لأنهما كالمخرج له من العدم إلى الوجود في عالم الأسباب، ثم ربياه في الحال الذي كان في غاية الضعف، فكان إنعامهما على الابن أعظم من إنعام غيرهما عليه، ولذلك قال تعالى: * (وقضى ربك ألا تبعدوا إلا إياه وبالوالدين) * (الإسراء: 23) وفيه إشارة إلى أنه ليس بعد رعاية حق الله تعالى شيء أوجب من رعاية حق الوالدين، لأن الله تعالى هو الذي أخرج الإنسان من العدم إلى الوجود في الحقيقة، والوالدان هما اللذان أخرجاه إلى عالم الوجود في عالم الأسباب الظاهرة، فثبت أن حقهما أعظم من حق غيرهما فلهذا أوجب تقديمهما على غيرهما في رعاية الحقوق، ثم ذكر تعالى بعد الوالدين الأقربين، والسبب فيه أن الإنسان لا يمكنه أن يقوم بمصالح جميع الفقراء، بل لا بد وأن يرجح البعض على البعض، والترجيح لا بد له من مرجح، والقرابة تصلح أن تكون سببا للترجيح من وجوه أحدها: أن القرابة مظنة المخالطة، والمخالطة سبب لاطلاع كل واحد منهم على حال الآخر، فإذا كان أحدهما غنيا والآخر فقيرا كان اطلاع الفقير على الغني أتم، واطلاع الغني على الفقير أتم، وذلك من أقوى الحوامل على الإنفاق وثانيها: أنه لو لم يراع جانب الفقير، احتاج الفقير للرجوع إلى غيره وذلك عار وسيئة في حقه فالأولى أن يتكفل بمصالحهم دفعا للضرر عن النفس وثالثها:
(٢٥)
التالي
الاولى ١
٢٢٢ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (سل بني إسرائيل كم آتيناهم) 1
2 قوله تعالى (ومن يبدل نعمة الله) 2
3 قوله تعالى (زين للذين كفروا الحياة الدنيا) 3
4 قوله تعالى (ويسخرون من الذين آمنوا) 6
5 قوله تعالى (والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة) 7
6 قوله تعالى (والله يرزق من يشاء) 8
7 قوله تعالى (كان الناس أمة واحدة) 10
8 قوله تعالى (ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) 15
9 قوله تعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة) 17
10 قوله تعالى (ولما يأتكم مثل الذين خلوا) 18
11 قوله تعالى (يسألونك ماذا ينفقون) 22
12 قوله تعالى (كتب عليكم القتال) 26
13 قوله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) 27
14 قوله تعالى (يسألونك عن الشهر الحرام 29
15 قوله تعالى (إن الذين آمنوا والذين هاجروا) الآية 39
16 قوله تعالى (يسألونك عن الخمر والميسر) 41
17 قوله تعالى (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو) 49
18 ذم الخمر وذكر مضارها (بالهامش) للمصحح 49
19 قوله تعالى (ويسألونك عن اليتامى) 52
20 قوله تعالى (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) الآية 56
21 قوله تعالى (ويسألونك عن المحيض) 65
22 قوله تعالى (نساؤكم حرث لكم) الآية 74
23 قوله تعالى (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم) الآية 78
24 قوله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) الآية 80
25 قوله تعالى (للذين يؤلون من نسائهم) 84
26 قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن) الآية 90
27 قوله تعالى (وبعولتهن أحق بردهن) 98
28 قوله تعالى (وللرجال عليهن درجة) 100
29 قوله تعالى (الطلاق مرتان) 101
30 قوله تعالى (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا) 104
31 قوله تعالى (ألا أن يخافا ألا يقيما حدود الله) 106
32 قوله تعالى (فان طلقها فلا تحل له من بعد) 110
33 قوله تعالى (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن) 114
34 قوله تعالى (ولا تمسكوا ضرارا) 116
35 قوله تعالى (والوالدات يرضعن أولادهن) 123
36 قوله تعالى (وعلى المولود له رزقهن) 127
37 قوله تعالى (لا تضار والدة بولدها) 128
38 قوله تعالى (وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم) 131
39 عدة الوفاة 132
40 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم) 132
41 قوله تعالى (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به) 137
42 قوله تعالى (ولا تعزموا عقدة النكاح 141
43 حكم المطلقة قبل الدخول قوله تعالى (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن) 143
44 قوله تعالى (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) 149
45 قوله تعالى (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) 154
46 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا) 167
47 قوله تعالى (وللمطلقات متاع بالمعروف) 171
48 قوله تعالى (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت) 171
49 قوله تعالى (إن الله لذو فضل على الناس) 175
50 قوله تعالى (وقاتلوا في سبيل الله) 176
51 قوله تعالى (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا 176
52 قصة طالوت 180
53 قوله تعالى (ألم تر إلى الملا من بني إسرائيل) 180
54 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا) 183
55 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه) 186
56 قوله تعالى (فلما فصل طالوت بالجنود) 190
57 قوله تعالى (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) 196
58 قوله تعالى (فهزموهم باذن الله) 199
59 قوله تعالى (وآتاه الملك والحكمة) 200
60 قوله تعالى (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) الآية 206
61 قوله تعالى (ورفع بعضهم درجات) 214
62 قوله تعالى (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم) 217
63 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم) الآية 219