تفسير الرازي - الرازي - ج ٦ - الصفحة ١٥٧
السابق
فإن قيل: المحافظة لا تكون إلا بين اثنين، كالمخاصمة، والمقاتلة، فكيف المعنى ههنا؟.
والجواب: من وجهين أحدهما: أن هذه المحافظة تكون بين العبد والرب، كأنه قيل له: احفظ الصلاة ليحفظك الإله الذي أمرك بالصلاة وهذا كقوله: * (فاذكروني أذكركم) * (البقرة: 152) وفي الحديث: " احفظ الله يحفظك " الثاني: أن تكون المحافظة بين المصلي والصلاة فكأنه قيل: احفظ الصلاة حتى تحفظك الصلاة، واعلم أن حفظ الصلاة للمصلي على ثلاثة أوجه الأول: أن الصلاة تحفظه عن المعاصي، قال تعالى: * (إن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) * (العنكبوت: 45) فمن حفظ الصلاة حفظته الصلاة عن الفحشاء والثاني: أن الصلاة تحفظه من البلايا والمحن، قال تعالى: * (واستعينوا بالصبر والصلاة) * (البقرة: 153) وقال تعالى: * (وقال الله إني معكم لئن أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة) * (المائدة: 12) ومعناه: إني معكم بالنصرة والحفظ إن كنتم أقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة والثالث: أن الصلاة تحفظ صاحبها وتشفع لمصليها، قال تعالى: * (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله) * (البقرة: 110) ولأن الصلاة فيها القراءة، والقرآن يشفع لقارئه، وهو شافع مشفع وفي الخبر: " إنه تجئ البقرة وآل عمران كأنهما عمامتان فيشهدان ويشفعان " وأيضا في الخبر " سورة الملك تصرف عن المتهجد بها عذاب القبر وتجادل عنه في الحشر وتقف في الصراط عند قدميه وتقول للنار لا سبيل لك عليه " والله أعلم.
المسألة الثالثة: اختلفوا في الصلاة الوسطى على سبعة مذاهب.
فالقول الأول: أن الله تعالى أمر بالمحافظة عليها، ولم يبين لنا أنها أي صلاة هي، وإنما قلنا: إنه لم يبين لأنه لو بين ذلك لكان إما أن يقال: إنه تعالى بينها بطريق قطعي، أو بطريق ظني والأول باطل لأنه بيان إما أن يكون بهذه الآية، أو بطريق آخر قاطع، أو خبر متواتر ولا يمكن أن يكون البيان حاصلا في هذه الآية، لأن عدد الصلوات خمس، وليس في الآية ذكر لأولها وآخرها، وإذا كان كذلك أمكن في كل واحدة من تلك الصلوات أن يقال: إنما هي الوسطى، وإما أن يقال: بيان حصل في آية أخرى أو في خبر متواتر، وذلك مفقود، وأما بيانه بالطريق الظني وهو خبر الواحد والقياس فغير جائز، لأن الطريق المفيد للظن معتبر في العمليات، وهذه المسألة ليست كذلك، فثبت أن الله تعالى لم يبين أن الصلاة الوسطى ما هي؟ ثم قالوا: والحكمة فيه أنه تعالى لما خصها بمزيد التوكيد، مع أنه تعالى لم يبينها جوز المرء في كل صلاة يؤديها أنها هي الوسطى فيصير ذلك داعيا إلى أداء الكل على نعت الكمال والتمام، ولهذا السبب أخفى الله تعالى ليلة القدر في رمضان، وأخفى ساعة الإجابة في يوم الجمعة، وأخفى اسمه الأعظم في جميع الأسماء، وأخفى وقت الموت في الأوقات ليكون المكلف خائفا
(١٥٧)
التالي
الاولى ١
٢٢٢ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (سل بني إسرائيل كم آتيناهم) 1
2 قوله تعالى (ومن يبدل نعمة الله) 2
3 قوله تعالى (زين للذين كفروا الحياة الدنيا) 3
4 قوله تعالى (ويسخرون من الذين آمنوا) 6
5 قوله تعالى (والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة) 7
6 قوله تعالى (والله يرزق من يشاء) 8
7 قوله تعالى (كان الناس أمة واحدة) 10
8 قوله تعالى (ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) 15
9 قوله تعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة) 17
10 قوله تعالى (ولما يأتكم مثل الذين خلوا) 18
11 قوله تعالى (يسألونك ماذا ينفقون) 22
12 قوله تعالى (كتب عليكم القتال) 26
13 قوله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) 27
14 قوله تعالى (يسألونك عن الشهر الحرام 29
15 قوله تعالى (إن الذين آمنوا والذين هاجروا) الآية 39
16 قوله تعالى (يسألونك عن الخمر والميسر) 41
17 قوله تعالى (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو) 49
18 ذم الخمر وذكر مضارها (بالهامش) للمصحح 49
19 قوله تعالى (ويسألونك عن اليتامى) 52
20 قوله تعالى (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) الآية 56
21 قوله تعالى (ويسألونك عن المحيض) 65
22 قوله تعالى (نساؤكم حرث لكم) الآية 74
23 قوله تعالى (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم) الآية 78
24 قوله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) الآية 80
25 قوله تعالى (للذين يؤلون من نسائهم) 84
26 قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن) الآية 90
27 قوله تعالى (وبعولتهن أحق بردهن) 98
28 قوله تعالى (وللرجال عليهن درجة) 100
29 قوله تعالى (الطلاق مرتان) 101
30 قوله تعالى (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا) 104
31 قوله تعالى (ألا أن يخافا ألا يقيما حدود الله) 106
32 قوله تعالى (فان طلقها فلا تحل له من بعد) 110
33 قوله تعالى (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن) 114
34 قوله تعالى (ولا تمسكوا ضرارا) 116
35 قوله تعالى (والوالدات يرضعن أولادهن) 123
36 قوله تعالى (وعلى المولود له رزقهن) 127
37 قوله تعالى (لا تضار والدة بولدها) 128
38 قوله تعالى (وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم) 131
39 عدة الوفاة 132
40 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم) 132
41 قوله تعالى (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به) 137
42 قوله تعالى (ولا تعزموا عقدة النكاح 141
43 حكم المطلقة قبل الدخول قوله تعالى (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن) 143
44 قوله تعالى (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) 149
45 قوله تعالى (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) 154
46 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا) 167
47 قوله تعالى (وللمطلقات متاع بالمعروف) 171
48 قوله تعالى (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت) 171
49 قوله تعالى (إن الله لذو فضل على الناس) 175
50 قوله تعالى (وقاتلوا في سبيل الله) 176
51 قوله تعالى (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا 176
52 قصة طالوت 180
53 قوله تعالى (ألم تر إلى الملا من بني إسرائيل) 180
54 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا) 183
55 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه) 186
56 قوله تعالى (فلما فصل طالوت بالجنود) 190
57 قوله تعالى (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) 196
58 قوله تعالى (فهزموهم باذن الله) 199
59 قوله تعالى (وآتاه الملك والحكمة) 200
60 قوله تعالى (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) الآية 206
61 قوله تعالى (ورفع بعضهم درجات) 214
62 قوله تعالى (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم) 217
63 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم) الآية 219