تفسير الرازي - الرازي - ج ٦ - الصفحة ١٢
السابق
القول الأول: أنهم كانوا على دين واحد وهو الإيمان والحق، وهذا قول أكثر المحققين، ويدل عليه وجوه الأول: ما ذكره القفال فقال: الدليل عليه قوله تعالى بعد هذه الآية: * (فبعث الله النبيين مبشرين ومنذرين وأنزل معهم الكتاب بالحق ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) * فهذا يدل على أن الأنبياء عليهم السلام إنما بعثوا حين الإختلاف، ويتأكد هذا بقوله تعالى: * (وما كان الناس إلا أمة واحدة فاختلفوا) * (يونس: 19) ويتأكد أيضا بما نقل عن ابن مسعود أنه قرأ: * (كان الناس أمة وحدة فاختلفوا فبعث الله النبيين - إلى قوله - ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) *.
إذا عرفت هذا فنقول: الفاء في قوله: * (فبعث الله النبيين) * تقتضي أن يكون بعثهم بعد الإختلاف ولو كانوا قبل ذلك أمة واحدة في الكفر، لكانت بعثة الرسل قبل هذا الإختلاف أولى، لأنهم لما بعثوا عندما كان بعضهم محقا وبعضهم مبطلا، فلأن يبعثوا حين ما كانوا كلهم مبطلين مصرين على الكفر كان أولى، وهذا الوجه الذي ذكره القفال رحمه الله حسن في هذا الموضوع وثانيها: أنه تعالى حكم بأنه كان الناس أمة واحدة، ثم أدرجنا فيه فاختلفوا بحسب دلالة الدليل عليه، وبحسب قراءة ابن مسعود، ثم قال: * (وما اختلف فيه إلا الذين أوتوه من بعد ما جاءتهم البينات بغيا بينهم) * والظاهر أن المراد من هذا الإختلاف هو الإختلاف الحاصل بعد ذلك الإتفاق المشار إليه، بقوله: * (كان الناس أمة واحدة) * ثم حكم على هذا الإختلاف بأنه إنما حصل بسبب البغي، وهذا الوصف لا يليق إلا بالمذاهب الباطلة، فدلت الآية على أن المذاهب الباطلة إنما حصلت بسبب البغي، وهذا يدل على أن الاتفاق الذي كان حاصلا قبل حصول هذا الإختلاف إنما كان في الحق لا في الباطل، فثبت أن الناس كانوا أمة واحدة في الدين الحق لا في الدين الباطل وثالثها: أن آدم عليه السلام لما بعثه الله رسولا إلى أولاده، فالكل كانوا مسلمين مطيعين لله تعالى، ولم يحدث فيما بينهم اختلاف في الدين، إلى أن قتل قابيل هابيل بسبب الحسد والبغي، وهذا المعنى ثابت بالنقل المتواتر، والآية منطبقة عليه، لأن الناس هم آدم وأولاده من الذكور والإناث، كانوا أمة واحدة على الحق، ثم اختلفوا بسبب البغي والحسد، كما حكى الله عن ابني آدم * (إذ قربا قربانا فتقبل من أحدهما ولم يتقبل من الآخر) * (المائدة: 27) فلم يكن ذلك القتل والكفر بالله إلا بسبب البغي والحسد، وهذا المعنى ثابت بالنقل المتواتر والآية منطبقة عليه ورابعها: أنه لما غرقت الأرض بالطوفان لم يبق إلا أهل السفينة، وكلهم كانوا على الحق والدين الصحيح، ثم اختلفوا بعد ذلك، وهذه القصة مما عرف ثبوتها بالدلائل القاطعة والنقل المتواتر، إلا أنهم اختلفوا بعد ذلك، فثبت
(١٢)
التالي
الاولى ١
٢٢٢ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (سل بني إسرائيل كم آتيناهم) 1
2 قوله تعالى (ومن يبدل نعمة الله) 2
3 قوله تعالى (زين للذين كفروا الحياة الدنيا) 3
4 قوله تعالى (ويسخرون من الذين آمنوا) 6
5 قوله تعالى (والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة) 7
6 قوله تعالى (والله يرزق من يشاء) 8
7 قوله تعالى (كان الناس أمة واحدة) 10
8 قوله تعالى (ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) 15
9 قوله تعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة) 17
10 قوله تعالى (ولما يأتكم مثل الذين خلوا) 18
11 قوله تعالى (يسألونك ماذا ينفقون) 22
12 قوله تعالى (كتب عليكم القتال) 26
13 قوله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) 27
14 قوله تعالى (يسألونك عن الشهر الحرام 29
15 قوله تعالى (إن الذين آمنوا والذين هاجروا) الآية 39
16 قوله تعالى (يسألونك عن الخمر والميسر) 41
17 قوله تعالى (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو) 49
18 ذم الخمر وذكر مضارها (بالهامش) للمصحح 49
19 قوله تعالى (ويسألونك عن اليتامى) 52
20 قوله تعالى (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) الآية 56
21 قوله تعالى (ويسألونك عن المحيض) 65
22 قوله تعالى (نساؤكم حرث لكم) الآية 74
23 قوله تعالى (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم) الآية 78
24 قوله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) الآية 80
25 قوله تعالى (للذين يؤلون من نسائهم) 84
26 قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن) الآية 90
27 قوله تعالى (وبعولتهن أحق بردهن) 98
28 قوله تعالى (وللرجال عليهن درجة) 100
29 قوله تعالى (الطلاق مرتان) 101
30 قوله تعالى (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا) 104
31 قوله تعالى (ألا أن يخافا ألا يقيما حدود الله) 106
32 قوله تعالى (فان طلقها فلا تحل له من بعد) 110
33 قوله تعالى (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن) 114
34 قوله تعالى (ولا تمسكوا ضرارا) 116
35 قوله تعالى (والوالدات يرضعن أولادهن) 123
36 قوله تعالى (وعلى المولود له رزقهن) 127
37 قوله تعالى (لا تضار والدة بولدها) 128
38 قوله تعالى (وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم) 131
39 عدة الوفاة 132
40 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم) 132
41 قوله تعالى (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به) 137
42 قوله تعالى (ولا تعزموا عقدة النكاح 141
43 حكم المطلقة قبل الدخول قوله تعالى (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن) 143
44 قوله تعالى (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) 149
45 قوله تعالى (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) 154
46 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا) 167
47 قوله تعالى (وللمطلقات متاع بالمعروف) 171
48 قوله تعالى (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت) 171
49 قوله تعالى (إن الله لذو فضل على الناس) 175
50 قوله تعالى (وقاتلوا في سبيل الله) 176
51 قوله تعالى (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا 176
52 قصة طالوت 180
53 قوله تعالى (ألم تر إلى الملا من بني إسرائيل) 180
54 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا) 183
55 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه) 186
56 قوله تعالى (فلما فصل طالوت بالجنود) 190
57 قوله تعالى (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) 196
58 قوله تعالى (فهزموهم باذن الله) 199
59 قوله تعالى (وآتاه الملك والحكمة) 200
60 قوله تعالى (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) الآية 206
61 قوله تعالى (ورفع بعضهم درجات) 214
62 قوله تعالى (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم) 217
63 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم) الآية 219