تفسير الرازي - الرازي - ج ٦ - الصفحة ٤٩
السابق
رضي الله عنه: إذا خلا الشطرنج عن الرهان، واللسان عن الطغيان والصلاة عن النسيان، لم يكن حراما، وهو خارج عن الميسر، لأن الميسر ما يوجب دفع المال، أو أخذ مال، وهذا ليس كذلك، فلا يكون قمارا ولا ميسرا، والله أعلم، أما السبق في الخف والحافر فبالاتفاق ليس من الميسر، وشرحه مذكور في كتاب السبق والرمي من كتب الفقه.
المسألة الخامسة: الإثم الكبير، فيه أمور أحدها: أن عقل الإنسان أشرف صفاته، والخمر عدو العقل، وكل ما كان عدو الأشرف فهو أخس، فيلزم أن يكون شرب الخمر أخس الأمور، وتقريره أن العقل إنما سمي عقلا لأنه يجري مجرى عقال الناقة، فإن الإنسان إذا دعاه طبعه إلى فعل قبيح، كان عقله مانعا له من الإقدام عليه، فإذا شرب الخمر بقي الطبع الداعي إلى فعل القبائح خاليا عن العقل المانع منها، والتقريب بعد ذلك معلوم، ذكر ابن أبي الدنيا أنه مر على سكران وهو يبول في يده ويمسح به وجهه كهيئة المتوضئ، ويقول: الحمد لله الذي جعل الإسلام نورا والماء طهورا، وعن العباس بن مرداس أنه قيل له في الجاهلية: لم لا تشرب الخمر فإنها تزيد في جراءتك؟ فقال ما أنا بآخذ جهلي بيدي فأدخله جوفي، ولا أرضى أن أصبح سيد قوم وأمسى سفيههم وثانيها: ما ذكره الله تعالى من إيقاع العداوة والبغضاء والصد عن ذكر الله وعن الصلاة وثالثها: أن هذه المعصية من خواصها أن الإنسان كلما كان اشتغاله بها أكثر، ومواظبته عليها أتم كان الميل إليها أكثر وقوة النفس عليها أقوى. بخلاف سائر المعاصي، مثل الزاني إذا فعل مرة واحدة فترت رغبته في ذلك العمل، وكلما كان فعله لذلك العمل أكثر كان فتوره أكثر ونفرته أتم، بخلاف الشرب، فإنه كلما كان إقدامه عليه أكثر، كان نشاطه أكثر، ورغبته فيه أتم. فإذا واظب الإنسان عليه صار الإنسان غرقا في اللذات البدنية، معرضا عن تذكر الآخرة والمعاد، حتى يصير من الذين نسوا الله فأنساهم أنفسهم، وبالجملة فالخمر يزيل العقل، وإذا زال العقل حصلت القبائح بأسرها ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: " الخمر أم الخبائث " وأما الميسر فالإثم فيه أنه يفضي إلى العداوة، وأيضا لما يجري بينهم من الشتم والمنازعة وأنه أكل مال بالباطل وذلك أيضا يورث العداوة، لأن صاحبه إذا أخذ ماله مجانا أبغضه جدا، وهو أيضا يشغل عن ذكر الله وعن الصلاة، وأما المنافع المذكورة في قوله تعالى: * (ومنافع للناس) * فمنافع الخمر أنهم كانوا يتغالون بها إذا جلبوها من النواحي، وكان المشتري إذا ترك المماكسة في الثمن كانوا يعدون ذلك فضيلة ومكرمة، فكان تكثر أرباحهم بذلك السبب، ومنها أنه يقوي الضعيف ويهضم الطعام ويعين على الباه، ويسلي المحزون، ويشجع الجبان، ويسخي البخيل ويصفي اللون،
(٤٩)
التالي
الاولى ١
٢٢٢ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (سل بني إسرائيل كم آتيناهم) 1
2 قوله تعالى (ومن يبدل نعمة الله) 2
3 قوله تعالى (زين للذين كفروا الحياة الدنيا) 3
4 قوله تعالى (ويسخرون من الذين آمنوا) 6
5 قوله تعالى (والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة) 7
6 قوله تعالى (والله يرزق من يشاء) 8
7 قوله تعالى (كان الناس أمة واحدة) 10
8 قوله تعالى (ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) 15
9 قوله تعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة) 17
10 قوله تعالى (ولما يأتكم مثل الذين خلوا) 18
11 قوله تعالى (يسألونك ماذا ينفقون) 22
12 قوله تعالى (كتب عليكم القتال) 26
13 قوله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) 27
14 قوله تعالى (يسألونك عن الشهر الحرام 29
15 قوله تعالى (إن الذين آمنوا والذين هاجروا) الآية 39
16 قوله تعالى (يسألونك عن الخمر والميسر) 41
17 قوله تعالى (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو) 49
18 ذم الخمر وذكر مضارها (بالهامش) للمصحح 49
19 قوله تعالى (ويسألونك عن اليتامى) 52
20 قوله تعالى (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) الآية 56
21 قوله تعالى (ويسألونك عن المحيض) 65
22 قوله تعالى (نساؤكم حرث لكم) الآية 74
23 قوله تعالى (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم) الآية 78
24 قوله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) الآية 80
25 قوله تعالى (للذين يؤلون من نسائهم) 84
26 قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن) الآية 90
27 قوله تعالى (وبعولتهن أحق بردهن) 98
28 قوله تعالى (وللرجال عليهن درجة) 100
29 قوله تعالى (الطلاق مرتان) 101
30 قوله تعالى (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا) 104
31 قوله تعالى (ألا أن يخافا ألا يقيما حدود الله) 106
32 قوله تعالى (فان طلقها فلا تحل له من بعد) 110
33 قوله تعالى (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن) 114
34 قوله تعالى (ولا تمسكوا ضرارا) 116
35 قوله تعالى (والوالدات يرضعن أولادهن) 123
36 قوله تعالى (وعلى المولود له رزقهن) 127
37 قوله تعالى (لا تضار والدة بولدها) 128
38 قوله تعالى (وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم) 131
39 عدة الوفاة 132
40 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم) 132
41 قوله تعالى (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به) 137
42 قوله تعالى (ولا تعزموا عقدة النكاح 141
43 حكم المطلقة قبل الدخول قوله تعالى (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن) 143
44 قوله تعالى (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) 149
45 قوله تعالى (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) 154
46 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا) 167
47 قوله تعالى (وللمطلقات متاع بالمعروف) 171
48 قوله تعالى (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت) 171
49 قوله تعالى (إن الله لذو فضل على الناس) 175
50 قوله تعالى (وقاتلوا في سبيل الله) 176
51 قوله تعالى (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا 176
52 قصة طالوت 180
53 قوله تعالى (ألم تر إلى الملا من بني إسرائيل) 180
54 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا) 183
55 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه) 186
56 قوله تعالى (فلما فصل طالوت بالجنود) 190
57 قوله تعالى (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) 196
58 قوله تعالى (فهزموهم باذن الله) 199
59 قوله تعالى (وآتاه الملك والحكمة) 200
60 قوله تعالى (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) الآية 206
61 قوله تعالى (ورفع بعضهم درجات) 214
62 قوله تعالى (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم) 217
63 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم) الآية 219