تفسير الرازي - الرازي - ج ٦ - الصفحة ٢١٠
السابق
أن ذلك يقتضي أن تكون مشتقه أكثر فلأنه كان إنسانا فردا من غير مال ولا أعوان وأنصار، فإذا قال لجميع العالمين: يا أيها الكافرون صار الكل أعداء له، وحينئذ يصير خائفا من الكل، فكانت المشقة عظيمة، وكذلك فإن موسى عليه السلام لما بعث إلى بني إسرائيل فهو ما كان يخاف أحدا إلا من فرعون وقومه، وأما محمد عليه السلام فالكل كانوا أعداء له، يبين ذلك أن إنسانا لو قيل له: هذا البلد الخالي عن الصديق والرفيق فيه رجل واحد ذو قوة وسلاح فاذهب إليه اليوم وحيدا وبلغ إليه خبرا يوحشه ويؤذيه، فإنه قلما سمحت نفسه بذلك، مع أنه إنسان واحد، ولو قيل له: اذهب إلى بادية بعيدة ليس فيها أنس ولا صديق، وبلغ إلى صاحب البادية كذا وكذا من الأخبار الموحشة لشق ذلك على الإنسان، أما النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان مأمورا بأن يذهب طول ليله ونهاره في كل عمره إلى الجن والإنس الذين لا عهد له بهم، بل المعتاد منهم أنهم يعادونه ويؤذونه ويستخفونه، ثم إنه عليه السلام لم يمل من هذه الحالة ولم يتلكأ، بل سارع إليها سامعا مطيعا، فهذا يقتضي أنه تحمل في إظهار دين الله أعظم المشاق، ولهذا قال تعالى: * (لا يستوي منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل) * (الحديد: 10) ومعلوم أن ذلك البلاء كان على الرسول صلى الله عليه وسلم، فإذا عظم فضل الصحابة بسبب تلك الشدة فما ظنك بالرسول، وإذا ثبت أن مشقته أعظم من مشقة غيره وجب أن يكون فضله أكثر من فضل غيره لقوله عليه السلام: " أفضل العبادات أحمزها ".
الحجة التاسعة: أن دين محمد عليه السلام أفضل الأديان، فيلزم أن يكون محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء، بيان الأول أنه تعالى جعل الإسلام ناسخا لسائر الأديان، والناسخ يجب أن يكون أفضل لقوله عليه السلام: " من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة " فلما كان هذا الدين أفضل وأكثر ثوابا، كان واضعه أكثر ثوابا من واضعي سائر الأديان، فيلزم أن يكون محمد عليه السلام أفضل من سائر الأنبياء.
الحجة العاشرة: أمة محمد صلى الله عليه وسلم أفضل الأمم، فوجب أن يكون محمد أفضل الأنبياء، بيان الأول قوله تعالى: * (كنتم خير أمة أخرجت للناس) * (آل عمران: 110) بيان الثاني أن هذه الأمة إنما نالت هذه الفضيلة لمتابعة محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: * (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) * (آل عمران: 31) وفضيلة التابع توجب فضيلة المتبوع، وأيضا أن محمدا صلى الله عليه وسلم أكثر ثوابا لأنه مبعوث إلى الجن والإنس، فوجب أن يكون ثوابه أكثر، لأن لكثرة المستجيبين أثرا في علو شأن المتبوع.
(٢١٠)
التالي
الاولى ١
٢٢٢ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (سل بني إسرائيل كم آتيناهم) 1
2 قوله تعالى (ومن يبدل نعمة الله) 2
3 قوله تعالى (زين للذين كفروا الحياة الدنيا) 3
4 قوله تعالى (ويسخرون من الذين آمنوا) 6
5 قوله تعالى (والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة) 7
6 قوله تعالى (والله يرزق من يشاء) 8
7 قوله تعالى (كان الناس أمة واحدة) 10
8 قوله تعالى (ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) 15
9 قوله تعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة) 17
10 قوله تعالى (ولما يأتكم مثل الذين خلوا) 18
11 قوله تعالى (يسألونك ماذا ينفقون) 22
12 قوله تعالى (كتب عليكم القتال) 26
13 قوله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) 27
14 قوله تعالى (يسألونك عن الشهر الحرام 29
15 قوله تعالى (إن الذين آمنوا والذين هاجروا) الآية 39
16 قوله تعالى (يسألونك عن الخمر والميسر) 41
17 قوله تعالى (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو) 49
18 ذم الخمر وذكر مضارها (بالهامش) للمصحح 49
19 قوله تعالى (ويسألونك عن اليتامى) 52
20 قوله تعالى (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) الآية 56
21 قوله تعالى (ويسألونك عن المحيض) 65
22 قوله تعالى (نساؤكم حرث لكم) الآية 74
23 قوله تعالى (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم) الآية 78
24 قوله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) الآية 80
25 قوله تعالى (للذين يؤلون من نسائهم) 84
26 قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن) الآية 90
27 قوله تعالى (وبعولتهن أحق بردهن) 98
28 قوله تعالى (وللرجال عليهن درجة) 100
29 قوله تعالى (الطلاق مرتان) 101
30 قوله تعالى (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا) 104
31 قوله تعالى (ألا أن يخافا ألا يقيما حدود الله) 106
32 قوله تعالى (فان طلقها فلا تحل له من بعد) 110
33 قوله تعالى (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن) 114
34 قوله تعالى (ولا تمسكوا ضرارا) 116
35 قوله تعالى (والوالدات يرضعن أولادهن) 123
36 قوله تعالى (وعلى المولود له رزقهن) 127
37 قوله تعالى (لا تضار والدة بولدها) 128
38 قوله تعالى (وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم) 131
39 عدة الوفاة 132
40 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم) 132
41 قوله تعالى (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به) 137
42 قوله تعالى (ولا تعزموا عقدة النكاح 141
43 حكم المطلقة قبل الدخول قوله تعالى (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن) 143
44 قوله تعالى (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) 149
45 قوله تعالى (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) 154
46 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا) 167
47 قوله تعالى (وللمطلقات متاع بالمعروف) 171
48 قوله تعالى (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت) 171
49 قوله تعالى (إن الله لذو فضل على الناس) 175
50 قوله تعالى (وقاتلوا في سبيل الله) 176
51 قوله تعالى (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا 176
52 قصة طالوت 180
53 قوله تعالى (ألم تر إلى الملا من بني إسرائيل) 180
54 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا) 183
55 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه) 186
56 قوله تعالى (فلما فصل طالوت بالجنود) 190
57 قوله تعالى (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) 196
58 قوله تعالى (فهزموهم باذن الله) 199
59 قوله تعالى (وآتاه الملك والحكمة) 200
60 قوله تعالى (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) الآية 206
61 قوله تعالى (ورفع بعضهم درجات) 214
62 قوله تعالى (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم) 217
63 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم) الآية 219