تفسير الرازي - الرازي - ج ٦ - الصفحة ٢٠٥
السابق
والمنازعات من الشريعة فكذا لا بد في تنفيذ الشريعة من الملك، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام " الإسلام والسلطان أخوان توأمان " وقال أيضا: " الإسلام أمير، والسلطان حارس، فما لا أمير له فهو منهزم، وما لا حارس له فهو ضائع " ولهذا يدفع الله تعالى عن المسلمين أنواع شرور الدنيا بسبب وضع الشرائع وبسبب نصب الملوك وتقويتهم، ومن قال بهذا القول قال في تفسير قوله: * (لفسدت الأرض) * أي لغلب على أهل الأرض القتل والمعاصي، وذلك يسمى فسادا قال الله تعالى: * (ويهلك الحرث والنسل والله لا يحب الفساد) * (البقرة: 205) وقال: * (أتريد أن تقتلني كما قتلت نفسا بالأمس إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين) * (القصص: 19) وقال: * (إني أخاف أن يبدل دينكم أو أن يظهر في الأرض الفساد) * (غافر: 26) وقال: * (أتذر موسى وقومه ليفسدوا في الأرض) * (الأعراف: 127) وقال: * (ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس) * (الروم: 41) وهذا التأويل يشهد له قوله في سورة الحج: * (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد) * (الحج: 40).
الاحتمال الرابع: ولولا دفع الله بالمؤمنين والأبرار عن الكفار والفجار، لفسدت الأرض ولهلكت بمن فيها، وتصديق هذا ما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يدفع بمن يصلي من أمتي عمن لا يصلي، وبمن يزكي عمن لا يزكي، وبمن يصوم عمن لا يصوم، وبمن يحج عمن لا يحج، وبمن يجاهد عمن لا يجاهد، ولو اجتمعوا على ترك هذه الأشياء لما أنظرهم الله طرفة عين " ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية على صحة هذا القول من القرآن قوله تعالى: * (وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما وكان أبوهما صالحا) * (الكهف: 82) وقال تعالى: * (ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات) * (الفتح: 25) إلى قوله: * (ولو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما) * (الفتح: 25) وقال: * (وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم) * (الأنفال: 33) ومن قال بهذا القول قال في تفسير قوله: * (لفسدت الأرض) * أي لأهلك الله أهلها لكثرة الكفار والعصاة.
والاحتمال الخامس: أن يكون اللفظ محمولا على الكل، لأن بين هذه الأقسام قدرا مشتركا وهو دفع المفسدة، فإذا حملنا اللفظ عليه دخلت الأقسام بأسرها فيه.
المسألة الثالثة: قال القاضي: هذه الآية من أقوى ما يدل على بطلان الجبر، لأنه إذا كان الفساد من خلقه فكيف يصلح أن يقول تعالى: * (ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض) * ويجب أن لا يكون على قولهم لدفاع الناس بعضهم ببعض تأثير في زوال الفساد وذلك لأن على قولهم الفساد إنما لا يقع بسبب أن لا يفعله الله تعالى ولا يخلقه لا لأمر يرجع إلى الناس.
والجواب: أن الله تعالى لما كان عالما بوقوع الفساد، فإذا صح مع ذلك العلم أن لا يفعل الفساد
(٢٠٥)
التالي
الاولى ١
٢٢٢ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (سل بني إسرائيل كم آتيناهم) 1
2 قوله تعالى (ومن يبدل نعمة الله) 2
3 قوله تعالى (زين للذين كفروا الحياة الدنيا) 3
4 قوله تعالى (ويسخرون من الذين آمنوا) 6
5 قوله تعالى (والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة) 7
6 قوله تعالى (والله يرزق من يشاء) 8
7 قوله تعالى (كان الناس أمة واحدة) 10
8 قوله تعالى (ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) 15
9 قوله تعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة) 17
10 قوله تعالى (ولما يأتكم مثل الذين خلوا) 18
11 قوله تعالى (يسألونك ماذا ينفقون) 22
12 قوله تعالى (كتب عليكم القتال) 26
13 قوله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) 27
14 قوله تعالى (يسألونك عن الشهر الحرام 29
15 قوله تعالى (إن الذين آمنوا والذين هاجروا) الآية 39
16 قوله تعالى (يسألونك عن الخمر والميسر) 41
17 قوله تعالى (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو) 49
18 ذم الخمر وذكر مضارها (بالهامش) للمصحح 49
19 قوله تعالى (ويسألونك عن اليتامى) 52
20 قوله تعالى (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) الآية 56
21 قوله تعالى (ويسألونك عن المحيض) 65
22 قوله تعالى (نساؤكم حرث لكم) الآية 74
23 قوله تعالى (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم) الآية 78
24 قوله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) الآية 80
25 قوله تعالى (للذين يؤلون من نسائهم) 84
26 قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن) الآية 90
27 قوله تعالى (وبعولتهن أحق بردهن) 98
28 قوله تعالى (وللرجال عليهن درجة) 100
29 قوله تعالى (الطلاق مرتان) 101
30 قوله تعالى (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا) 104
31 قوله تعالى (ألا أن يخافا ألا يقيما حدود الله) 106
32 قوله تعالى (فان طلقها فلا تحل له من بعد) 110
33 قوله تعالى (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن) 114
34 قوله تعالى (ولا تمسكوا ضرارا) 116
35 قوله تعالى (والوالدات يرضعن أولادهن) 123
36 قوله تعالى (وعلى المولود له رزقهن) 127
37 قوله تعالى (لا تضار والدة بولدها) 128
38 قوله تعالى (وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم) 131
39 عدة الوفاة 132
40 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم) 132
41 قوله تعالى (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به) 137
42 قوله تعالى (ولا تعزموا عقدة النكاح 141
43 حكم المطلقة قبل الدخول قوله تعالى (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن) 143
44 قوله تعالى (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) 149
45 قوله تعالى (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) 154
46 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا) 167
47 قوله تعالى (وللمطلقات متاع بالمعروف) 171
48 قوله تعالى (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت) 171
49 قوله تعالى (إن الله لذو فضل على الناس) 175
50 قوله تعالى (وقاتلوا في سبيل الله) 176
51 قوله تعالى (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا 176
52 قصة طالوت 180
53 قوله تعالى (ألم تر إلى الملا من بني إسرائيل) 180
54 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا) 183
55 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه) 186
56 قوله تعالى (فلما فصل طالوت بالجنود) 190
57 قوله تعالى (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) 196
58 قوله تعالى (فهزموهم باذن الله) 199
59 قوله تعالى (وآتاه الملك والحكمة) 200
60 قوله تعالى (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) الآية 206
61 قوله تعالى (ورفع بعضهم درجات) 214
62 قوله تعالى (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم) 217
63 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم) الآية 219