تفسير الرازي - الرازي - ج ٦ - الصفحة ١٢٩
السابق
المسألة الثالثة: المعتزلة تمسكوا بهذه الآية على أن الله تعالى لا يكلف العباد إلا ما يقدرون عليه، لأنه أخبر أنه لا يكلف أحدا إلا ما تتسع له قدرته، والوسع فوق الطاقة، فإذا لم يكلفه الله تعالى ما لا تتسع له قدرته، فبأن لا يكلفه ما لا قدرة له عليه أولى.
ثم قال: * (لا تضار والدة بولدها) * وفيه مسائل:
المسألة الأولى: قرأ ابن كثير وأبو عمرو وقتيبة عن الكسائي * (لا تضار) * بالرفع والباقون بالفتح، أما الرفع فقال الكسائي والفراء إنه نسق على قوله: * (لا تكلف) * قال علي بن عيسى: هذا غلط لأن النسق بلا إنما هو إخراج الثاني مما دخل فيه الأول نحو: ضربت زيدا لا عمرا فأما أن يقال: يقوم زيد لا يقعد عمرو، فهو غير جائز على النسق، بل الصواب أنه مرفوع على الاستئناف في النهي كما يقال: لا يضرب زيد لا تقتل عمرا وأما النصب فعلى النهي، والأصل لا تضار فأدغمت الراء الأولى في الثانية وفتحت الثانية لالتقاء الساكنين، يقال: يضارر رجل زيدا، وذلك لأن أصل الكلمة التضعيف، فأدغمت إحدى الراءين في الأخرى، فصار لا تضار، كما تقول: لا تردد ثم تدغم فتقول: لا ترد بالفتح قال تعالى: * (يا أيها الذين آمنوا من يرتد منكم عن دينه) * (المائدة: 54) وقرأ الحسن: * (لا تضار) * بالكسر وهو جائز في اللغة، وقرأ أبان عن عاصم * (لا تضار) * مطهرة الراء مكسورة على أن الفعل لها. المسألة الثانية: قوله: * (لا تضار) * يحتمل وجهين كلاهما جائز في اللغة، وإنما احتمل الوجهين نظرا لحال الإدغام الواقع في تضار أحدهما: أن يكون أصله لا تضار بكسر الراء الأولى، وعلى هذا الوجه تكون المرأة هي الفاعلة للضرار والثاني: أن يكون أصله لا تضارر بفتح الراء الأولى فتكون المرأة هي المفعول بها الضرار، وعلى الوجه الأول يكون المعنى: لا تفعل الأم الضرار بالأب بسبب إيصال الضرار إلى الولد، وذلك بأن تمتنع المرأة من إرضاعه مع أن الأب ما امتنع عليها في النفقة من الرزق والكسوة، فتلقى الولد عليه، وعلى الوجه الثاني معناه: لا تضارر، أي لا يفعل الأب الضرار بالأم فينزع الولد منها مع رغبتها في إمساكها وشدة محبتها له، وقوله: * (ولا مولود له بولده) * أي: ولا تفعل الأم الضرار بالأب بأن تلقى الولد عليه، والمعنيان يرجعان إلى شيء واحد، وهو أن يغيظ أحدهما صاحبه بسبب الولد.
فإن قيل: لم قال * (تضار) * والفعل لواحد؟.
قلنا لوجوه أحدها: أن معناه المبالغة، فإن إيذاء من يؤذيك أقوى من إيذاء من لا يؤذيك والثاني: لا يضار الأم والأب بأن لا ترضع الأم أو يمنعها الأب وينزعه منها والثالث: أن المقصود
(١٢٩)
التالي
الاولى ١
٢٢٢ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (سل بني إسرائيل كم آتيناهم) 1
2 قوله تعالى (ومن يبدل نعمة الله) 2
3 قوله تعالى (زين للذين كفروا الحياة الدنيا) 3
4 قوله تعالى (ويسخرون من الذين آمنوا) 6
5 قوله تعالى (والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة) 7
6 قوله تعالى (والله يرزق من يشاء) 8
7 قوله تعالى (كان الناس أمة واحدة) 10
8 قوله تعالى (ليحكم بين الناس فيما اختلفوا فيه) 15
9 قوله تعالى (أم حسبتم أن تدخلوا الجنة) 17
10 قوله تعالى (ولما يأتكم مثل الذين خلوا) 18
11 قوله تعالى (يسألونك ماذا ينفقون) 22
12 قوله تعالى (كتب عليكم القتال) 26
13 قوله تعالى (وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) 27
14 قوله تعالى (يسألونك عن الشهر الحرام 29
15 قوله تعالى (إن الذين آمنوا والذين هاجروا) الآية 39
16 قوله تعالى (يسألونك عن الخمر والميسر) 41
17 قوله تعالى (ويسألونك ماذا ينفقون قل العفو) 49
18 ذم الخمر وذكر مضارها (بالهامش) للمصحح 49
19 قوله تعالى (ويسألونك عن اليتامى) 52
20 قوله تعالى (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن) الآية 56
21 قوله تعالى (ويسألونك عن المحيض) 65
22 قوله تعالى (نساؤكم حرث لكم) الآية 74
23 قوله تعالى (ولا تجعلوا الله عرضة لايمانكم) الآية 78
24 قوله تعالى (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم) الآية 80
25 قوله تعالى (للذين يؤلون من نسائهم) 84
26 قوله تعالى (والمطلقات يتربصن بأنفسهن) الآية 90
27 قوله تعالى (وبعولتهن أحق بردهن) 98
28 قوله تعالى (وللرجال عليهن درجة) 100
29 قوله تعالى (الطلاق مرتان) 101
30 قوله تعالى (ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا) 104
31 قوله تعالى (ألا أن يخافا ألا يقيما حدود الله) 106
32 قوله تعالى (فان طلقها فلا تحل له من بعد) 110
33 قوله تعالى (وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن) 114
34 قوله تعالى (ولا تمسكوا ضرارا) 116
35 قوله تعالى (والوالدات يرضعن أولادهن) 123
36 قوله تعالى (وعلى المولود له رزقهن) 127
37 قوله تعالى (لا تضار والدة بولدها) 128
38 قوله تعالى (وإن أردتم أن تسترضعوا أولادكم) 131
39 عدة الوفاة 132
40 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم) 132
41 قوله تعالى (ولا جناح عليكم فيما عرضتم به) 137
42 قوله تعالى (ولا تعزموا عقدة النكاح 141
43 حكم المطلقة قبل الدخول قوله تعالى (لا جناح عليكم إن طلقتم النساء ما لم تمسوهن) 143
44 قوله تعالى (وإن طلقتموهن من قبل أن تمسوهن) 149
45 قوله تعالى (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) 154
46 قوله تعالى (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا) 167
47 قوله تعالى (وللمطلقات متاع بالمعروف) 171
48 قوله تعالى (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت) 171
49 قوله تعالى (إن الله لذو فضل على الناس) 175
50 قوله تعالى (وقاتلوا في سبيل الله) 176
51 قوله تعالى (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا 176
52 قصة طالوت 180
53 قوله تعالى (ألم تر إلى الملا من بني إسرائيل) 180
54 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا) 183
55 قوله تعالى (وقال لهم نبيهم إن آية ملكه) 186
56 قوله تعالى (فلما فصل طالوت بالجنود) 190
57 قوله تعالى (كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) 196
58 قوله تعالى (فهزموهم باذن الله) 199
59 قوله تعالى (وآتاه الملك والحكمة) 200
60 قوله تعالى (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) الآية 206
61 قوله تعالى (ورفع بعضهم درجات) 214
62 قوله تعالى (ولو شاء الله ما اقتتل الذين من بعدهم) 217
63 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم) الآية 219