تفسير الرازي - الرازي - ج ٤ - الصفحة ٧٤
السابق
ونظمه معجزا لمحمد صلى الله عليه وسلم، ومنها أن يكون في تلاوته نوع عبادة وطاعة، ومنها أن تكون قراءته في الصلوات وسائر العبادات نوع عبادة، فهذا حكم التلاوة إلا أن الحكمة العظمى والمقصود الأشرف تعليم ما فيه من الدلائل والأحكام، فإن الله تعالى وصف القرآن بكونه هدى ونورا لما فيه من المعاني والحكم والأسرار، فلما ذكر الله تعالى أولا أمر التلاوة ذكر بعده تعليم حقائقه وأسراره فقال: * (ويعلمهم الكتاب) *. الصفة الثالثة: من صفات الرسول صلى الله عليه وسلم قوله: (والحكمة) أي ويعلمهم الحكمة. واعلم أن الحكمة هي: الإصابة في القول والعمل، ولا يسمى حكيما إلا من اجتمع له الأمران وقيل: أصلها من أحكمت الشيء أي رددته، فكأن الحكمة هي التي ترد عن الجهل والخطأ، وذلك إنما يكون بما ذكرنا من الإصابة في القول والفعل، ووضع كل شيء موضعه. قال القفال: وعبر بعض الفلاسفة عن الحكمة بأنها التشبه بالإله بقدر الطاقة البشرية. واختلف المفسرون في المراد بالحكمة ههنا على وجوه. أحدها: قال ابن وهب قلت لمالك: ما الحكمة؟ قال: معرفة الدين، والفقه فيه، والاتباع له. وثانيها: قال الشافعي رضي الله عنه: الحكمة سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهو قول قتادة، قال أصحاب الشافعي رضي الله عنه: والدليل عليه أنه تعالى ذكر تلاوة الكتاب أولا وتعليمه ثانيا ثم عطف عليه الحكمة فوجب أن يكون المراد من الحكمة شيئا خارجا عن الكتاب، وليس ذلك إلا سنة الرسول عليه السلام. فإن قيل: لم لا يجوز حمله على تعليم الدلائل العقلية على التوحيد والعدل والنبوة؟ قلنا: لأن العقول مستقبلة بذلك فحمل هذا اللفظ على ما لا يستفاد من الشرع أولى. وثالثها: الحكمة هي الفصل بين الحق والباطل، وهو مصدر بمعنى الحكم، كالقعدة والجلسة. والمعنى: يعلمهم كتابك الذي تنزله عليهم، وفصل أقضيتك وأحكامك التي تعلمه إياها، ومثال هذا: الخبر والخبرة، والعذر والعذرة، والغل والغلة، والذل والذلة. ورابعها: ويعلمهم الكتاب أراد به الآيات المحكمة. (والحكمة) أراد بها الآيات المتشابهات. وخامسها: * (يعلمهم الكتاب) * أي يعلمهم ما فيه من الأحكام. (والحكمة) أراد بها أنه يعلمهم حكمة تلك الشرائع وما فيها من وجوه المصالح والمنافع، ومن الناس من قال: الكل صفات الكتاب كأنه تعالى وصفه بأنه آيات، وبأنه كتاب، وبأنه حكمة. الصفة الرابعة: من صفات الرسول صلى الله عليه وسلم: قوله: " ويزكيهم " واعلم أن كمال حال الإنسان في أمرين. أحدهما: أن يعرف الحق لذاته. والثاني: أن يعرف الخير لأجل العمل به، فإن أخل بشيء من هذين الأمرين لم يكن طاهرا عن الرذائل والنقائص، ولم يكن زكيا عنها، فلما ذكر صفات الفضل والكمال أردفها بذكر التزكية عن الرذائل والنقائص، فقال: (ويزكيهم) واعلم أن الرسول لا قدرة له على التصرف في بواطن المكلفين، وبتقدير أن تحصل له هذه القدرة
(٧٤)
التالي
الاولى ١
٢٣٩ الاخيرة
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 قوله تعالى (وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة) الآية 1
2 فضل النية 3
3 تفسير قوله صلى الله عليه وسلم (نية المؤمن خير من عمله) 4
4 أقسام الأعمال 5
5 قوله تعالى (وقالت اليهود ليست النصارى على شئ) 6
6 قوله تعالى (ومن أظلم ممن منع مساجد الله) الآية 8
7 أحكام المساجد 12
8 حكم دخول الكافر المسجد 17
9 قوله تعالى (ولله المشرق والمغرب) الآية 19
10 نفي التجسيم وإثبات التنزيه 22
11 قوله تعالى (وقالوا اتخذ الله ولدا سبحانه) الآية 24
12 قوله تعالى (وقال الذين لا يعلمون لولا يكلمنا الله) الآية 30
13 قوله تعالى (إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا) الآية 32
14 قوله تعالى (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى) الآية 33
15 قوله تعالى (الذين آتيناهم الكتاب يتلونه حق تلاوته) الآية 34
16 قوله تعالى (يا بني إسرائيل اذكروا نعمتي) الآية 35
17 قوله تعالى (وإذا ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن) الآية 35
18 قوله تعالى (إني جاعلك للناس إماما) 42
19 قوله تعالى (قال لا ينال عهدي الظالمين) عصمة الأنبياء 47
20 قوله تعالى (وإذ جعلنا البيت مثابة للناس) 49
21 مقام إبراهيم عليه السلام 52
22 فضائل الحجر والمقام 56
23 قوله تعالى (وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا) الآية 58
24 قوله تعالى (وإذ يرفع إبراهيم القواعد 61
25 قوله تعالى (وأرنا مناسكنا) الآية 67
26 الجواب على من جوز الذنب على الأنبياء 69
27 قوله تعالى (ربنا وابعث فيهم رسولا منهم) الآية 71
28 قوله تعالى (ومن يرغب عن ملة إبراهيم) 75
29 قوله تعالى (إذ قال له ربه أسلم) الآية 78
30 قوله تعالى (ووصى بها إبراهيم بنيه ويعقوب) الآية 79
31 قوله تعالى (أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت) الآية 80
32 الدلالة على بطلان التقليد 86
33 قوله تعالى (وقالوا كونوا هودا أو نصارى) الآية 88
34 قوله تعالى (بل ملة إبراهيم حنيفا) الآية 89
35 قوله تعالى (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا) الآية 90
36 قوله تعالى (فان آمنوا بمثل ما آمنتم به) 92
37 قوله تعالى (وان تولوا فإنما هم في شقاق) 93
38 قوله تعالى (صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة) الآية 94
39 قوله تعالى (أتحاجوننا في الله وهو ربنا وربكم) الآية 96
40 قوله تعالى (أم تقولون ان إبراهيم وإسماعيل) الآية 97
41 قوله تعالى (قل أأنتم أعلم أم الله) الآية 98
42 قوله تعالى (ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله) الآية 98
43 قوله تعالى (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت) الآية 99
44 قوله تعالى (سيقول السفهاء من الناس ما ولاهم عن قبلتهم) الآية 100
45 القبلة 102
46 قوله تعالى (قل الله المشرق والمغرب) 103
47 قوله تعالى (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) 107
48 الدليل على أن فعل العبد مخلوق لله تعالى 108
49 الدليل على أن اجماع الأمة حجة 109
50 قوله تعالى (وما جعلنا القبلة التي كنت عليها) الآية 114
51 قوله تعالى (إلا لنعلم من يتبع الرسول) 115
52 قوله تعالى (إلا على الذين هدى الله) 118
53 قوله تعالى (وما كان الله ليضيع إيمانكم) 118
54 قوله تعالى (قد نرى تقلب وجهك في السماء) الآية 121
55 تحويل القبلة 122
56 قوله تعالى (فلنولينك قبلة ترضاها) الآية 124
57 قوله تعالى (فول وجهك شطر المسجد الحرام) الآية 125
58 دلائل القبلة 129
59 قوله تعالى (وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره) الآية 137
60 قوله تعالى (ولئن أتيت الذين أوتوا الكتاب) الآية 138
61 قوله تعالى (وما أنت بتابع قبلتهم) الآية 140
62 قوله تعالى (وما بعضهم بتابع قبلة بعض 141
63 قوله تعالى (من بعد ما جاءك من العلم) 142
64 قوله تعالى (إنك إذا لمن الظالمين) الآية 142
65 قوله تعالى (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه) الآية 143
66 قوله تعالى (الحق من ربك فلا تكونن من الممترين) 144
67 قوله تعالى (ولكل وجهة هو موليها) 146
68 قوله تعالى (فاستبقوا الخيرات) الآية 148
69 قوله تعالى (أينما تكونوا يأت بكم الله جميعا) الآية 152
70 قوله تعالى (ومن حيث خرجت فول وجهك) الآية 153
71 قوله تعالى (وما الله بغافل عما تعملون) 155
72 قوله تعالى (لئلا يكون للناس عليكم حجة) الآية 155
73 قوله تعالى (فلا تخشوهم واخشوني) 157
74 قوله تعالى (ولأتم نعمتي عليكم) الآية 157
75 قوله تعالى (كما أرسلنا فيكم رسولا منكم) 158
76 قوله تعالى (يتلو عليكم آياتنا) الآية 159
77 قوله تعالى (فاذكروني أذكركم) الآية 160
78 قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة) الآية 161
79 قوله تعالى (ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات) الآية 162
80 قوله تعالى (ولنبلونكم بشئ من الخوف والجوع) الآية 167
81 فضيلة الصبر 170
82 قوله تعالى (الذين إذا أصابتهم مصيبة) 172
83 قوله تعالى (إنا لله وإنا إليه راجعون) 173
84 قوله تعالى (إن الصفا والمروة من شعائر الله) الآية 175
85 قوله تعالى (ومن تطوع خيرا) الآية 180
86 قوله تعالى (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات) الآية 181
87 قوله تعالى (إلا الذين تابوا وأصلحوا) 185
88 معنى الخلود 187
89 قوله تعالى (وإلهكم إله واحد) الآية 189
90 قوله تعالى (إن في خلق السماوات والأرض) الآية 199
91 الفصل الأول: في ترتيب الأفلاك 202
92 أعداد الأفلاك 203
93 الفصل الثاني: في معرفة الأفلاك 206
94 الفصل الثالث: في مقادير الحركات 208
95 الفصل الرابع: في كيفية الاستدلال على وجود الصانع 210
96 الفصل الأول في بيان أحوال الأرض 213
97 المواضع العديمة العرض 213
98 المواضع التي لها عرض 213
99 كرية الأرض 216
100 الفصل الثاني في الاستدلال بأحوال الأرض على وجود الصانع تعالى 217
101 اختلاف الليل والنهار 217
102 ذكر البحور 219
103 الاستدلال بجريان الفلك في البحر على وجود الصانع تعالى 221
104 تصريف الرياح 225
105 قوله تعالى (ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا) الآية 228
106 قوله تعالى (والذين آمنوا أشد حبا لله) 230
107 معنى الشوق إلى الله تعالى 232
108 قوله تعالى (ولو يرى الذين ظلموا إذ يرون العذاب) الآية 234
109 قوله تعالى (وتقطعت بهم الأسباب) 236
110 قوله تعالى (كذلك يريهم الله أعمالهم حسرات) الآية 238
111 قوله تعالى (وما هم بخارجين من النار) 238